تركيا تعود
    

هادي جلو مرعي
لايشك أحد في النوايا التركية الرامية الى وقف تمدد الكرد الذين يبحثون
عن وجود خاص بهم بعد قرون من العبودية للأمم التي تحيطهم بهم من ترك وفرس
وعرب، والقمع الذي تعرضوا له على أيدي الحكومات المتعاقبة في بلدان قوية
ترفض على الدوام منحهم حقوقهم المشروعة في الإستقلال والحرية وبناء
مستقبل الدولة الموعودة، ولايشك أحد في أن تركيا لن تهادن طويلا، وإن حزب
العمال الكردستاني المعارض سوف يعود للقتال بشراسة، ومن سنتين عندما
إستبشر العالم خيرا بالإتفاق بين الحكومة التركية والزعيم عبدالله أوجلان
والتظاهرات المؤيدة الصاخبة لمشروع المصالحة قلت في حديث لقناة الكوثر
الإيرانية، إن الحرب بين الترك والكرد وجودية وليست حرب خلافات سياسية
وسرعان ماتنتهي، بل هي حرب لاتنتهي إلا بقبول الترك بمطالب الأمة الكردية
وإلا فالحرب ستستمر وسرعان ماسيعود المقاتلون الأكراد الى إستهداف الجيش
التركي بعزيمة أكبر، وستعود تركيا كالعادة الى التوغل داخل الأراضي
العراقية في إقليم كردستان ولن يعترضها أحد وهاهو السيد أوغلو يصرح بأن
مسعود برزاني لايمانع في التدخل التركي ضد حزب العمال وهو يتفهم المخاوف
التركية، بينما يمكن القول إن الضربات المتبادلة بين داعش والأتراك هي
محاولة للتغطية على الهدف الأكبر وهو ضرب الأكراد، فليس من مشكلة بين
أنقرة وحليفتها داعش على الإطلاق بل هي تقوم بواجب خلق الذرائع في سوريا
وفي العراق لتدخل تركي بحجة مواجهة التنظيم المتشدد بينما الغاية هي
الحرب على الأكراد.
الواضح إن تركيا تقوم بمهام صعبة لمواجهة التحديات التي يفرضها المتمردون
الأكراد وتريد خلق المبررات لذلك التدخل، وقد حصل بمجرد قيام داعش بتفجير
سيارة مفخخة في مدينة سروج الكردية داخل الأراضي التركية، ثم قيام حزب
العمال بقتل عناصر من الشرطة التركية متهمين بالتواطئ مع التنظيم
المتطرف، ومعلوم إن داعش نجحت في تقويض جهود الأكراد الترك والعراقيين
والسوريين على حد سواء المطالبين بمشروع الدولة الكردية، وجعلتهم في موقع
الدفاع من أجل البقاء حيث يهاجم عناصر داعش مدن "القامشلي والحسكة وعين
العرب وأربيل وكركوك" ومدن في العراق تقطنها أسر كردية، وهو مادفع
الأكراد الى تغيير إستراتيجيتهم والكشف عن نوايا مختلفة للحفاظ على كيان
الأمة الكردية المهدد، بينما ربحت تركيا ولو مؤقتا، ويبدو أن إدراك حزب
العمال للنوايا التركية وتيقن الكرد من عدم جدية أنقرة في تقديم
التنازلات وإستخدامها لداعش في ضربهم دفعهم لإعلان إنتهاء ماسمي بالهدنة
والبدء بحرب شاملة ضد المصالح التركية.
الفترة المقبلة ستكون حافلة بتطورات غير مسبوقة وماعلينا إلا الترقب فهو
كفيل بكشف المستور.

محرر الموقع : 2015 - 07 - 28