ممثل المرجعية العليا في اوربا يقول: لو ان المسلمين التزموا بمحاسبة انفسهم على الصغيرة قبل الكبيرة من افعالهم واعمالهم لما ظُلم العباد
    

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة بمركز عابس في مدينة كولن الالمانية مفتتحا خطابه بقول سابع ائمة المسلمين الامام موسى بن جعفر (ع) 
(ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فان عمل خيرا استزاد الله منه وحمد الله عليه، وان عمل شرا استغفر الله وتاب اليه)

ان هذا الحديث وغيره من احاديث النبي (ص) والعترة الطاهرة (ع) في محاسبة النفس توضح لنا امرا اخلاقيا وتربويا هاما اذا التزمنا به نصل الى درجات الكمال العليا ويكون يومنا افضل من امسنا وبذلك نتطلع الى مستقبل اخروي عامر بالباقيات الصالحات والنعيم المقيم. 

هذا ولتوضيح فكرة المحاسبة نقول التالي:
ان الناس يتقنون فنون المحاسبة المالية والقوانين المتبعة في هذا المجال ويقوم التجار وأصحاب المهن والصناعات بتوظيف محاسب مالي للوقوف على واقع الأمر في استعلام ما حققته شركاتهم ومصانعهم من أرباح أو تكبدته من خسائر وبعد ذلك يقرّرون المتابعة في النمط الذي كانوا عليه سابقاً أو العدول عنه حين اكتشاف ثغرات سبّبت تراجعاً في مستوى إنتاجهم، وربما لا تجد مشروعاً تجارياً في العالم إلا ويخضع لهذه العملية الحسابية وما ذلك إلا للمحافظة على رؤوس الأموال وتلافي النقصان والخسران المودي إلى انهيار هذه الشركة أو تلك، ويمكننا أن نعبّر عن تلك العملية أنها صمّام الأمان والصون وبها ضمانة الاستمرار. 

فلماذا لا نطبق هذا المبدأ على المحاسبة الدينية بحيث يكون معنى الربح هو الجنة ومعنى الخسارة هو النار إن لم يبادر الخاسر إلى جبران خسارته بالتوبة النصوح والعمل الصالح. فكيف بهذا الإنسان تنام عيناه عن محاسبة نفسه ومعرفة حقيقة حاله وهو شديد الحساب في ماله الفاني لقاء الحصول على دراهم معدودة يتركها لغيره ويبقى الوزر على ظهره؟! هذا اولا. 

والسؤال الثاني: كيف نحاسب انفسنا ؟ فهذا ما اجابنا عليه باب مدينة العلم الامام علي بن ابي طالب (ع) بقوله (إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال: يا نفس إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبداً، والله سائلك عنه فيما أفنيته فما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله أم حمدتيه؟ أقضيت حق أخ مؤمن؟ أنفّست عنه كربته؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلّفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن...؟ فيذكر ما كان منه، فإن ذكر أنه جرى منه خير حمد الله عزَّ وجلّ‏َ وكبّره على توفيقه، وإن ذكر معصية أو تقصيراً استغفر الله عزَّ وجلّ‏َ وعزم على ترك معاودته) 

وينبغي للانسان ان يخاطب نفسه بقول امير المؤمنين (ع) (يا نفس إذا رغبت عن أن تكوني في زمرة المقرّبين من الأولياء والمؤمنين والأنبياء والمرسلين في جوار رب العالمين، لتكوني من جملة الهالكين لقد خسرت الدنيا والدين.. يا نفس من كانت الدنيا همه كثر في الآخرة غمّه، يا نفس إن الدنيا دار مفر والآخرة دار مقر والناس فيها رجلان، رجل باع نفسها فأوبقها، ورجل ابتاع نفسه فأعتقه) 

ولعل السائل يسأل ما هي ثمرة هذه المحاسبة ؟ فنقول هناك خمس ثمراتترشدنا اليه الاحاديث المعتبرة عن ائمة اهل البيت (ع): 

1- السعادة : (من حاسب نفسه سعد)

2- صلاح النفس : (ثمرة المحاسبة صلاح النفس)

3- الأمن من المداهنة : (من تعاهد نفسه بالمحاسبة أمن فيها المداهنة)

4- دوام الربح : (من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر ومن خاف أمن)

5- إدراك الرغائب وبها ضمانة الاستمرار :يقول مولى المتقين (ع) (حاسبوا أنفسكم تأمنوا من الله الرهب وتدركوا عنده الرغب) 

وبعد المرور بهذه النقاط الحساسة نقول : 
فلو ان جميع المسلمين التزموا بهذا المبدأ الاخلاقي يوميا وحاسبوا انفهسم كما يحاسب الشريك شريكه والسيد عبده لما ظُلم احد من العباد.

نسال الله سبحانه وتعالى ان ينبهنا من نومة الغافلين فانه ارحم الراحمين

 

محرر الموقع : 2018 - 02 - 16