لعبة سياسية جديدة بين واشنطن وتنظيم "داعش" الإرهابي
    

كتب "رضا دهقان" في مقال له: مرة أخرى تستقطب الهجمات الهزيلة للطائرات الأميركية في شمال العراق الأنظار نحو واقع تعامل البيت الأبيض مع الحركات الإرهابية في الشرق الأوسط ولكن هل أن ضرب بعض الأهداف المزعومة لداعش هو الهدف أم أن هناك أهدافا أخرى غير مصرح بها كما هو ديدن السياسة الأميركية؟

المواجهة بين واشنطن وتنظيم داعش الإرهابي في شمال العراق تثير العديد من التساؤلات بين المعنيين بأمن المنطقة ووسائل الإعلام فما هي حقيقة الضربات الهزيلة التي لا تسمن ولاتغني من جوع والتي اثارت سخرية الدواعش انفسهم؟ لا يختلف اثنان في ان سياسة البيت الابيض خلال الآونة الاخيرة وبالتحديد بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر قد دخلت مرحلة جديدة من الخطط التي وضعت مسبقاً وفي هذه المرحلة اوكلت الادارة الاميركية تنفيذ اهدافها للحركات التكفيرية التي انشأتها في افغانستان في عقد الثمانينيات وزودتها بالدعم المالي والتسليحي والاعلامي، وهذه الحركات تجمعت فيما بعد تحت لواء تنظيم القاعدة الوهابي الارهابي.

واما تنظيم داعش الارهابي الذي ولد من رحم تنظيم القاعدة الارهابي والذي يعد نسخة طبق الاصل للبنية التكفيرية التي وضع الامريكان اسسها في افغانستان قد اوكل الى اعضائه مهمة اخرى اكثر صعوبة من المهام السابقة حيث تمثلت في تعقيد اوضاع المنطقة اكثر مما مضى لان الولايات المتحدة لم تحقق اهدافها بالكامل رغم العمليات الارهابية التي زعزعت امن المنطقة والعالم برمته.

فاعضاء هذا التنظيم الارهابي قد واصلوا العمل بالبرنامج الذي وضعه لهم اسيادهم في واشنطن وتل ابيب لدخول مرحلة جديدة وهذا الامر اكد عليه الخبير في الامن الاميركي سكوت ريكارد اذ قال: "تنظيم داعش يعمل وفق السيناريو الذي حدده له الأمريكان وحلفاؤهم وهو السعي لترويج الفوضى والحروب الاستنزافية في المنطقة... الولايات المتحدة الاميركية في الواقع قد خلقت قاعدة اخرى بعد ان زعمت انها قضت على تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش هو قاعدة مهولة اخرى".

وقبل ايام نشر احد المواقع الخبرية الرسمية الموثقة في الولايات المتحدة تقريراً نقل فيه تصريحاً لمسؤول اردني رفيع المستوى يفيد بان واشنطن ارسلت خبراء عسكريين على اعلى المستويات في عام 2012م وقامت بتدريب اعضاء تنظيم داعش الارهابي في معسكر سري في الاردن كما ان ادوارد سنودن الذي فضح الاعيب الاميركان في العالم قد اكد مراراً وعرض ادلة دامغة على ضلوع واشنطن في دعم وتدريب وتسليح هذا التنظيم الارهابي البغيض وقال في احدى تصريحاته: "المخابرات الاميركية والبريطانية والاسرائيلية ضالعة في تاسيس ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) حيث قاموا بتنفيذ هذا المخطط في اطار برنامج دقيق لاستقطاب المقاتلين المتطرفين من كل ارجاء العالم".

والاغرب من ذلك هو ما كتبته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون في مذكراتها حيث قالت: "لقد اتفقنا على ان تعلن الدولة الاسلامية (داعش) عن تاسيسها في الخامس من شهر تموز عام 2013م وكنا نترقب نحن وشركاؤنا الاوروبيون هذا اليوم بفارغ الصبر لكي نعترف بهذه الدولة رسمياً " مما ادى الى اثارة حفيظة وزير الخارجية اللبناني وطالب السفير الاميركي في بيروت بتقديم توضيحات حول الامر.

وهذه حقيقة التي لا يمكن التغاضي عنها بوجه فالمخابرات الاميركية والكيان الاسرائيلي هما من اسسا تنظيم داعش الارهابي المتقوم على الفكر الوهابي التكفيري وما يدل على ذلك بوضوح هو ان كل تصرفات ارهابيي داعش تنصب في خدمة المصالح الاميركية الصهيونية وما عجز اعداء الاسلام عن تحقيقه في تشويه صورة الاسلام البهية وزرع الرعب في نفوس الشعوب بواسطة الاسلاموفوبيا قد حققته هذه الزمرة الاجرامية لذا فان دعمها يعد من اولويات السياسة الخارجية لواشنطن.

واما بالنسبة للضربات الهزيلة التي توجهها الطائرات الامريكية لبعض الاهداف المزعومة في صحراء الموصل شمالي العراق والتي اكد بعض الخبراء على انها لعبة قذرة هدفها خداع الراي العام العالمي والراي العام الاميركي فهناك احتمالان يطرحان حولها وهما عبارة عن:

الاحتمال الاول: ربما انقلب السحر على الساحر وبعد ان قويت شوكة تكفيريي داعش توصلت واشنطن الى ان هذا التنظيم الارهابي يهدد مصالحها في المنطقة.

الاحتمال الثاني: ليست هناك اية مواجهة عسكرية وهذه الضربات ليست سوى هواء في شبك واكاذيب مفضوحة.

اما الاحتمال الاول فهو ضعيف اذ ليس من المنطق ان ترتكب واشنطن هذا الخطأ الاستراتيجي الفادح ولكن الاحتمال الثاني هو الاقوى لاسباب عديدة ويؤيد ذلك ما قاله المنظر الاميركي مورغينتا الذي اكد على ان السياسة الخارجية للبلدان الكبرى ترتكز على ثلاثة محاور اساسية هي:

1 ) اكتساب القوة
2 ) الحفاظ على القوة
3 ) استعراض القوة

وعلى هذا الاساس فان واشنطن تعمل على تحقيق هذه الاهداف الثلاثة في شمال العراق وتستعرض قدراتها العسكرية هناك نظراً للموقع الاسترايتيجي لهذه المنطقة المحاذية لسوريا والاردن وتركيا وايران بل وهناك اهداف استراتيجية اخرى غير مصرح بها سوف يشهدها العالم فيما بعد.

وهذا الامر ثابت بالادلة الدامغة اذ لم يحقق الطيران الاميركي اي انجاز على الصعيد العسكري منذ الضربة الاولى التي لا احد يعلم مدى حقيقتها والاهداف التي تم تدميرها لانها ليست سوى ضربات استعراضية هزيلة لا نفع فيها الا لارهابيي داعش الذين استثمروها لكسب دعم وهابي اوسع بذريعة الدفاع عن كيانهم.

محرر الموقع : 2014 - 08 - 31