لاجئون وظفوا الفيسبوك في خدمة التعليم الجامعي
    

لا يقتصر دور الفيسبوك على التواصل مع العائلة والأصدقاء، بل يتعداه إلى توظيفه لخدمة غايات أخرى. بعض الطلاب الجامعيون وظفوا الفيسبوك لتزويد آخرين بالمعلومات الضرورية وتحسين فرص قبول اللاجئين في الجامعات.

حطت كل من المهندسة سوزان شرابي وطالبة طب الأسنان ديما تيزيري (23 عاماً) رحالهما قبل أكثر من سنة ونصف في ألمانيا. لا تعرف الفتاتان بعضهما البعض، غير أن عدة آمال وآلام جمعت بينهما: السعي للتحصيل العلمي العالي والفيسبوك. نعم، الفيسبوك. نصح الكثيرون سوزان "بالابتعاد عن مكاتب الخدمات الطلابية وسماسرة التقديم الجامعي وبالانضمام إلى مجموعة الدراسة في ألمانيا على الفيسبوك" كما تقول شرابي في حديث لـDW. وانضمت شقيقتها روان، التي تنوي القدوم للدراسة في ألمانيا إلى المجموعة. أما ديما فقد أطلقت حملة "الحق في االتعليم الجامعي"Recht auf Uni على الفيسبوك للمطالبة بتحسين فرص قبول اللاجئين في الجامعات الألمانية.

الفيسبوك للتعريف والتشبيك

اضطرت ديما للهرب من نار الحرب المستعرة في سوريا بعد أن أنهت أربع سنوات في دراسة طب الأسنان بنجاح، لكنها بدأت "تجربتها ومعاناتها في الحصول على مقعد دراسي في ألمانيا"، لذلك أطلقت في سبتمبر/أيلول الماضي قضية "الحق في التعليم الجامعي"Recht auf Uni على الفيسبوك لـ"تسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها اللاجئون للحصول على مقعد في الجامعة، والمطالبة بالمساواة مع الطلاب الألمان".

يحصل الطلاب الأجانب في ألمانيا على نسبة 5 بالمئة من المقاعد الدراسية، ويقع اللاجئون ضمن كُوتَا الخمسة بالمئة هذه، كما أنه لا يُسمح للاجئين بالدراسة خارج ألمانيا. لذلك فقد وجدت ديما أن أفضل السبل للتعبير عن المطالب هو إطلاق قضية على الفيسبوك. وتضيف: "بذلك أمكنني التشبيك مع الحملات الأخرى على الفيسبوك والتعرف على ماتيس ولاورا وفيلكس، الذين كان كل منهم قد أطلق مبادرته الخاصة به، وقررنا العمل معاً". لم يكتف فريق العمل باللقاء في الفضاء الافتراضي، بل بدأوا في تنظيم لقاءات على أرض الواقع في برلين. رغم مضي حوالي الشهرين فقط على إطلاق صفحة الفيسبوك، فقد حصدت حوالي 2000 إعجاب، وحققت الحملة عدة نجاحات: "شراكة بناءة مع البيت السوري في ألمانيا، دعوة من عدة مبادرات أخرى للتعريف بمبادرتنا، التشبيك مع أشخاص ومؤسسات لمساعدتنا على التواصل مع مستويات سياسية عليا" تختم ديما حديثها.

معلومات نوعية وكمية في منصة تفاعلية

أما طالب الهندسة الطبية خليل خليل(29) عاماً فقد أطلق مجموعة "الدراسة في ألمانيا"على الفيسبوك منذ ست سنوات. "بدأت الفكرة بتقديم الأجوبة على أسئلة الراغبين بالدراسة في ألمانيا من الأصدقاء، والتي أصبحت تتكرر، فكانت الفكرة بإنشاء مساحة افتراضية تجمع هذه الأسئلة والأجوبة المتكررة. تضم المجموعة الآن حوالي 64 ألف عضو.

"المجموعة خوارزمية متكاملة من الألف إلى الياء"، كما يقول فراس رفاعي، إذ تغطي كل ما يحتاجه المقبل على الدراسة الجامعية: كيفية القبول بالجامعات سواء بمراسلة الجامعة بشكل مباشر أو عبر المؤسسة الوسيطة Uni-assist، كيفية التقدم للدكتوراه، معاهد اللغة وأسعارها، كل مواعيد التسجيل لامتحاني اللغة لدخول الجامعة DSH وTestDaF، كتابة السيرة الذاتية، تعديل الشهادات، تحسين فرص القبول في بعض الاختصاصات عن طريق تدريب عملي قبل الدراسة أو امتحان مقدرات الطالب TestAS، التأمين الصحي، السكن، شروط الفيزا في السفارات الألمانية ومعلومات الاتصال بها وكيفية حجز موعد، فتح حساب بنكي مغلق والكفالة الشخصية، أولى الخطوات بعد الوصول إلى ألمانيا، تأمين مبيت ليلة الامتحان عن طريق استضافة الأعضاء بعضهم بعضاً، البحث عن عمل خلال فترة الدراسة، المنح الدراسية، القرض الطلابي، السنة التحضيرية، الحياة اليومية في ألمانيا كالمواصلات والثقافة والمجتمع والقوانين وتكاليف المعيشة والمحلات العربية. تتميز المجموعة "بالعمل بمبدأ الاعتماد على النفس والابتعاد عن المستغلين"، كما يعلق كنان صباغ.

أداء تنظيمي جيد "على الطريقة الألمانية"

تتميز المجموعة بالتنظيم الدقيق والجيد، حسبما يرى حازم سليمان قائلاً: " المجموعة عربية ولكنها مُدارة بطريقة ألمانية". ويقول المهندس والمدير السابق للمجموعة محسن عباسي(31) عاماً في تصريح لـ DW: "عملت خلال إدارتي المجموعة على تحسين العمل من خلال تكوين زاوية معلومات يُرجع إليها قبل السؤال، فأصبح الأعضاء المهتمين بالحصول على المعلومات ومشاركتها يتفاعلون في إضافة تجاربهم، ولا ينتظرون الإجابة من المشرف. في الفترة التي تلت تركي الإدارة ركز المدراء الجدد على بلورة فكرة مركز المعلومات وزيادة التفاعل، فكانت الإدارة الجماعية سبب في تضاعف المعلومات والتفاعل".

يرفض خليل تسميتهم بـ"المدراء" للمجموعة "دورنا تنسيقي أكثر منه إداري. على سبيل المثال وضع الخطوط العريضة لإدارة المجموعة وقوانينها بعد أخذ رأي الأصدقاء هنا وننفذ ما تقرره الأغلبية". يوضح مهندس المعلوماتية محمد رضا (35)عاماً سياساتهم أكثر في تصريح لـDW: "المجموعة التي يغرد فيها المدراء وحدهم والأصدقاء فيها مستمعون هي مجموعة فاشلة وغير مجدية، وعليه تم ابتكار وتبني بعض الأفكار لجعل المجموعة أكثر جاذبية وفعالية، والتي يأتي في مقدمتها البوست التفاعلي".

ويعرّف خليل البوست التفاعلي:"بوست يطرحه أحد مدراء المجموعة في موضوع معين وبأسئلة محددة ويشارك به أصحاب الخبرات والتجارب في هذا الموضوع. ويكون بأغلب الأحوال ركيزة لمقال جديد يتحدث عن ذات الموضوع في موقعنا". وقد تم إنشاء موقع "الحياة والدراسة في ألمانيا" للمجموعة على الإنترنت. ابتكر "المدراء" فكرة البوست الفوضوي: يخصص العضو وقت معين، ربما ساعات أو أيام، ويطرح نفسه خبيراً في مجال معين من مجالات نشاط المجموعة ليجيب على استفسارات باقي الأعضاء". ومن يكتب بوستات فوضوية كثيرة ويكون نشيط بالمجموعة يحصل على البطاقة الخضراءGreen Card، التي تخوله كتابة بوست جديد وانزاله أتوماتيكياً دون الحاجة لموافقة من مدراء المجموعة.

 

محرر الموقع : 2015 - 11 - 29