ممثل المرجعية الدينية العليا في اوربا يقول: كان بكاء الامام السجاد (ع) اسلوبا جهاديا لبث روح الوعي في نفوس الامة
    

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة في العاصمة الفرنسية باريس، قائلا:

ان من الظواهر البارزة في حياة الامام السجاد (ع) انه عرف بكثرة البكاء على ابيه الامام الحسين (ع) واهله بيته واصحابه الكرام، حتى سأله بعض اصحابه المقربين قائلا (يا سيدي أما آن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقلّ) وهذه الظاهرة تستوقفنا قليلا ويأتي السؤال: هل كان هذا الحزن والبكاء جزعا على ما جرى على ابيه والصفوة من اهل بيته في كربلاء؟ او كان موقفا رساليا وجهاديا؟ 

الحقيقة التي نلمسها وبعد التتبع يترجح عندنا الراي الثاني استنادا الى المؤشرات التالية: 

1- اراد الامام (ع) ان يعمق المأساء في نفوس الامة من خلال عملية البكاء والتذكير بفاجعة كربلاء، وقد اثمرت هذه العملية بهذا الاسلوب واعطت نتاجها، فثورة الامام الحسين (ع) حققت اهدافها مأساوية، والامام السجاد عمقها في نفوس الامة من خلال البكاء.

2- اراد الامام (ع) من هذا التأكيد وهذا البكاء بشكل واضح ومركز ان يبقي قضية الامام الحسين (ع) في ضمائر الامة قضية حية، لوجود محاولات اموية جادة لطمسها ومصادرتها، وفي هذا الحال لابد من مواقف تحافظ على ديموميتها واستمرارها ومواجهة هذه الممارسات، فكان البكاء لونا من الوانها لتبقى القضية حية في وعي الامة وحسها ولا يستطيع الاعداء خنقها والقضاء عليها.

3- من خلال البكاء اراد الامام (ع) استثارة الجماهير ضد صانعي هذه الجريمة البشعة بأن يلهب عواطف الامة ومشاعرها بعملية البكاء حتى ولو على مستوى النقمة النفسية والرفض لهذا العمل الشنيع الذي قام به يزيد وعملائه وشياطينه، ولهذا جاء في الزيارة (لعن الله امة اسرجت والجمت وتهيأت وتنقبت لقتالك يا ابا عبد الله، ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم، برئت إلى الله واليكم منهم، وأتقرب إلى الله ثم إليكم بموالاتكم وموالاة وليكم، والبرأة من أعدائكم ومن الناصبين لكم الحرب، والبرأة من أشياعهم واتباعهم، اني سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، ولي لمن والاكم، وعدو لمن عاداكم).

فالامام زين العابدين (ع) اراد بهذا الموقف ان يسجل ادانة وثورة صامتة ضد هذه الجريمة لمن قام بها وايدها.

4- الهدف الاخر من اهداف البكاء هو تحريك ضمائر المتخلفين عن نصرة الامام الحسين (ع)، فهناك فئة تخلفت عن نصرته وكانت تعيش العواطف والولاء والمحبة للامام (ع)، فعملية البكاء كانت ايقاضا لهذه الضمائر ولهؤلاء الجماعات التي قامت بعد ذلك بثورات ضد الامويين نتيجة تأنيب الضمير والتقصير عن نصرة الامام (ع).

5- ان البكاء الذي مارسه الامام (ع) هو اسلوب من اساليب مواجهة التطويق للاعلام الاموي الذي حاول ان يطوق الثورة وان يطمسها ويصادرها، فمن خلال بكائه (ع) حطم هذا التطويق، ومن هنا نعرف ان هذا العمل كان اسلوبا جهاديا واعيا وليس حالة انفعالية او موقفا فرضته المأساة، فالامام السجاد (ع) ببكائه هذا حطم هذه الاطواق وهذه الاسوار التي فرضها الامويون على الثورة وانطلاقها، حتى امتدت الثورة في عمق مشاعر الامة الى هذا اليوم.

كذب الموت فالحسين مخلد            كلما مر الزمان ذكره يتجدد

محرر الموقع : 2018 - 10 - 05