أتباع المرجعية الى أين
    

 

صوت الجالية العراقية : كتب الاستاذ ابواحمد الكعبي ، موضوع حول اتباع المرجع وتقليده في شؤون الحياة اليومية التي تشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،وسلط الضوء في هذا الموضوع على كيفية اتباع المقلِد لمرجعه ،وذكر فيه ،  نستمد من الله تعالى ومن أهل البيت -عليهم السلام- العون والتوفيق والسداد في الأخذ بأيدينا للصواب والابتعاد عن زلات الفكر وشطحات المقال، ومجانبة مجاراة أهل الباطل والعناد، الذين يجوبون في البلاد فيعيثون فيها الفساد، ممن يحملون فكر (السامري) المضلل للعباد.


فنقول: لكل مرجعية دينية هناك من يقلدها في المسائل التي يحتاجها المكلف في حياته اليومية ويبرئ ذمته أمام الله سبحانه وتعالى بتقليد المرجع فيما يفتي فيه، ولها كذلك وكلاء يقومون بشؤون توصيل أفكار ورؤى وفتاوى تلك المرجعية الدينية، وهذا مما لا ينبغي الشك فيه ولا الجدال، فهو المسار الصحيح الذي ينبغي السير عليه من قبل المقلدين والوكلاء، ولسنا في صدد ذكر الأدلة عليها فهي مذكورة في مضانها.
ولكن يبقى للجدال وللكلام مجالٌ فيما لو تصادمت التوجهات والميولات -الثقافية والفكرية والاجتماعية- للمقلدين مع فتاوى وتوجه نفس المرجعية الدينية التي يرجعون لها، سواء من حيث الفقه أو العقيدة أو شعائر المذهب الحق أو السياسة العامة اتجاه بعض الأحداث الجارية في العالم، فتجد بعض الأحيان تخبطاً واضحاً جلياً عند بعض المقلدين في اتخاذ الموقف الشرعي اتجاه ذلك! فتراهم يهيمون في وادٍ غير ذي زرعٍ ورأي المرجعية الدينية التي يرجعون لها في وادٍ آخر، فهم يشبعون رغباتهم وميولاتهم الفكرية على حساب تطبيق الشرع في إتباع مرجعيتهم الدينية، بل تجدهم بعض الأحيان ينظرون ويملون على نفس المرجعية الدينية تلك التوجهات بغية تغيير مواقفها! وربما يخطّؤونها في بعض فتاواها ومواقفها، أذكر قبل مدّة من الزمن كتب أحدهم بضع أوراق لبعض المراجع ينظّر له فيها عن مسيرة المرجعية وما ينبغي أن تكون عليه المرجعية في مسيرتها، وبالتالي ينبغي (عليك أيها المرجع) أن تتخذ هذا منهجاً في حياتك المرجعية! ولو أنه قدمها للمرجع بأنها اقتراحات للمسيرة! وكأن هذا المرجع للتو فهم للحياة، أو خرج من بيئة لا يعرف ما يدور حوله! للأسف لا أجد تعبيراً مناسباً له إلا القول بأنه تجرئ غير محمود، ومخلفات فكرية تنظيمية عششت في داخله يريد أن تسير المرجعية كما يشتهي ويرى!.
لو كان كل شخص عرف مقامه ومكانته ومستواه والفارق السحيق بينه وبين مقام المرجعية الدينية الرشيدة لما اتخذ مثل هذه المواقف. بعض المقلدين الذين لا تتمشى مع توجهاتهم بعض الفتاوى للمرجعية الدينية يخالفونها ويضربون بها عرض الحائط -ولو كانت تلك الفتاوى احتياطية لكان الأمر سهلا- فهي على طبق الشرع في الرجوع للأعلم في الفتاوى الاحتياطية، ولكن الأمر -بعض الأحيان- يكون بالاشتهاء لأنها لا توافق مزاجه (الشريف) يخالفها بل ويحاربها، ولنأخذ مثالاً من التاريخ في مرجعية آية الله العظمى السيد حسين البروجردي -رحمه الله تعالى- كانت تعمل من قبل بعض مقلديه بعض المسرحيات التمثيلية لواقعة كربلاء فجاء إليه البعض وشرح له وضع هذه المسرحيات، والوضع العام الذي يرافقها فدعا سماحته في حينها جميع رؤساء الهيئات الحسينية إلى اجتماع في منزله وسألهم يومها: أي المراجع تقلدون؟ فقالوا له جميعاً: نقلدك أنت. فقال لهم سماحته: إن فتواي بشأن هذه المسرحيات والتمثيليات التي تقيمونها بالشكل الذي سمعت حرام في حرام.
ماذا كان ردهم عليه؟ قالوا له: مولانا، نحن نقلدك طوال العام ما عدا هذه الأيام الثلاثة أو الأربعة، فنحن لسنا من مقلديك.! مع أن هنالك اختلافاً في تفاصيل هذه القصة كما ذكر الشيخ الكوراني بقوله: أما القصة التي ذكرها عن المرجع المرحوم السيد البروجردي، فكان موضوعها استعمال الطبول والسناجق، لأنه كان يفتي بتحريمها.
ولا يهمنا هذا الاختلاف مع الاتفاق على أصل القصة ومخالفة المقلدين للمرجع، فهذا الكلام من المقلدين مخالفة شرعية صريحة لرأي المرجع الذي يقلدونه .
ويكأن هذا الموقف يتكرر من بعض المقلدين الذين يرجعون لمرجعيه يقول عليكم انتخاب الأصلح ولا تعيدوا من اعاث في الأرض الفساد - فيكتبون ويتفوهون ويوقعون على بيانات تخالف فتوى مرجعهم! وحينما سألت مستنكراً احد المطبلين ، قال لي: كان هذا تشخيصاً لمصلحة لمجتمعنا! هنا بعض الأسئلة تثير العجب لا يستطيع هذا الشخص إيجاد أجوبة لها: هل أن سماحته أفضل سجيةً من المرجع في تشخيص مصلحة المقلدين أو المجتمع؟ وهل تشخيصه لموضوع الحكم يغير الفتوى من دون الرجوع للفقيه؟ وما هو المستوى العلمي له قبال نفس المرجع حتى يرى خلافه؟
نعم هناك مسائل استحبابية فلك أن تفعلها وتثاب على فعلها ولك أن لا تقوم بها فلا عقاب عليك، وأما أن تقف محارباً وتهين هذه المرجع وترفض هذا الرآي لأنها لا توافق مزاجك (الشريف) أو أن تقف صفاً مع من يخالفها ويحاربها فهذا خطأ وطامة على نفس المرجعية التي تقلدها، فلو رجع هذا المكلف لمعلوماته الفقهية لما كان منه هذا الموقف، وللأسف البعض يتحرك في مواقفه طبق مشتهياته الفكرية ورواسبه الثقافية ينسى وظيفته الشرعية كمقلد أو وكيل.
لعلنا نوفق في حلقة قادمة لبيان بعض المواقف التي تسير عكس فتاوى المرجع الذي يقلده المكلف سواء كان مقلداً أو وكيلاً، والله نسأل الهداية والثبات على طريق الحق، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الهداة الميامين

 

محرر الموقع : 2014 - 04 - 20