الغربُ والارهابُ: أَعْوَرٌ وَمُنافِقٌ!
    

             الجزءُ الثّاني 

                               نـــــــــــزار حيدر

   السّؤال الثّاني؛ اذا كان الاٍرهاب يهدّد الغرب بهذا الشّكل، فلماذا لم يتحرّكالمجتمع الدولي ضدّهُ عندما ظلّ يضرب في العراق وسوريا وفي عددٍ من دولالمنطقة، كان آخرها الضّاحية الجنوبية في بيروت؟.

   الجواب؛ هذا يُثبِتُ عدّة حقائق؛ 

   الحقيقةُ الاولى؛ انّ الاٍرهاب اداةٌ فعالةٌ من أدوات السّياسة الدّولية ولعبة الامم،فهم يحاولون الامساك به ليبقى تحت السّيطرة! ولذلك فعلى الرّغم من يقينالغرب بانّ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية هو المنبع وهو المصدروهو الحاضنة وهو المُنتج الحقيقي والاساسي والرئيسي لكل هذا الاٍرهاب، الا انّهُلازال يضخّ له كل انواع الأسلحة الفتّاكة ليقدّمها بدوره للارهابيين في العراقوسوريا ولبنان مثلاً او ليستخدمها هو بنفسهِ بشكلٍ مباشر لتدمير دولة كاملة،أرضاً وشعباً وبنى تحتية وكلّ شيء، كما يحصل منذ ٧ أشهر في اليمن عندمااستخدم نظام القبيلة كل أسلحة الغرب والولايات المتحدة تحديداً لقتل النّاسوارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيّة وجرائم إبادة جماعية، كما انّهُ دمّركل أسباب الحياة من الاسواق والمزارع والمصانع والمدارس والمستشفيات وكلّشيء، طبعاً يحدث كلّ هذا أَمام مرآى ومسمع الغرب الذي يعرف جيداً ولكنّهيسكت ويلوذُ بصمت أهل القبور، لان الاٍرهاب في هذه الحالة اداة سياسيّةبامتياز! طبعاً باستثناء ما يصرّح به بعض السّاسة الغربيين او ما يصدر عنهمبين الفينة والأخرى من تقارير تدينُ على استحياءٍ الانتهاكات التي تتعرّض لهاحقوق الانسان، كما سمعنا الأسبوع الماضي وزير خارجية بريطانيا الذي دعاالى التّحقيق في ارتكاب نظام القبيلة جرائم حرب في اليمن، والذي نتمنّى انيكونَ تصريحهُ هذا صحوةُ ضميرٍ ميّتٍ يَتَرَتَّبُ عليه أثرٌ ما!.

   ذات الامر يشهدهُ البحرين الذي يتعرّض شعبهُ لكلّ أشكال التّدمير الاجتماعيوالتغيير الديموغرافي والقمع الامني والمدني والحضاري على يد قوّات نظامالقبيلة وبأسلحة الغرب تحديداً!.

   الحقيقة الثّانية؛ دليلُ نفاق الغرب وازدواجيّتهِ، فبينما هو يبشّرنا بالتحالفالدولي الذي يقول انّهُ سيقضي على الاٍرهاب في العراق وسوريا تحديداً، نراهُيتفرّج على جرائم الجماعات الإرهابيّة التي تُرتكب يومياً، وبدعمٍ وتأييدٍ من نظامالقبيلة الفاسد الذي لا زال يصوّر إعلامهُ الطّائفي بانّ ما يجري في العراقوسوريا مجرّد حربٍ طائفيةٍ، فيغضّ الطّرف عن كلّ الجرائم البشعة التي يرتكبهاالارهابيّون في الموصل مثلاً او الرّمادي او الرّقة او في حِمص، ويهوّل (سرقةُعنصرٍ من الحشدِ الشّعبي) لثلّاجةٍ من بيت احدِ المواطنين في تكريت إبّانتحريرها!.

   الحقيقة الثّالثة؛ انّها دليلُ غباء الغرب الذي لازالت تتحكّم فيه العنصريّةوالتّمييز، عندما ظنّ ان الاٍرهاب سيظل محصوراً في منطقتِنا، العراق مثلاً اوسوريا او غيرها من دول المنطقة، ولم يتخيّل ابداً انّهُ سيتمدّد يوماً ما ليضرب فيالعمق، باريس، وسيضرب في كلّ عواصم الغرب الاخرى اذا لم يكتف المجتمعالدّولي باعتبار هجمات باريس الإرهابيّة ناقوس خطرٍ يكفي لتنبيه المجتمعالدولي والغرب تحديداً ليبدأ يفكّر بطريقةٍ جديدةٍ فيتعامل بأساليب اكثر حسماً معالاٍرهاب وجذورهُ ومنابعهُ وحواضنهُ، فيسمي أولاً (الوهابيّة) كجذرٍ عقديوفكري وثقافي للارهاب الذي يغسل ادمغة النشء الجديد ويربّيهم ويعلّمهمالكراهية واحتكار الحقيقة والغاء الاخر والتكفير! ثم يبادر فوراً بتسمية نظامالقبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديداً وقطر كأول وأهم منبع ومصدروالحاضنة الاستراتيجية لهذا الفكر الإرهابي التكفيري، وتركيا المنفّذ والراعيوالوكيل الأساس لسياسات نظام القبيلة على هذا الصّعيد.

   لا ادري ان كنّا سنتمنّى ان يضرب الاٍرهاب بقيّة عواصم الغرب الواحدة تلوالاخرى ليتحمّس في حربهِ على الاٍرهاب فنشعر بجديّته في هذه الحرب؟ ام انّهُسيكتفي بهجمات باريس كناقوس خطرٍ ليشمّر عن ساعدَيه في هذه الحرب، فيبدأيحوّل اقواله الى افعالٍ ملموسةٍ بعيداً عن اللغة الاستعراضية التي لازال يتسلّحبها الغربيون عندما يتحدثون عن الاٍرهاب وحربهم (العالمية) وأحلافهم العريضةوأنواع الأسلحة التي يستعرضونها في الاعلام وغيره واستعداداتهم غير المسبوقةللقضاء عليه؟!.

   كنّا نرغب ان يكتفي الرّاي العام الغربي تحديداً بصور ضحايا الاٍرهاب فيبُلداننا، او على الأقل بصور ضحاياهم في بلادنا ممّن حز الارهابيّون رقابهم أَمامعدسات الكاميرات، ليمارس الضّغط اللازم لاجبار حكوماته (الديمقراطية) علىتسمية جذور الاٍرهاب (الوهابيّة) ومنابعهِ (نظام القبيلة) لتبادر فوراً الى إيقافكلّ انواع التعامل مع الرياض، وتحديداً التّسليحي، ولكنّنا للاسف لم نلمس شيئاًمن هذا القبيل، فربّما يحتاج الرّاي العام الغربي الى من يذكّره بالارهاب وهويلتهم قليلاً من ذيله بين الفينة والأخرى!.

   هذه المرّة كذلك، نتمنّى ان يكتفي الغرب بهجمات باريس كناقوسِ خطرٍيحرّضه على إِبداء جدّية اكبر وحماس اكثر في الحرب على الاٍرهاب، فلم يعدتكفي الشّعارات فيها، ولم تكف الاقوال والرّحلات المكوكيّة لإنجاز شَيْءٍ منها، اذلابدَّ من ابداء جدّية اكبر والتي تلوح في الأفق مصداقيتها بتسمية الجذور(الوهابيّة) والمنبع (نظام القبيلة الفاسد) والا فانّ المستقبل القريب يُنذر بخطرٍأكبر بكثير.

   ولا اكشفُ سرّاً هنا اذا قلتُ بانّ الغرب أعورٌ في نظرتهِ للارهاب، ولذلك هويجنّ جنونهُ اذا ضربهُ في باريس مثلا ولكنّه يوظّفه في سوريا مثلاً ليساعد نظامالقبيلة الفاسد في فرض أجنداتهِ السّياسية! وكأنّ الاٍرهاب على نوعين ارهابٌمذمومٌ وآخر محمودٌ، او كما وصفتهُ احدى كبريات الصّحف الأميركية قبليومين عندما قالت ساخرة، انّ الاٍرهاب على نوعين الاول أسودٌ والثّاني ابيضٌ!في إشارة الى الجماعات الارهابية ونظام القبيلة الفاسد!.

   سيدفعُ الغربُ ثمنَ ازدواجيّتهِ اذا لم تكف ضربات باريس كآخرِ ناقوس خطرٍوجرس إنذارٍ للبدء بحربٍ حقيقيّة على الاٍرهاب الذي يشكّل بالفعل تهديداً جدياًومباشراً للامن والسّلم الدوليين، بجذوره (الوهابيّة) ومنبعهِ (نِظامُ الْقَبيلَةِ الفاسد).

   يتبع

محرر الموقع : 2015 - 11 - 25