ممثل المرجعية الدينية العليا في اوربا يقول على ابناء الجاليات الاسلامية في الغرب ان يتمسكوا باخلاقهم وثوابتهم الدينية والعقدية
    
ممثل المرجعية الدينية العليا في اوربا يقول:
على ابناء الجاليات الاسلامية في الغرب ان يتمسكوا باخلاقهم وثوابتهم الدينية والعقدية التي ورثوها من ابائهم وتعلموها من القران الكريم ومن اطهر الخلق محمد (ص) واله الطاهرين (ع)

 

جاء حديثه هذا في الندوة التي عقدت في لندن تعقيبا على قانون الزامية تدريس مادة العلاقة الجنسية الشاملة في المدارس البريطانية، حيث قال: 

ورد عن الامام ابي عبد الله الصادق (ع) (يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر) 

وبعد:
هذه بعض السمات زمن الغيبة المكتض بالفتن والظلم والجور والفساد والتي تستهدف بالدرجة الاولى المؤمنين والمؤمنات مما يتطلب منهم المداومة على المجاهدة – مجاهدة النفس: وهو افضل الجهاد لذا سمي بالجهاد الاكبر فلا اكبر منه، وحيث ان الظروف فرضت علينا العيش في بلد تختلف انماطه وعاداته وتقاليده عن بلداننا التي ولدنا وعشنا وترعرعنا فيها نتيجة ظلم الظالمين، الا ان هذا لا يعني ان ننسى ثوابت عقيدتنا وان نتخلّف عن ديننا واخلاقنا ولغتنا التي تربينا عليها وتوارثناها من اطهر الخلق محمد وال محمد (ص)، بل نستغل وجودنا في هذه البلدان لنعلّم ابناءنا العلوم الدنيوية النافعة لخدمة البشرية، كالطب والهندسة والصيدلة وغيرها من العلوم الحديثة. وهذا ما توصي به المرجعية العليا في النجف الاشرف لابناء المهجروغيرهم ، وهي مؤخوذة من وصايا رسول الله (ص) والائمة الاطهار (ع)، فعن النبي الاعظم محمد (ص) قال (الحكمة ضالة المؤمن، انا وجدها اخذها) وعن باب مدينة علم النبي (ص) امير المؤمنين قوله: (خذوا من كل علم أحسنه، فإن النحل يأكل من كل زهر أزينه، فيتولد منه جوهران نفيسان: أحدهما فيه شفاء للناس، والآخر يستضاء به). هذا اولا. 

وثانيا، نحن نعيش في هذا الامسية معكم في ندوة عنوانها (تدريس العلاقة الجنسية الشاملة في المدارس البريطانية) وهذه الدراسة لا تخلوا من فائدة ان كانت مقتصرة على الجانب البايلوجي ومتعلقة بتلقيح الحويمن للبويضة ومن ثم تطور الجنين في رحم امه فلا يوجد مانع من ذلك على الاطلاق لانه من باب تحصيل العلم النافع في مجال علم الاحياء والطب، واما اذا كان المراد هو بيان عملية العلاقة الجنسية نفسها فلا بد هنا من مراعاة عدة اعتبارات اساسية اهمها: 

• ان هذه العلاقة لا بد ان ينظر اليها مع ما تلتزمه من اداب وضوابط، منها مراعاة الخصوصية وما يلزمها من عدم التصريح، وانما يكون الكلام بالتلميح والتعريض والاشارة هذا مع االكبار، اما مع الصغار فابعاد التصريح عنهم يكون اكبر، وهذه هي اخلاق الدين كما بينها القران الكريم وسيرة المعصومين (ع)، فكلام الله وكلام المعصومين يشير الى العلاقة الجنسية بالفاظ غير صريحة مثل قوله ((لامستم النساء)) ((الرفت الى نسائكم)) ((فآتوهن)) (افضى اليها)) ((جامعها)) وهكذا، بل حتى عند قضاء الحاجة نجد ان اخلاق الاسلام تابى ان يصرح المرء بالقبيح، فيشير اليها بلفظ (الغائط) وهو المكان المتسع البعيد عن الانظار.

• كما ان الاسلام احاط العلاقات داخل الاسرة بجملة من الاداب اللازمة لحفظ الحياء ومراعاته، فجعل اوقاتا يتربى الطفل على مراعاتها، فلا يدخل على ابويه فيها الا باذنهم، فقال تعالى ((يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لِيَستَأذِنكُمُ الَّذينَ مَلَكَت أَيمانُكُم وَالَّذينَ لَم يَبلُغُوا الحُلُمَ مِنكُم ثَلاثَ مَرّاتٍ مِن قَبلِ صَلاةِ الفَجرِ وَحينَ تَضَعونَ ثِيابَكُم مِنَ الظَّهيرَةِ وَمِن بَعدِ صَلاةِ العِشاءِ ثَلاثُ عَوراتٍ لَكُم لَيسَ عَلَيكُم وَلا عَلَيهِم جُناحٌ بَعدَهُنَّ طَوّافونَ عَلَيكُم بَعضُكُم عَلى بَعضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ ، وَإِذا بَلَغَ الأَطفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَليَستَأذِنوا كَمَا استَأذَنَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ ، وَالقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللّاتي لا يَرجونَ نِكاحًا فَلَيسَ عَلَيهِنَّ جُناحٌ أَن يَضَعنَ ثِيابَهُنَّ غَيرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ)). ان الله تعالى يأمر المسلمين في هذه الآية الكريمة بضرورة استئذان ذويهم واطفالهم غير البالغين عليهم قبل دخول الغرفة في ثلاث اوقات هي قبل النهوض لصلاة الصبح وعند الظهر حيث يتخفف الانسان من ملابسه وبعد صلاة العشاء حين يستعد للنوم فهذه الاوقات الثلاثة عورة للمسلمين ولايجوز للاطفال الدخول على ابويهم فيها لانهم في الغالب متخففون عن ملابسهم وقد يكونوا عراة. قال رسول الله (ص) (والذي نفسي بيده لو ان رجلا غشى امرأته وفي البيت صبي مستيقض يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح ابداً).

عن الامام الباقر (ع) (اياك والجماع حيث يراك صبي بأن يحسن ان يصف حالك). 

لقد اوصى الاسلام في منهاجه التربوي الاباء والامهات بالامتناع عن اثارة الغريزة الجنسية عند الاطفال بالمناظر المهيجة والعبارات المشينة، وهدف من ذلك كله الى مسايرة قانون الفطرة وضمور الميل الجنسي عن الاطفال حتى يحين وقت نضوجه. 

ان هذا الدور لا يستطيع القيام به إلا الآباء والأمهات العفيفون اللذين يحذرون من القيام بالاعمال المنافية للنزاهة في اقولهم وافعالهم في حضور الاطفال أو غيابهم.

• لقد بيّن الاسلام ضرورة التفريق بين الابناء في المضاجع وذلك تعظيما لاهمية الخصوصية والحياء، لان الحياء في شخصية الاطفال والكبار له قيمة عليا وراس مال ثمين في الاسرة والمجتمع فاذا زالت تلك الصفة الثمينة انقلبت اخلاق الولد راسا على عقب واقترف انواع الحماقات وتغير جو اللاسرة والمجتمع نحو البداوة والعامية. 

• ان الاديان تنظر الى الحياء في شخصية الانسان كالجوهر الثمين الذي يجب المحافظة عليه ويحرم التفريط به، والقاعدة عندهم (ان من لا حياء له لا دين له، ومن لا دين له فلا تنتظر منه وفاءا ولا صدقا)، جاء في الحديث ايضا (الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار)، (الحياء والإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه) . 

مضافا الى هذا فالاحاديث الواردة عن النبي (ص) والعترة الطاهرة (ص) تشير الى لزوم التمسك باداب المعاشرة، وقد عقد الحر العاملي بابا مفصلا بهذا العنوان (اداب المعاشرة) في موسوعته (وسائل الشيعة) نقتطف منها بعض الروايات: 

1- قال رسول الله (ص): الصبي والصبي والصبي والصبية يفرق بينهما في المضاجع لعشر سنين وفي بعض روايات الائمة سبع سنين.
2- عن الامام موسى ابن جعفر (ع): قال علي (ع) مرو صبيانكم بالصلاة إذا كانوا ابناء سبع سنين وفرقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا ابناء عشر سنين.
في هذه الاحاديث نجد ان الاسلام يساير قانون الفطرة والخلقة فيأمر بالتفريق بين مضاجع الاطفال اللذين يتجاوزون الست سنوات حتى يمنع من اتصال اجسامهم بشكل مثير للغريزة الجنسية، في حين ان قانون الخلقة يقضى بجمود هذه الغريزة في الفترة التي هم فيها.
3- قال رسول الله (ص): إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبّلها الغلام والغلام لا تقبله المرأة إذا جاوز سبع سنين.
4- وعن الامام الصادق (ع) سأله احمد ابن النعمان فقال عندي جويرية ليس بيني وبينها رحم ولها ست سنين، قال: فلاتضعها في حجرك ولا تقبلها. 

ان التقبيل والمعانقة والتضاجع ومس العضو الخاص للطفل كل ذلك من الامور التي اوصى الاسلام بالحذر عن القيام بها حتى لا يصاب الاطفال بالانحراف الجنسي، حتى ينشأوا على العفة والنزاهة. ويجب على الابوين ان يخضعوا اطفالهم الى رقابة واعية بواسطة منهاج تربوي سليم يتماشى والمنهاج الفطري وبذلك يستطيعوا ان يقودوهم نحو الطريق المستقيم المؤدي الى السعادة والفلاح. وقد ثبت لنا ان من الموارد المتسالم عليها في الاونة الاخيرة ان النشاط الجنسي عند الاطفال يضل جامدا بين السادسة والثانية عشر من اعمارهم ، وكما يقول علماء التحليل النفسي بأن هذه الفترة هي فترة ضمور التي تحصل فيها علاقات بين الاولاد والبنات أو بين الاطفال من جنس واحد قائمة على الحب ولكنها بعيدة كل البعد عن الشهوة. اما القوة الجنسية المحركة فإنها تستيقظ في مرحلة البلوغ بأقوى ما يكون قبل هذه المرحلة، لان هذه النار بالرغم من وجودها مختفية تحت الرماد، لكنها منذ هذه المرحلة تأخذ بالاندلاع وابداء مظاهر مختلفة.

فلهذا نجد الاسلام اخذ الحيطة والحذر في هذا الامر، ومن هذا المنطلق عقدت مؤسسة الامام علي (ع) هذه الندوة لاجل ان تضع اهلنا وابنائنا من آثار القيام بهذه الخطوة الخطيرة لعلنا نجد اذاناً صاغية من الجهات المسؤولة تفكر بمصلحة ابناء هذا البلد وبمستقبلهم من الانحطاط والتسافل الاخلاقي الذي اهتمت به الاديان السماوية من الوقوع فيه، خصوصا وانهم يعيشون في بلد شعاره الحرية في التعبير عن الرأي.

محرر الموقع : 2019 - 03 - 04