حياة كريمة للأرامل
    

محمد صادق جراد
كان من الطبيعي أن تنعكس أحداث العنف التي شهدتها البلاد طيلة السنوات الماضية على الواقع الاجتماعي العراقي لينتج لنا هذا الواقع أكثر من مليون ونصف أرملة وملايين الأيتام يواجهون جميعا الكثير من التحديات وأبرزها الحصول على فرصة عمل تعيلهم وتمكنهم من مواصلة الحياة بكرامة بعيدا عن شبح الحاجة المذلّة.
ولقد كفل الدستور العراقي مسألة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة و المرض أو العجز عن العمل، وبالرغم من غياب أي ذكر للأرملة في مواد الدستور إلا انه شمل بذلك الشيخ والطفل والمرأة حيث ذكرت المادة (30) أولا من الدستور العراقي 2005 ما يأتي :ـ تكفل الدولة للفرد وللأسرة وبخاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم.
وفي ظل تزايد أعداد الأرامل في العراق وغياب التشريعات في هذا الجانب برزت خلال السنوات الماضية العديد من منظمات المجتمع المدني التي تعنى بقضايا المرأة والتي اتفقت جميعها على حقيقة واحدة وهي أن السبيل الوحيد للارتقاء بواقع المرأة الأرملة هو تطوير مهاراتها عبر تدريبها على تلك المهارات إضافة إلى ضرورة تعليمها فحصولها على حق التعليم يؤهلها للتمتع بمزايا وحقوق الإنسان الأخرى لان المرأة لن تتمكن من الحصول على الحقوق الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية المتمثلة بالحصول على فرصة عمل والحصول على أجر مساوٍ للرجل والاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي والمطالبة بالدراسات العليا دون ان تحصل على حق التعليم أولا, وهذا ما يسعى اليه اليوم عددا من المنظمات الدولية عبر التأسيس لبرنامج محو الأمية للكبار والذي سيشمل الكثير من النساء سيما الأرامل اللواتي شملهن هذا البرنامج في مدن وقرى العراق التي تشكو من أمية وصلت الى نسبة 20 بالمئة من مجموع السكان.
لذلك نرى بان الحكومة العراقية والسلطة التشريعية أمام مسؤولية تاريخية كبيرة لإعطاء المرأة الأرملة استحقاقها الطبيعي كي تمارس دورها البنائي والنهضوي مع باقي النساء علما ان نسبة الأرامل وصلت الى ما يقارب 10 بالمئة من نساء العراق الأمر الذي يجعل الجهات المختصة أمام مسؤولية تحسين أوضاع الأرامل العراقيات.
ونرى بان هذه المسؤولية تحتم على الحكومة والسلطة التشريعية عدم الاكتفاء بتخصيص رواتب شهرية للأرامل بل يجب الشروع بإصدار قوانين تسهل تشغيلهن وتساعدهن على فتح الورش لتطوير المهارات النسوية وتمكين الأرامل من إقامة مشاغل خاصة بهن من  خلال منحهن القروض الميسرة. ولابد لمجلس النواب ان ينجز تشريع القوانين التي ستخفف عن كاهل المرأة الأرملة ومنها قانون الضمان الاجتماعي وقانون دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل وضرورة القيام بحملة لمناصرة ومساعدة المرأة الأرملة من خلال إيجاد فرص عمل لها ومن خلال إعطائها الحقوق بما ينسجم مع حقوق الإنسان.

محرر الموقع :