انتخابات الخارج العراقية صدمة وكلفة الصوت 150 دولارًا
    

أكد خبير في شؤون الانتخابات العراقية وعضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات أن عدد الذين صوّتوا في الخارج بلغ 165 ألفاً و532 مصوّتًا ما يمثل انتكاسة قوية وصدمة للعملية الانتخابية برمتها، ويؤكد ما أشير إليه سابقًا بأن شعار المرحلة الحالية هو "مقاطعة الانتخابات" نتيجة الإحباط من أداء الطبقة السياسية التي تحكم البلد. وأوضح أن نسبة المشاركة بلغت 7.6% من عدد الناخبين، بحيث وصل ثمن الصوت الواحد إلى150 دولارًا.

وقال الدكتور فريد أيار، الناطق الرسمي وعضو مجلس مفوضية الانتخابات العليا سابقاً، في حديث مع "إيلاف"اليوم، إن مجلس النواب عند تشريعه قانون الانتخابات الأخير في العام الماضي لم يأخذ في الاعتبار صعوبات إجراء انتخابات الخارج وكلفتها العالية جدًا قياسًا إلى الدول الأخرى وعدم وجود إحصاء دقيق للعراقيين، الذين يحق لهم التصويت خارج البلاد.

هدر أموال

وأشار إلى أن النتيجة التي أعلنتها المفوضية أمس لانتخابات الخارج وقياسًا إلى المصروفات التي تكبدتها الموازنة العراقية لا يمكن اعتبارها سوى هدر للأموال يتحمّل مسؤوليتها مجلس النواب، الذي أفتى في قانونه الأخير بضرورة إجراء انتخابات في الخارج بحجج واهية، ومن دون أن تأخذ بالحسبان الخسارة المادية التي يتحملها العراق نتيجة ذلك.

واستذكر الخبير الانتخابي عمليات انتخابات الخارج السابقة في العراق. وقال إن منظمة الهجرة الدولية، التي أشرفت على أول انتخابات عراقية تجري في الخارج، كانت قد أشارت في مطلع عام 2005 إلى وجود مليون و277 ألفاً و331 عراقيًا في 14 دولة انتقتها لهم حق التصويت.

وتوقعت حضور 66% منه إلى صناديق الاقتراع، إلا أن توقعات هذه المنظمة ظهر بطلانها وعدم واقعيتها، لأن من أدلى بصوته في تلك الانتخابات، التي جرت في شهر كانون الثاني (يناير) 2005 بلغ 265 ألفاً و148 ناخبًا فقط، وهذا ما مثل نسبة 20% تقريبًا.

عالية جدًا

أما في انتخابات الخارج الثانية، التي جرت في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2005، والتي أشرفت عليها المفوضية مباشرة، فقد بلغ عدد الذين أدلوا بأصواتهم في 15 دولة خارج العراق فقط 298 ألفاً و300 ناخب، وبلغت الكلفة الكلية للعملية 17 مليوناً و 685 ألفاً و922 دولارًا، وهذا يعني أن نسبة الذين أدلوا بأصواتهم بلغت حوالى 23% من مجموع أصوات الناخبين في الخارج. وحسب إحصاء منظمة الهجرة الدولية، فهذا يعني أيضًا أن كلفة الناخب الواحد بلغت 61 دولاراً، وهي نسبة عالية جدًا مقارنة بالدول الأخرى، والتي أجريت فيها انتخابات الخارج.

وقال الدكتور أيار: رغم أننا لانمتلك أية بيانات حسابية عن كلفة انتخابات الخارج الأخيرة، ربما لأن الوقت لم يحن بعد، إلا أننا نستطيع الإشارة تقريبًا، معتمدين على إحصاءات ومصروفات انتخابات الخارج لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2005، كوحدة قياسية، وقارنا أعدادها بما حصل في انتخابات الخارج عام 2014، مضيفين توسيع دائرة الدول التي أجريت فيها الانتخابات إلى 20 دولة بدلًا من 14، الى جانب ارتفاع في الأسعار حاليًا قياسًا إلى تلك التي كانت قبل عقد من الزمن، إضافة إلى هبوط قيمة الدولار، فإن كل هذه العوامل تيسر لتقديراتنا الإشارة إلى إمكانية صرف ما يقارب من 25 مليون دولار على انتخابات الخارج عام 2014.

ولاحظ أيار أن هذا المبلغ المفترض، إضافة إلى تدني عدد المصوّتين إلى ما يقارب 7.5% من مجموع من يحق لهم التصويت بافتراض أنهم مليون و250 ألف ناخب، كما ورد في إحصاءات منظمة الهجرة الدولية، فإن الكلفة ستصل إلى حدود الـ 150 دولاراً للناخب الواحد، علمًا أن تقرير الأمم المتحدة أشار إلى أن كلفة الناخب في أستراليا تبلغ 3.2 دولارات، وبنغلاديش 0.17 دولار، وباكستان 0.5 دولار، ودولاراً واحداً في الولايات المتحدة ومعظم دول غرب أوروبا، و 3 دولارات في بعض دول أميركا اللاتينية، و5 دولارات في المكسيك وكمبوديا وسويسرا.

الخبرة مقياس التكلفة

وأوضح الخبير الانتخابي إلى أن تقرير الأمم المتحدة أشار إلى أن اختلاف التكاليف سببه الخبرة السابقة للهيئة الانتخابية، التي تدير الانتخابات، والفروقات بين الدول التي فيها نظام ديمقراطي مستقر، وتلك التي تمر بمرحلة انتقالية نحو الديمقراطية، وعلى العموم فإن تلك الدول التي لديها خبرة أقل في الممارسة الانتخابية غالبًا ما تكون التكاليف فيها أعلى.

وفي ختام حديثه، قال الدكتور أيار إنه لو جمعنا تكاليف انتخابات الخارج منذ عام 2005 لظهر لنا أن مبالغ طائلة تصرف عليها من دون وجود مردود يذكر، فنسب المصوّتين لم تتجاوز 20%، وكان حريًا أن تصرف هذه المبالغ لبناء مدارس يحتاجها العراق.

وعبّر عن الأمل في أن يقوم مجلس النواب الجديد بتعديل قانون الانتخابات، وأن يلغي فقرة انتخابات الخارج منه، علمًا أن هناك الكثير من الدول لا تنظم انتخابات خارج حدودها، ولها الحق بذلك. أما من يريد أن يشارك في العملية الانتخابية، فعليه الذهاب إلى بلده لممارسة حقه، لا أن تأتي الحكومة بصندوق الانتخاب إلى أمام بيته ليضع ورقته فيه.

وكان رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات سربست مصطفى قد أعلن أمس أن أعداد الناخبين المصوّتين في انتخابات الخارج في عشرين دولة قد بلغت 165.532 ناخبًا. وأضاف أن عدد استمارات الشكاوى بلغ 129 استمارة، فيما وصل عدد وكلاء الكيانات السياسية إلى 1432، وعدد المراقبين المعتمدين 374، وعدد الإعلاميين المعتمدين 394.

محرر الموقع : 2014 - 05 - 01