كيف يدير داعش اقتصاده؟
    

كشف تحقيق أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي في جينيف، بالتعاون مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن تنظيم داعش يحقق إيرادات كبيرة من الضرائب وعمليات النهب ومصادرة الممتلكات، تعادل ما يجنيه من تهريب النفط تقريباً، حسبما أفاد أشخاص التقتهم الصحيفة البريطانية عبر الإنترنت في مناطق خاضعة للتنظيم.
وساق التحقيق أمثلة عملية عن عمليات جني الأموال، بعد أشهر من المقابلات مع مسؤولين ومحللين وأناس على الأرض بالمناطق الخاضعة للتنظيم، وتوصل من خلالها إلى أن أموالاً كثيرة تأتي من الضرائب على التجارة والزراعة وأصحاب المحلات والتحويلات، بل وحتى من الرواتب التي تمنحها الحكومات، وكلها تصب في النهاية في خزائن “داعش”.
حقائق يقينية
وحتى تحت مظلة الحكم الجهادي يظل الموت والضرائب ضمن حقائق الحياة اليقينية، والبعض يدركون ذلك بعد معاناة.
وبينما أعلن مسؤولو داعش عن ضريبة عُشر دينية كزكاة الصيف الماضي، عكف عامل البقالة منصور (26 عاماً) في شرق سوريا على المماطلة في السداد، بينما حاول التلاعب في دفاتره.
وبعدها بأسبوع أغار 4 من مسؤولي داعش على متجره وأمروه بالخروج، وقدَّروا الضرائب بأنفسهم، ومن سوء حظه أنهم أقاموا حساباتهم على سعر الجملة لمخزونه، ولم تكن هناك أية بطاقات أسعار على اللحم البقري المعلب، فما كان من أحد محصلي الضرائب إلا أن ركب دراجته البخارية وطاف يقارن ما بين أسعار اللحم البقري المُعلب في المتاجر الأخرى.
وأفاد منصور: “بعد 5 ساعات، انتهت عملية التدقيق المالي، وبلغت الفاتورة حوالي 108 دولار أمريكي، قالوا لي: أيها المُدلس، كيف سيُكتب لنا النصر إذا لم تدفع الزكاة؟”.
وشأن منصور شأن جميع المقيمين في مناطق سيطرة داعش والتقت بهم صحيفة “فاينانشيال تايمز”، وطلب منصور حجب اسمه الحقيقي لأغراض أمنية.
الإيرادات المحلية
وقد يكون النفط السوري بحسب المزاعم الشائعة أكثر موارد الجماعة الجهادية إدراراً للربح، لكن حتى لو نجحت الطائرات الأمريكية والفرنسية والروسية في محاولتها تقويض إنتاج التنظيم من النفط الخام، فإن الإيرادات المحلية كالضرائب يمكن أن تساعد على صمود اقتصاد داعش.
ويوضح التحقيق أن داعش يجني أموالاً من الضرائب والابتزاز والمصادرة، تضارع تقريباً ما يجنيه من النفط.
ويقول مسؤولو أجهزة الاستخبارات الغربية والمقاتلون السابقون في صفوف داعش وأهالي المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، إن الزكاة والرسوم وعمليات المصادرة، تمول الرواتب التي تجتذب المجندين الجدد، وتمول أيضاً خدمات مثل تنظيف الشوارع ودعم الخبز التي تقدمها داعش كدليل على إقامة دولتها.
ويرجع تاريخ الزكاة التي تُعد شكلاً إجبارياً من أشكال التصدق بالمال إلى أيام النبي محمد، وتفرض على المسلمين القادرين مادياً دفع ما يربو على 2.5% من رأسمالهم، ويجوز أن تصب هذه الأموال في سبيل المجاهدين لأجل قضية مقدسة، وهكذا يبرر داعش جبايته للأموال.
جامعي الضرائب
سواء أكانت دولة أم لا، فإن الخلافة المُعلنة ذاتياً بارعة في استغلال السكان الذين تحكمهم بمساعدة جيش صغير من جامعي الضرائب والمخبرين.
ويقول أحد الثوار السوريين الذين أداروا عمليات عسكرية بالتعاون مع داعش لعام كامل، قبل أن يفر إلى تركيا، ويدعى عمر: “ما من مصدر للأموال لا تمتد يدهم إليه، فالمال شريان حياتهم”.
وحتى في ظل استهداف التحالف الأمريكي للبنية الأساسية لداعش عن طريق هجمات جوية، فإن من بين التحديات التي تواجه جهود تدمير الجماعة نجاحها في تحويل الفرص المتاحة لها إلى سيولة مالية.
ابتزاز
وقبل أن يبسط تنظيم داعش سيطرته على إقليمه الحالي بفترة طويلة، جرت العادة على ابتزازه للشركة، حيث جمع التنظيم عشرات الملايين من الدولارات من الموصل وحدها.
واعتمد داعش في بداية الأمر على مصادرة الدخل ونهب البنوك والقواعد العسكرية وبيوت المسؤولين العراقيين، وفي كل ولاية، يقيم داعش مكتباً يُعرف باسم “مكتب غنائم الحرب”، لتقدير قيمة الغنائم بالدولار الأمريكي، وتدفع بخُمس ما اغتنمته للمقاتلين الذين شاركوا في الغارات.
وتُباع السلع غير العسكرية “بأسواق الأغراض المنهوبة” المحلية، ويقول المسؤولون والسكان المحليون إنه يجوز لأعضاء تنظيم داعش شراء تلك الأغراض بنصف الثمن.

محرر الموقع : 2016 - 02 - 07