المدارس الوهابية في أوروبا تحت المجهر
    

قبل عقود كان الوهابيون يسرحون ويمرحون في اوروبا ، ويقومون وبتمويل سعودي هائل ، ببناء المساجد والمراكز التعليمية لنشر الافكار الوهابية بين الجاليات الاسلامية في الغرب ، دون ان يواجهوا اي موانع ، نظرا للمصالح الاقتصادية والتجارية التي تربط الغرب بالسعودية وبجهل الغرب بالافكار الضارة والخطيرة للوهابية  ، ولكن اليوم وبعد ظهور "داعش" لم يعد الامر بالنسبة للوهابية بذات السهولة السابقة.

بات واضحا للغرب ان "داعش" والجماعات التكفيرية الارهابية ، تجسد تجسيدا عمليا الافكار الوهابية ، التي تعتبر من اكثر الافكار خطورة على المجتمعات الانسانية ومنها المجتمعات الغربية ، التي ذاقت في اكثر من مرة مرارة هذه الافكار وآخرها جريمة المقهى التي شهدتها استراليا.

الملفت ان المجرم الذي نفذ جريمة سيدني وان كان يعاني منذ سنوات من اضطرابات عقلية ، الا انه كتب قبل شهور من تنفيذ جريمته جملة تؤكد الى اي مدى يمكن ان يكون الانسان خطيرا في حال اعتنق الفكر الوهابي ، حيث يقول :" كنت رافضيا ( وهي عبارة تطلقها الوهابية على شيعة اهل البيت عليهم السلام) الا انني اليوم اصبحت مسلما والحمد لله" ، وهذه العبارة لا تعنى انه اصبح سنيا ، بل وهابيا ، وشتان بين السنة والوهابية ، فعبارة وفعل هذا الرجل اكدا : انه اصبح قاتلا ، وهو ما جسده عمليا بقتل ضحيتين بريئتين ، فور ما اصبح وهابيا!!.

بعد التحاق الالاف من الاوروبيين الذين يحملون جنسيات اوروبية ب"داعش" والمجموعات التكفيرية الاخرى في سوريا والعراق ، ارتكابهم هناك جرائم وحشية لا تصدق ، ومن ثم عودة بعض هؤلاء الى بلدانهم ، وتحولهم الى قنابل موقوته ، بل ان بعضهم قد انفجر فعلا لدى عودتهم ، اصبح لزاما على الغرب عن يقف على اسباب ظاهرة "الدواعش" الاوروبيين ، كيف تمكنت الوهابية من التسلل الى ادمغة هؤلاء الشباب وحولتهم الى قتلة محترفين؟.

يبدو ان الغرب وقف على احد اهم اسباب الوهابية التي اخذت تنخر ادمغة بعض الشباب الاوروبي ، وهي المساجد والمدارس التي تمول سعوديا وتنشر الفكر الوهابي الخطير في الغرب ، فالكثير من الدراسات اشارت الى ان هذه المدارس والمساجد كانت تفرخ شبابا وهابيا حاقدا على الحياة وعلى الناس وعلى المجتمعات التي يعيشون فيها ، من خلال حشو هذه الادمغة بقراءة مشوهة وخاطئة عن الاسلام والاسلام منها براء.

الغريب ان هذه المدارس والمساجد كانت بعيدة عن كل رقابة من قبل الحكومات الغربية ، الامر الذي جعل ائمة هذه المساجد والمعلمين في المدارس يتحركون في حرية تامة دون اي عوائق ، ما جعل الوهابية تنتقل بهذا الشكل المخيف الى المجتمعات الغربية لا سيما بين اوساط الشباب الجاهل والمحبط والمعقد والمريض واصحاب السوابق ، كما تبين من سجل الشباب الذين جاؤا الى سوريا والعراق وتم الكشف عن هوياتهم.

لهذه الاسباب اخذ الغرب يرصد مساجد ومدارس الوهابية ، واخر الاخبار التي وصلت في هذا الشان ، وهو الامر الذي صدر عن مجلس المدارس في العاصمة النمساوية فيينا باغلاق مدرسة سعودية  لرفض القائمين عليها كشف هويات موظفيها ، بالاضافة الى تعليمها التلاميذ قراءة متشددة عن الاسلام.

وقال المتحدث باسم مجلس المدارس في فيينا ماتياس ميسنر ان مدرسة فيينا السعودية (ساوودي سكول فيينا) التي اسستها السعودية قبل 10 سنوات وتستقبل 160 طالبا ستضطر الى اغلاق ابوابها في نهاية العام الدراسي لانها لم تقدم قائمة باسماء المعلمين ولا اعضاء ادارتها.

واوضح ميسنر ان المدرسة موضع تحقيق بسبب شبهات بنشر الاسلام المتشدد ،  وطلبنا من الادارة ان تقدم لنا بحلول نهاية السنة ترجمة محلفة لكل كتبها وموادها التعليمية ، وامام المدرسة مهلة اربعة اسابيع لاستئناف قرار اغلاقها.

موقف السلطات النمساوية هذا جاء بعد اعلان وزارة الداخلية النمساوية ان ما لا يقل عن 142 شخصا من الشباب النمساوي بينهم قاصرون التحقوا بصفوف المجموعات التكفيرية في سوريا والعراق.

وهو ما دعا ايضا الى ان تضع حكومة الائتلاف اليساري-اليميني في النمسا اللمسات الاخيرة على مشروع قانون يحظر تمويل منظمات دينية باموال اجنبية وكذلك فرض نسخة واحدة للقرآن بالالمانية.

انه ومن اجل مكافحة الوهابية لابد من مكافحة العلة الرئيسية التي تفرخها ، الا وهي المدارس والمساجد التي تمولها السعودية ، فمثل هذه المراكز هي التي تستقطب الشباب الفاشل وتحرك فيه كل نوازع الشر وتقتل فيه دوافع الخير ، لذا حسنا فعلت السلطات النمساوية عندما وضعت المراكز السعودية تحت مجهرها ، والعمل على قطع اي رابطة بين هذه المراكز وبين السعودية ، وذلك من اجل تحصين الشباب من الانحراف نحو الوهابية وبالتالي تحصين المجتمع من خطر هذا الفيروس القاتل.

شفقنا- سامي رمزي

محرر الموقع : 2014 - 12 - 17