ممثل المرجعية العليا في اوربا يعزي العالم الاسلامي بشهادة ثاني ائمة المسلمين الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (ع) قائلاَ، اتسمت حياة الامام المجتبى (ع) بمكارم الاخلاق وفي مقدمتها الجود والكرم
    

عزي ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد مرتضى الكشميري العالم الاسلامي بشهادة ثاني ائمة المسلمين الامام الحسن بن علي بن ابي طالب  .(ع) قائلاَ، اتسمت حياة الامام المجتبى (ع) بمكارم الاخلاق وفي مقدمتها الجود والكرم

 

جاء حديث سماحته عبر الاثير بمناسبة شهادة الامام الحسن الزكي (ع) التي كانت على اشهر الروايات في 7 من شهر صفر سنة 50هـ عن عمر ناهز 47 عاما، والامام الحسن هو الامام الثاني من أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وسيد شباب أهل الجنة، وأحد الثقلين الذي من تمسك بهما نجا، ومن تخلف عنهما غرق وهوى، تربى في أحضان جده رسول الله، وتغذى من بيت الإمامة في ظل والده الإمام علي بن أبي طالب ، فجمع في شخصيته شرف النبوة والإمامة، وشرف النسب والحسب.

واتسمت حياته بالحلم والسماحة والجود والكرم حتى سُمي بكريم أهل البيت لكثرة سخائه وكرمه وعطائه، وما قصده قاصد بحاجة الا وردّه بقضائها، حتى جاءه أعرابي وطرق الباب، وأنشد الأبيات التالية :
لم يبق لي شيء يباع بدرهم           يكفيك منظر حالتي عن مخبري
إلا بقايا ماء وجه صنته           ألا يباع وقد وجدتك مشتري

فأمر الإمام خازنه بإحضار ما في الخزانة، فكانت اثني عشر ألف درهم، وقال: هذه بقية النفقة، فقال الإمام: أعطه وأحسن ظنك بالله، فأنشد:
عاجلتنا فأتاك وابل برنا           طلا ولو أمهلتنا لم تمطر
فخذ القليل وكن كأنك لم تبع           ما صنته وكأننا لم نشتر

وسأله سائل اخر فاعطاه من وراء الباب، فقال الأعرابي: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي. فأنشأ الحسن (ع):
نحن أناس نوالنا خضل            يرتع فيه الرجاء
والأمل تجود قبل السؤال أنفسنا            خوفا على ماء وجه من يسل
لو علم البحر فضل نائلنا            لغاض من بعد فيضه خجل

وثمة سائل اخر قال يا بن رسول الله بحق الذي اولاك بالشرف واختصك بالفضل الا ما انتصفت لي من خصمي فانه لا يعطف على صغير ولا يرحم كبير، فقال له الامام ومن خصمك؟ فقال الفقر، فامر الامام له باربعة الاف درهم، ثم قال بحق القسم الذي اقسمت به اذا ما عاد عليك خصمك الا ما جئتنا.
واليه تنسب الابيات التالية:
ان السخاء على العباد فريضة            لله يقرأ في كتابٍ محكم
وعد العباد الاسخياء جنانه            وأعدّ للبخلاء نار جهنّم
من كان لا تندى يداه بنائلٍ            للراغبين فليس ذاك بمسلم

الى غير ذلك من مواقفه اللامعة التي تدل على تمتعه بمكارم الاخلاق.

هذا وشخصية بحجم الإمام الحسن الزكي (ع) بحاجة للكثير من الدراسات التحليلية لمعرفة أبعاد شخصيته العظيمة، والظروف التي عايشها في حياته، وما تركه من آثار أخلاقية واجتماعية وفكرية وعقائدية للأجيال المتعاقبة، فالإمام الحسن شخصية كبيرة، وقد عاش إرهاصات نشر الإسلام في ظل جده الرسول الأكرم ، كما تحمل المعاناة والآلام والشدائد في سبيل تثبيت دعائم الإسلام وأركانه، وشاهد وشارك وجاهد في تحمل المسؤولية في مواجهة الناكثين والفاسقين والمارقين في عهد والده الإمام علي بن أبي طالب .

وقد واجه الإمام الحسن الزكي(ع) في حياته الكثير من المعاناة والألم والمحن، وتحمل من صنوف الأذى النفسي والعنف المعنوي الشيء الكثير، حتى من بعض أصحابه الذين لاقوه بالنقد الشديد لإبرامه الصلح مع معاوية مع علمهم باضطراره لذلك...وهذه هي المحنة الأولى والأصعب على الإمام ؛ إذ أن بعض أقرب الناس إليه لم يستوعبوا ما قام به الإمام الحسن من صلح مع معاوية، وعاتبوه بل وتلفظوا عليه بما لا يليق!
وقد أوضح الإمام الحسن(ع) أن من أهدافه من إبرام الصلح هو الحفاظ على البقية الباقية من المؤمنين، حتى قال لمالك بن ضمرة لما عاتبه على الصلح:
(خشيت أن تجتثوا عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين في الأرض ناعي)
وقال لأبي سعيد لما سأله عن علة الصلح أيضاً: (لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل).
والمحنة الأخرى التي واجهها الإمام الحسن (ع) كانت مع أعدائه: إذ قام الأمويون بحملة لتشويه شخصية الإمام الحسن (ع) حيث شنوا عليه حملة دعائية لتشويه شخصيته، ولفقوا عليه اتهامات كاذبة من قبيل: إنه كثير الزواج والطلاق، ووضع أحاديث مزورة تعطي انطباعاً غير لائق عن شخصيته وسيرته ومقامه وفضله.

ولما رأى الأمويون اصطفاف الناس حول الإمام الحسن(ع) المدينة، وبعد محاولات عديدة لم تحقق أهدافها لاغتيال شخصيته المعنوية والاعتبارية، وضعوا خطة محكمة للقضاء الجسدي على الإمام الحسن(ع) من أجل التخلص منه نهائياً.

وبالفعل قاموا باغتيال الإمام الحسن (ع) بسم زعاف تم دسه إليه بواسطة زوجته (جعدة بنت الأشعث) التي وضعت السم في جرعة من اللبن وقدمته للإمام الحسن وهو صائم!
وقد بقي الإمام الحسن (ع) أربعين يوماً بعد شربه للبن المسموم حتى لحق بالرفيق الأعلى شاهداً وشهيداً.

وهكذا توج الإمام الحسن المجتبى (ع) جهاده العظيم بالشهادة، فذهب لربه شهيداً بعدما قاد الأمة خلال فترة إمامته التي استمرت عشر سنوات في ظروف صعبة ومعقدة للغاية.

فسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.

محرر الموقع : 2020 - 09 - 24