سادية الديكتاتور تؤكد اقتراب نهاية عهده الاسود
    

انتصار ارادة الشعب واضحة وجلية لمن اراد ان يستوعب حقيقة ما يجري في ارض اوال البحرين. وقد جاء القرار الخليفي الشهر الماضي يتصعيد وتيرة القتل خارج القانون وذلك بتخويل الجيش باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين، ليؤكد ان ثورة البحرين ليست مستمرة فحسب، بل صامدة ومنتصرة بعون الله تعالى. فلو ان الخليفيين انتصروا لما احتاج الطاغية لاعلان احكام الطواريء مجددا، ولما اصدر رمز التعذيب في البلاد تصعيد العدوان على المناطق الآمنة وخطف المواطنين والتنكيل بعلماء الدين. لو انتصرت العصابة الخليفية المجرمة لما احتاجت لاصدار قرار جديد بشن الحرب على "حزب الله وولاية الفقيه". العالم لم يسمع من قبل عن حرب عسكرية ضد مفاهيم ومصطلحات. فما معنى الحرب العسكرية على ولاية الفقيه؟ هل هذا يعني ارسال الطائرات الخليفية لطهران وقصف منزل الولي الفقيه؟ هل سيكرر الديكتاتور الذي ما يزال متربعا على كرسي الحكم بدعم قوات الاحتلال الاجنبية، الجريمة التي ارتكبها في اليمن ثم ارتدت عليه هزيمة منكرة دفعته للهرب من ساحات القتال؟ العقلاء لا يمكن ان يحكموا على تصرفات كهذه الا انها رعناء ومجنونة ولا تعبر عن عقل او حكمة. فالعدوان السعودي على اليمن ورط العصابة السعودية في مستنقعات حرب ليس لها نهاية الا بسقوطهم، ودفع صدام حسين لشن عدوان على الكويت ادت الى سقوط حكمه في النهاية. هذه السياسات لا يمارسها الا المعتوهون ومن هيمن غرور العظمة على عقولهم، فاصبحوا يتصرفون بعواطف شيطانية سرعان ما تؤدي بهم الى الجحيم. لقد اتضح الآن ان المغامرة السعودية في اليمن لم توفر لها احتراما من احد، بل اظهرتها مستجدية من الامريكيين انواع ا لسلاح الفتاك، ومعتمدة بشكل كامل على الدعم الاجنبي بدون حياء او وجل. ولكن يبدو ان العصابة الحاكمة في البحرين ما تزال تنطلق على اساس بقائها حليفة للعصابة السعودية، وهي تعلم ان منطقة الخليج ستشهد توترا بين السعوديين وبقية المناطق الاخرى. وبرغم الدعم الانجلو – بريطاني اصبح السعوديون مدينين للسعودية، ومطالبين باتباع سياستها وعدم الخروج على قراراتها. وليس مستبعدا ان تحدث مشادات صعبة مع السعوديين والبريطانيين والامريكيين نتيجة هذا التكالب على ما بايدي الشعب من ثروات، خصوصا لجهة انتمائه لهذه التربة منذ قرون. ولا شك ان شعور الخليفيين بالغربة واحد من دوافعهم للتنكيل بالسكان الاصليين الذين ابعدوا عن مراكز اتخاذ القرار، وتم اقصاؤهم الى القرى والارياف.

 

ثورة البحرين جاءت لتنتصر ولتطوي صفحة الاحتلال الخليفي الذي تجاوز حدوده وبلغ نهاية طريقه. القرار الرسمي بتخويل قوات الجيش والمرتزقة باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين تعبير عن حالة يأس هيمنت على العصابة الحاكمة وابعدتها عن التفكير السوي، فاصبحت تتصرف بمنطق المتعطشين للدماء، الراغبين في الانتقام، الخاسرين الحرب والسلام. وجاءت زيارة الرئيس الامريكي، باراك اوباما، الشهر الماضي للسعودية لتوجيه تحذير اخير من مغبة استمرار المشروع السعودي المؤسس على الحقد والطائفية والتطرف والارهاب، وان امريكا ستدعم هذه العائلات الحاكمة بشرط ان تعيد النظر في موقفها ازاء الارهاب والمجموعات المتطرفة التي تقطع اراضي شبه الجزيرة العربية من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب. الشعب البحراني لم يخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما، بل انطلقت ثورته بعنوان الاصلاح وانهاء فصول الظلم السوداء واقتلاع اسباب الشر ورموزه وعناصره. في زمن تهيمن فيه القبائل على المجتمعات المتحضرة، وتستعبد رجالها وتقتل شبابها ونساءها، لم يعد هناك مجال للتعايش بين منظومتين: وطنية تحررية تهدف لاقامة حكم الشعب بتوافق مكوناته، وقبلية تنطلق للحفاظ على مصلحة افرادها ومناصبهم والاموال التي نهبوها من الوطن والشعب. انطلق شعب البحرين لتحرير الذات اولا، والعقل ثانيا، والجسد المثخن بالجراح ثالثة. ولهذا يصر على تحقيق مطالبه بدون قيد او شرط، ولا يقبل باي حوار يفضي لاستعادة عناصر القبيلة الحاكمة مواقعهم التي استغلوها في الماضي للفساد والافساد ونشر الفوضى والاعتداء على القيم الانسانية والدينية للشعب البحراني الاصلي.

 

ان مطالب الشعب ليست خاضعة للنقاش، فهي ليست عملية بيع او شراء، بل قضية استعادة حقوق مسلوبة منذ عقود، وهوية شعب استهدف في دينه ومذهبه وعرقه، وعنوان حرية يصر الثائرون على استعادتها كاملة غير منقوصة، ومعاقبة العناصر التي تسببت عبر العقود الماضية في استضعاف الشعب وتاخير نهضته وتمزيق صفه وبيع سيادته على ارضه. انها مطالب مشروعة لا يمكن التخلي عن بعضها او كلها، ولا يحق لاحد المساومة عليها. فالحرية اما ان تؤخذ كاملة او ستتحول الى شعار فضفاض غير ذي شآن، ولا مجال لانتصاره. كان شباب الثورة واعيا ماذا يريد حين اطلق صرخاته في 14 فبراير 2011: الشعب يريد اسقاط النظام. وكرر هذه الشعارات طوال السنوات الخمس الاخيرة، رافعا قبضات يديه لتهز الهواء وتكرر هتاف الحرية الخالد. في هذا الخضم من الحوادث والتطورات، تطل ثورة البحرين برأسها مصداقا لمقولات الثورة السلمية التي تصر على المطالب ولا تساوم على الوسائل، ترفع شعار السلم ولا تمارس غيره. لقد طرح المناضل الاستاذ حسن مشيمع مفاهيم عديدة حول المقاومة المدنية، هادفا لتعميق الوعي بها ولتحويلها الى مشروع عمل تغييري سياسي شامل. وما تزال كلماته تتردد اصداؤها في نفوس محبيه من السائرين على طريق الثورة والراغبين في تحقيق اهدافها. ومن وراء القضبان كثيرا ما تصك اسماع الثوار كلمات احد الرموز والقادة، مؤكدة صممود الشعب والثورة على المطالب ورفض المحاولات الخليفية شق الصف ا لوطني بوعود فارغة واجراءات قمعية مغلفة بما يوحي بعكسها. لقد مل الشعب هذه الاساليب، وعمد لاعادة صياغة اولوياته ضمن مشروع عمل سياسي واسع يتصل بالشعب من جهة، وينطلق وفق قواعد اللعبة الدولية من جهة اخرى، ويخلص لشعاراته بتحويلها الى برامج عمل فاعلة تهدف لايقاظ الشعب ودفعه لحماية نفسه ورفض القبول بانصاف الحلول. مشروع التغيير الذي رفعت الثورة شعاره ثابت لا يتغير، فهو يطالب العصابة الخليفية بتسليم السلطة للشعب، ويؤسس لنظام حكم يحترم الشعب خصوصا السكان الاصليين (شيعة وسنة)، ويلغي مشروع التغيير السكاني الذي اقترب مؤخرا من الابادة الجماعية للسكان الاصليين. مشروع التغيير هذا يؤسس لدولة مدنية عصرية على مبدأ "لكل مواطن صوت"، ويساوي بين كافة السكان بدون التمييز على اساس الدين او المذهب او العرق، ويخطط لاستعادة السيادة على البلاد من المحتلين الاجانب خصوصا السعوديين. كما انه يخطط لاقامة حكم القانون، بدلا من قيم القبيلة والاعراف والولاء للديكتاتور. وهذا يعني ان التغيير آت بعون الله، وان كره الطغاة والمتجبرون والمحتلون.

 

قد تختلط الاوراق احيانا بين من يدعو للتغيير الشامل ومن يسعى للتعايش مع العصابة الخليفية، وهذا امر طبيعي، خصوصا ان بصائر البشر تختلف واهدافهم تتباين، وقدراتهم على تحمل المعاناة غير متساوية. لكن الاساس الذي توافق عليه الجميع، كما جاءت على لسان الشيخ الاسير، علي سلمان اننا لن نسلم رقابنا مرة اخرى للخليفيين. فلا رجعة للماضي الذي استحوذ فيه الخليفيون على كل شيء. الشعب بدأ مشواره على طريق التغيير ولن يتوقف حتى تتحقق تلك المطالب. هل سيستطيع ذلك؟ الامر المؤكد ان الطغاة لا يبقون اذا أصرت الشعوب على ازاحتهم، وان النصر حليف المؤمنين الصابرين، بوعد الهي لا يتغير، وان الظروف الاقليمية والدولية هي الاخرى في حالة تموج واضطراب لاسباب عديدة من بينها السياسات السعودية والخليفية الداعمة لمجموعات التطرف والارهاب. لذلك اصبح سقوط نظام الظلم الخليفي حقيقة مبرمة بعون الله تعالى.

 

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

 

حركة احرار البحرين الاسلامية

محرر الموقع : 2016 - 04 - 29