نصيحة للوالدين.. تجنبًا الشجار أمام أطفالكما الرضع، ذاكرتهم تدوّن كل ما يدور حولهم
    

عادة ما يطلق الكبار أحكاماً مفاجئة على الصغار، حيث تؤدي تلك الانطباعات الأولى بنا إلى تحديد شخصياتهم، مثل خوفهم أو نشاطهم أو مدى كونهم سريعي الإرضاء.

خمسون عاماً من المتابعة تظهر أن الأطفال الرضّع يبدأون حياتهم بالسمات التي تطورت بكيفية تفاعلهم مع العالم، وكيفية تأثير العالم فيهم، ومن ثم قد يكون هذا أحد الأسباب التي توضح لماذا يختلف الأشقاء عن بعضهم اختلافاً كلياً داخل الأسرة الواحدة بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

ففي الوقت الذي تحاول الأم فيه تقييم طفلها، إن كان خجولاً أم منفتحاً، فإنها تتجه لتكييف تصرفاتها تبعاً لشخصية صغيرها.

ولكن ماذا إن حكم الصغار علينا سريعاً وبقوة أيضاً؟ فعدم قدرتهم على قول الكثير لا يعني أنهم لا يملكون آراءهم القوية الخاصة بهم.

دراسة جديدة أظهرت أن الصغار يملكون مراقبة ذكية لمغزى مشاعر الكبار، ومن ثم يراقبون تصرفاتهم تبعاً لذلك.

تلك الدراسة التي نشرت في عدد مارس/ آذار من مجلة "علم نفس النمو"، أظهرت أن الرضع الذين يحصلون على لمحة سريعة لموقف غاضب بين غريبين، سوف يؤثر عليهم ذلك بشكلٍ مؤقت أثناء اللعب.

بيتي ريباشولي وأندرو ميلتزوف، القائمان بالدراسة، وكلاهما من جامعة واشنطن، أوضحا أن الرضع الذين يشهدون ويراقبون فورةً عاطفية، يتوقعون أن يفقد صاحبها أعصابه مجدداً في موقف جديد.

"يسجل الصغار كيف نستجيب عاطفياً"، كما قال د. ميلتزوف، "إنهم يدونون ملاحظاتهم عن ردات أفعالنا".

شملت التجربة 270 صغيراً في عمر الـ15 شهراً، حيث راقبوا شخصين بالغين غير مألوفين لهم، فقد قام أحد البالغين ويدعى “the emoter,” بإظهار رد فعل محايد أو غاضب تجاه البالغ الثاني عند محاولته اللعب، مظهراً عاطفته عن طريق التعليق ب "هذا مسلٍّ" بنبرة هادئة، أو "هذا مزعج" بطريقة التوبيخ الغاضب.

الصغار الذين شهدوا رد الفعل القاسي، كانوا أكثر تراجعاً وتردداً قبل أن يقوموا بلمس اللعبة الجديدة، حتى وإن أدار الكبير الغاضب ظهره لهم، وحتى إن عرض عليهم ألعاباً أخرى مختلفة، فقد كان تردد الطفل واضحاً، بل إن بعض الصغار تجنبوا اللعبة تماماً.

دراسات أخرى لنفس الباحثين أظهرت باستخدام نفس الأسلوب "التنصت على غريبين"، تبعاً لما نشر في عدد شهر فبراير/ شباط في "مجلة الطفولة"، حيث أن الأطفال الذين يتعرضون لمشاعر غاضبة، هم أكثر عرضةً من الأطفال الآخرين للتخلي عن اللعبة "لأنهم تعلموا أن الكبار أكثر عرضةً للغضب، لذلك هم يعملون على محاولة استرضائهم" كما قال د. ريباتشولي.

تشير هذه الدراسات، إلى أن الرضع يستطيعون إدراك أي تقلبات يمكن أن يمر بها الكبار، ولكن هذه النتائج تأخذنا أيضاً إلى سؤال أكثر عمقاً، إذا كانت مشاهدات الغضب تؤدي بالأطفال إلى وضعهم في حالة تأهب قصوى، فكيف يمكن أن يؤثر ذلك في الصراعات الحتمية التي تحدث في الحياة الأسرية؟

وحيث أن هذه الدراسات اعتمدت على رد فعل الأطفال من مراقبتهم لأشخاص غرباء عنهم، فلقد أوضح د. ريباتشولي ود. ميلتزوف، أن هذه النتائج لا تعبر عن الحياة الأسرية، حيث يختبر الآباء وصغارهم جميع أنواع المشاعر في المواقف المختلفة والمتعددة. "إن لديهم تاريخاً طويلاً من التفاعل مع صغارهم، وهو ما لا يملكه الغرباء في دراستنا"، كما كتب د. ميتزولف.

إن تملكك الغضب بين الحين و الآخر، فلن يبطل التوقعات الإيجابية التي تراكمت لدى صغيرك على مدى أشهر من لقاءات المحبة بينكما، مع ذلك "نلتقط لمحاتٍ عن كيفية تقييم صغارنا لنا، وكيف يمكنهم أن يصفوا شخصياتنا، إن تمكنوا فقط من الحديث".

 
محرر الموقع : 2016 - 05 - 05