إستفتاء للمرجع السيد الامام السيستاني حول رؤية الهــلال وثبوته
    

السؤال: ذكر سيدنا (دام ظله) أن الهلال لا يثبت بإخبار الفلكيين ، مع أن علم الفلك يقوم على أسس علمية متينة وحسابات رياضية دقيقة ، ونسبة احتمال الخطأ فيها لا تكاد تذكر ، ولا يزال الفلكيون يعدّون جداول شروق الشمس والقمر وسائر الكواكب السيّارة المعروفة في المجموعة الشمسية، ويلاحظ أنها في نهاية الدقّة بحيث لم تتخلف عن الواقع ــ وعلى الأقل خلال هذا القرن ــ ولا مرة واحدة .وأيضاً أن أرصاد علماء الفلك بخصوص وقت دخول القمر في المحاق وخروجه والوقت المحدّد لرؤيته ومقدار بعده الزاوي مقاساً بالدرجات القوسية عن الشمس ومقدار ارتفاعه فوق الأفق مقاساً بالدرجات القوسية و رصد بعده الأقصى عن الأرض و بعده الأدنى عنها كلها معلومات دقيقة يقينية معروفة لعلماء وطلاب علم الفلك وليست من قبيل الظنيات.
وعلى ذلك فلماذا لا يتم الاعتماد على إخبار الفلكيين الثقات عن ولادة الهلال للحكم بدخول الشهر الجديد ؟

الجواب: إن المستفاد من الأدلّة الشرعية كون العبرة في بداية الشهر القمري بظهور الهلال على الأفق بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة لولا الغيم ونحوه من الموانع الخارجية ، فلا تكفى ولادة الهلال وكونه موجوداً على الأفق ولكن بنحو غير قابل للرؤية مطلقاً أو بنحو غير قابل للرؤية إلا بالأدوات المقربّة والرصد المركّز.
وعلى هذا الأساس فإن إخبار الفلكيين عن ولادة الهلال وخروجه عن المحاق مما لا ينفع في الحكم بدخول الشهر القمري الجديد وإن كان معتمداً على الحسابات الرياضية القطعية .
وأما إخبارهم عن إمكانية رؤية الهلال بالعين المجرّدة في مناطق معينة إما مطلقاً أو في الأجواء المثالية ــ كما يعبّرون ــ فهو يعتمد على عنصرين : 
أحدهما : المحاسبات الفلكية الخاصّة بوضع الهلال في تلك المناطق ، أي من حيث عمره ودرجة ارتفاعه عن الأفق ومقدار بُعده الزاوي عن الشمس ونحو ذلك من العوامل المؤثرة في الرؤية .
وثانيهما : التجارب الفلكية المعتمدة على رصد الهلال ميدانيّاً للتحقق من أدنى الشروط المطلوبة لرؤيته بالعين المجرّدة ، أي من حيث العمر والارتفاع والبعد عن الشمس وغير ذلك.
وهذا ما اختلفت بشأنه آراء الفلكيين ، مثلاً بنى بعضهم على إمكانية رؤية الهلال وهو بعمر (١٤) ساعة في حين اشترط آخرون أن يكون في الحد الأدنى بعمر (١٦) ساعة ، وقال بعضهم (١٨) ساعة وقيل غير ذلك. وأيضاً ادّعى بعضهم إمكانية رؤية الهلال وهو بارتفاع (٤) درجات على الأفق حين غروب الشمس ، وقال آخرون أن الحد الأدنى من الارتفاع المطلوب لرؤيته هو (٥) درجات ، وقال جمع أنه (٦) درجات وقيل غير ذلك ، وهكذا الحال في سائر العوامل المؤثّرة في الرؤية .
وعلى ذلك فلا سبيل للمكلف إلى الأخذ بإخبار الفلكيين من إمكانية رؤية الهلال في منطقة كذا وكذا مما لا يتأكد من ظهور الهلال فيها بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة ، للنصوص الدالة على النهي عن الاعتماد على الرأي و التظني في أمر الهلال كقول الباقر (ع) ( إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا وليس هو بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية) (١).
نعم إذا حصل للمكلّف العلم أو الاطمئنان ــ ولو من خلال التجربة والممارسة ـ بأن الهلال الموجود على الأفق المحلّي بحجم كذا وبارتفاع كذا وبسائر الخصوصيات المؤثرة في الرؤية قابل لأن يُرى بالعين المجردة وإنما لم يُرَ بسبب السحاب أو الضباب أو الغبار أو نحوها يلزمه العمل بموجب ما حصل له من العلم أو الاطمئنان .
---------
(١) تهذيب الأحكام ج٤ ص ١٥٦ .
 
٢السؤال: يحكى عن سيدّنا المرجع ( دام ظلّه ) أنه لا يأخذ أحياناً بشهادات الشهود على رؤية الهلال إذا خالفت إخبار الفلكيين بعدم قابليته للرؤية مع أن الشهادات حسّية والإخبار حدسي فما الوجه في ذلك؟
الجواب: إن إخبار الفلكيين على قسمين : 
١ ـ ما يعتمد الحسابات الرياضية ولا يتخلله الاجتهاد والحدس الشخصي كإخبارهم عن زمان ولادة الهلال ووقت خروجه من المحاق ومقدار ارتفاعه فوق الأفق ونسبة القسم المنار إلى اكبر قطر يبلغه القرص ونحو ذلك ، ولا يحدث عادةً اختلاف بين الفلكيين في هذا القسم ، نعم ربما يخطأ بعضهم في المحاسبة.
٢ ـ ما يخضع للحدس والاجتهاد ويعتمد التجربة والممارسة ، كقول بعضهم أن الهلال لا يكون قابلاً للرؤية إلا إذا كان بارتفاع (٦) درجات فوق الأفق أو بعمر (٢٢) ساعة أو ببُعد كذا عن الشمس وأشباه ذلك ، وفي هذا القسم يكثر الاختلاف في وجهات النظر .
فإذا كانت شهادات الشهود على رؤية الهلال مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الأول يحصل عادة العلم أو الاطمئنان بخطأ الشهادة إذا اخبروا وفق حسابات دقيقة أن الهلال بعدُ في المحاق أو أنه قد غرب قبل غروب الشمس ومع ذلك شهد اثنان أو أزيد برؤيته! 
وأما إذا كانت الشهادات مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الثاني فربما يحصل الاطمئنان بخطأ الشهادات ـ بتجميع القرائن والشواهد ـ و ربما لا يحصل الاطمئنان بذلك، وإن لم يحصل وكان من ضمن الشهود عدلان تتوفر في شهادتهما شروط الحجيّة لزم العمل بمقتضاها ولا أثر للظن بخلافها .
وبالجملة : إن من شروط حجّية البيّنة ( شهادة العدلين ) على رؤية الهلال هو عدم العلم أو الاطمئنان باشتباهها ، فإن حصل العلم أو الاطمئنان بذلك ولو من إخبار الفلكي ــ مثلاً ــ بكون الهلال بعدُ في المحاق أو بكونه بعدُ رفيعاً جدّاً بحيث لم ير مثله بالعين المجرّدة من قبل فلا عبرة بالبيّنة ، و إلا يؤخذ بها ولا أثر لإخبار الفلكي.
 
٣السؤال: نحن قسم من أهالي منطقة جبلة في محافظة الحلة وتوجد في منطقتنا حسينية كنا نعتمد عليها في الافطار وفي هذه المرة سمعنا فيها صلاة العيد وقد شاع يبن أهالي المنطقة انه عيد وتعذر علينا الاتصال بالنجف الأشرف وتم الافطار . ما هو حكم الافطار لهذا اليوم هل قضاء مع كفارة أم قضاء فقط ؟
الجواب: إذا حصل الاطمئنان بثبوت هلال شوال من شياع ونحوه ثم تبين خلافه فلا كفارة ولكن يجب القضاء وإن لم يحصل الاطمئنان ومع ذلك تمّ الافطار لزمت الكفارة مع القضاء .
 
٤السؤال: لماذا لانتبع التقنية العلمية، اقصد الاجهزة فيما يخص رؤية الهلال في الاعياد وبدايات الاشهر ونعتمد الرؤية بالعين المجردة ؟
الجواب: لان المستفاد من النصوص الشرعية ان العبرة في دخول الشهر القمري بوجود الهلال في الأفق عند غروب الشمس بدرجة من الارتفاع والاضاءة بحيث يكون قابلاً للرؤية بالعين المجردة الاعتيادية لولا الموانع.
 
٥السؤال: ما حكم من افطر قبل العيد علي الشياع غير الحجّة شرعاً جهلاً منه بالحكم فهل يجب عليه القضاء والكفارة؟
الجواب: اذا كان واثقاً حين ذاك بجواز الافطار له لم تلزمه الكفارة.
 
٦السؤال: هل ان ثبوت الهلال في بلد يوجب ثبوته في الاخر ام يشترط اتفاق الافق ؟
الجواب: يشترط الاتفاق في الافق بمعني كون الرؤية في البلد الاول مستلزمة للرؤية في البلد الثاني لو لا المانع من سحاب او جبل او نحوهما ، ويتحقق ذلك فيما إذا كان الهلال في الثاني وفق الحسابات الدقيقة الفلكية بمواصفات أفضل أو مماثلة لما كان عليه في البلد الأول من حيث الحجم والارتفاع عن الأفق وقت الغروب والبعد الزاوي عن الشمس.
 
٧السؤال: ما حكم الهلال الذي يثبت في مكان دون غيره ؟
الجواب: لكل مكان حكمه الاّ إذا ثبتت وحدة المكانين في الأفق.
 
٨السؤال: اذا كان بين البلدين نحو ساعة او اكثر في طلوع الشمس وغروبها فهل يعتبر افقها في الهلال واحداً ام لا؟
الجواب: لا يعتبران متحدين في الافق نعم رؤية الهلال في البلد ملازمة عادةً لرؤيته ـ لولا الموانع ـ في البلدان التي تقع علي الغرب منه مع تقاربها في خطوط العرض ـ وكذلك اذا مكث الهلال في بلد الرؤية بازيد مما يختلف مع البلدان الواقعة علي شرقه في طلوع الشمس وغروبها كشف ذلك عن امكانية رؤيته في تلك البلدان في صورة تقاربها مع بلد الرؤية في خطوط العرض.
 
٩السؤال: هل يمكن تحديد المدي الذي نستطيع ان نقول فيه عن (منطقتين) انهما متوافقتين في الافق ؟
الجواب: لا يمكن تحديد ذلك بصورة مضبوطة . نعم إذا كان بلد المكلّف في غربي بلد الرؤية وكانا متقاربين في خطوط العرض ــ بأن لم يختلفا الاّ بدرجة أو درجتين ــ تكفي الرؤية لبلده أيضاً.
 
١٠السؤال: هل هناك وحدة افق او تقارب بين (البحرين) و(النجف الاشرف) ؟
الجواب: نعم هناك تقارب بين افقيهما ولكن ليس بحيث يحرز ان رؤية الهلال في البحرين مستلزمة لامكانية رؤيته في النجف الأشرف ، نعم إذا رؤي في النجف الأشرف فالغالب إمكانية رؤيته في البحرين لولا الموانع الخارجية.
محرر الموقع : 2014 - 07 - 21