من لا يسمع نفسه هل يستطيع ان يسمع شعبه
    

بقلم: جعفر الخالدي

من الصعب تصور ان هناك انسانا لا يسمع ما يقوله علنا جهارا وهو بكامل قواه العقلية , بل ويصرح به امام الاعلام والقنوات الفضائية , هذا صعب تصوره الا عند المسؤولين في الدولة العراقية, فهم اما انهم حقا لايسمعو انفسهم لانهم  ليسوا من صنف البشر او انهم يستغبون الشعب بعد  ان ضحكوا عليه  واستهزؤا به واستهتروا بمقدراته لانهم لم يرو من يقف امامهم ليردعهم او يحاسبهم فاصبحو مصداقا للقول "من امن العقاب اساء الادب". فقد صرح احد كبارهم امام احدى القنوات الفضائية قائلا " ان جميع من اشترك بالعملية السياسية قد فشلوا فشلا ذريعا في توفير اي شىء للمواطن بعد اكثر من عقد من الزمن وعلى جميع من اشترك في العملية السياسية ان يبتعد جانبا وان لايشترك باي شكل من الاشكال وان لا يكون له مكان في العملية السياسية مسقبلا  ". وحين ساله مقدم البرنامج "هل انت منهم", رد فلتة التاريخ بكل شجاعة "نعم انا منهم حتى لا يحسب الاخرين بان  استثني نفسي منهم بل نعم انا منهم" ومسؤول اخر يعترف "بان جميع من اشترك في العملية السياسية طيلة 13 عام لم يكونوا موفقين في توفير ما كان ينتظره الشعب ولم يكونوا بحجم المسؤولية" ولكن يستطرد العبقري قائلا " يجب ان لا نتوقف عند هذا الفشل ويجب علينا ان نسال ماذا يجب ان نعمل" ويستمر بتنظيره المعهود ويقول يجب ان نقوم بكذا وكذا وكذا وكأن مسيرة ال13 سنة من الفشل والفساد والافساد غير كافية لمعرفة قدراته وقدرات شلته الخارقة , وكذا يعترف فاشل آخر ويطلب ان يعاد النظر بالعملية السياسية وهكذا يستمر مسلسل الاعترافات بالفشل الواحد تلو الاخر, والملفت انهم ينتمون الى مختلف الكتل وليسو من طائفة واحدة, ولكن بالوقت الذي يعترفون بالفشل تراهم يصولون ويجولون في مكاتبهم وقصورهم ويصرحون ويستقبلون ويامرون وينهون ويعقدون الاجتماعات ويعتبرون انفسهم هم المصلحون والمنقذون وهم وحدهم بيدهم الحل لجميع الازمات  وعلى الشعب ان لا يفوت الفرصة في الاستعانة بهؤلاء العظماء الذين هبطو من السماء لانقاذ البلاد.

 حقا عجيب أمر هؤلاء الفاشلون , يعترفون بانهم فشلوا على مدى 13عام ولكنهم يريدون ان يستمرو بالحكم وكأن العراق اصبح عقيما ممن يستطيع ان ينقذ البلاد من مستنقع الفشل والفساد الذي سببه هؤلاء العمالقة الجدد ,أو كأن كرسي الحكم سجل باسمهم ويجب ان يقف عندهم  , هذا والحال انهم قد فشلوا فلو كانوا قد نجحوا فماذا ستعملون . الا يكفيكم ايها الفاشلون ماسببتم من ضياع العراق ثروة وارضا وشعبا ومستقبلا. الا تستحوا من انفسكم . هذا الشعب الذي صبر سنينا وانتظر طويلا لكي يرى التغيير الحقيقي. عانى الامرين على يد الطاغية صدام من حروب وتشريد وقتل واهدار لخيرات العراق ليرى فجر التغيير وكان يمني النفس كما يقول الشاعر" امني النفس بالامال ارقبها ...ما اضيق العيش لولا فسحت الامل" ولكنه استيقظ فجأة ليرى وحوشا كاسرة نهبت ودمرت وافسدت بلاده وثرواته واستاثرت بكل شئ على حساب الشعب ,همها اشباع رغباتها الشخصية ورغبات المنتفعين ضمن حلقاتها الخاصة باسم الديمقراطية المزيفة والانتخابات المزورة وتحت اشراف هيئات مسيسة وفاسدة حد النخاع وقضاء صامت ومشبوه ومسيس. لقد سرقوا الامل الذي كان لدى الشعب وشوهو الاحلام الجميلة التي كان يحلم بها الشعب طيلة عقود .

 لقد استطاع هؤلاء الفاشلون ان يخطفوا البلاد والعباد بغفلة من الزمن مستفيدين من نشوة التغيير التي عاشها الشعب بعد اسقاط الطاغية ومستغلين عواطف الشعب باسم الدين والمذهب والقوميه والطائفة. لقد كان الشعب ينتظر من ينصره ويزيح عنه الم الشقاء والحرمان والتعسف فاستنجد بهؤلاء ضنا منه انهم ناصروه ومخلصوه , ولكن رآهم هم من   ينهبوه ويقتلوه اشد قساوة ممن سبقهم حتى اصبح هؤلاء الفاشلين الجدد رحمة على ذلك الطاغية بفعل هول ما اقترفوه من شنيع الافعال. لقد استجاب الشعب لكم حين استصرختموه لنصرتكم ومكنكم من الحكم وها انتم تذبحوه من الوريد الى الوريد, فاصبح لسان الشعب يردد ما قاله سيد الاحرار الامام الحسين ع " تبا لكم ايتها الجماعة وترحا احين استصرختمونا والهين فاصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم ....." سبحان الله التاريخ يعيد نفسه فهل لك ايها الشعب ان تصحو من نومتك وترفض وتزيل كل من عاث في الارض فسادا ودمر البلاد والعباد لان الوطن باق وجميعهم الى زوال.

 

محرر الموقع : 2016 - 05 - 26