الخليفيون وطاغيتهم مهزومون في المواجهة مع المرجع الديني للبحرين
    

بعد الاضطهاد الشنيع الذي بلغ ذروته باستهداف سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، بلغت ازمة البحرين التي امتدت عقودا ذروتها. وبذلك اصبح الطريق ممهدا للمفاصلة الدائمة بين الطرفين. وهنا اصبحت اية محاولة لترميم العلاقة إضاعة للوقت والجهد، واصبح على من يهمهم امر العالم السعي لجعل هذه المفاصلة أقل إيلاما. ويمكن ان يتحقق ذلك باقناع العصابة الخليفية بتسليم البلاد لشعبها الاصلي (شيعة وسنة). الامر المؤكد ان هذه النهاية ستتحقق يوما ما، ولكن المطلوب تسهيل حدوثها بممارسة ضغوط حقيقية على الخليفيين وانهاء الدعم السياسي والامني والعسكري لحكمهم الظالم. فالشعب البحراني يستحق العيش الآمن وحق تقرير المصير وتمكينه من ادرة شؤونه والتخلص من التدخل الاجنبي الذي بدأ بالاحتلال الخليفي وبلغ اوجه بالتدخل العسكري السعودي المقيت. وقد يسعى البعض للتقليل من شأن هذا الطرح او اعتباره "خيالا" او "حلما لا يتحقق" الا ان التطورات التالية لا تترك مجالا لاي تفاؤل بامكان رأب الصدع او اعادة الامور الى ما كانت عليه قبل الثورة المظفرة التي انطلقت في 14 فبراير 2011. ومن ذلك ما يلي:

 

اولا: ان استهداف سماحة الشيخ عيسى قام بالطريقة البشعة التي تمت، ابتداء بشن عدوان اعلامي مليء بالاكاذيب والادعاءات، وصولا الى قرار الطاغية سحب جنسيته، يمثل اضطهادا لم يحدث نظير له الا في حالات نادرة. فبرغم الزيف الذي طرحته الابواق الخليفية النتنة فالشيخ ساهم بشكل كبير في ارساء قواعد التوافق السياسي الذي حدث بعد الانسحاب البريطاني في 1971، من خلال عضوية المجلس التأسيسي الذي كتب الدستور والمجلس الوطني اللاحق. كان دور الشيخ عيسى محوريا في تلك الحقبة، وحظي باحترام الكثيرين بمواقفه واطروحاته. وعلى مدى الاربعين عاما اللاحقة تواصل دوره الايجبي في بث الوعي وتعميق الانتماء للدين والوطن، وترسيخ عرى التواصل بين ابناء البلد الاصليين، من الشيعة والسنة، ضمن مشروع الوحدة الاسلامية التي آمن بها وروجها وعمل لتفعيلها وتصدى لكل ما يمس بها. ولذلك جاء العدوان الخليفي الحالي ليكشف حقيقة العصابة الخليفية التي تؤسس سياساتها ومواقفها على الزيف وتزوير الحقائق مستخدمة امكانات الدولة لفرض ذلك.

 

ثانيا: سبق ذلك العدوان الوحشي على الرمز الاعلى للقطاع الاكبر من الشعب استهداف كافة النشطاء بدون استثناء. فقد امر الطاغية بابعاد السيدة زينب الخواجة الى الدنمارك، واعتقال الناشط الحقوقي المعروف، نبيل رجب، ومضاعفة الحكم بسجن الشيخ علي سلمان، ثم قرار تجميد نشاط جمعية الوفاق التي يرأسها، واخيرا اصدار قرار حلها يوم الخميس 23 يونيو. كما قامت العصابة الحاكمة بمنع كافة الحقوقيين من السفر الى جنيف لحضور الدورة الثانية والثلاثين لمجس حقوق الانسان، وهي المرة الاولى التي تتحدى فيها المشروع الحقوقي بهذه الطريقة التي كشفت حقيقتها واحرجت حتى داعميها في لندن وواشنطن. وتزامن مع تلك الحزمة من القرارات التي تمثل اضطهادا واضحا لغالبية الشعب قرار منع خطباء الجمعة من اداء واجبهم، وفي ذلك تعد وقح على شرع الله واحكامه. هذه الاجراءات تمثل نهاية العلاقة التي فرضها الخليفيون على السكان منذ ان دنست ارجل اسلافهم تراب البحرين الطاهر.

 

ثالثا: التطورات المذكورة حدثت بحضور قوات الاحتلال السعودية التي اجتاحت البلاد في منتصف مارس 2011، وحضور امني بريطاني مكثف يعمل من وراء الستار لتوجيه اجهزة القمع الخليفية، بهدف ضرب الثورة والشعب بدون ترك آثار تدين العصابة الخليفية. وتجدر الاشارة الى ان الحكومة البريطانية الحالية تختلف عن سابقاتها في علاقاتها مع كل من النظامين السعودي والخليفي. فحتى حكومة المحافظين في التسعينات كانت أقل انحيازا، وكان وزير الخارجية آنذاك، دوجلاس هيرد، أكثر حذرا في سياساته وتصريحاته. وتكشف افتتاحية صحيفة الفايننشال تايمز في 20 يونيو  مستوى هبوط بعض مسؤولي الخارجية البريطانية، مستهزئة بالتصريح المشين الذي طرحه فيليب هاموند العام الماضي بان "البحرين تسير بالاتجاه الصحيح". كما ان المنظمات الحقوقية الدولية كررت مواقفها الغاضبة ازاء الدور البريطاني المدافع عن العصابة الخليفية والسعي المتواصل لتزييف الحقائق والمبالغة في ما تسميه "الاصلاحات" الخليفية. فكأن ادارة كاميرون ترى ما لا يراه العالم قاطبة، بمن فيهم الادارة الامريكية التي كررت شجبها تصرفات هذه العصابة المجرمة.

 

رابعا: ان الخليفيين حاولوا اظهار قوة موقف يفوق كثيرا قدراتهم على تحمل نتائجه، فحاولوا الاسراع بحل جمعية الوفاق، وذلك بتقديم موعد نطق محكمتهم بقرارهم، من شهر اكتوبر الى يوم الخميس 23 يونيو. ولكن جاءتهم الاوامر الخارجية من واشنطن بالتوقف. فما كان من الطاغية الصعلوك الا ان خضع لتلك الاوامر ونفذها بدون مناقشة، لانه يعرف انه ليس صاحب القرار، وان تظاهر بعكس ذلك. كما صدرت الاوامر له بعدم تصعيد الموقف ازاء سماحة آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم، لانه اصغر من ذلك، واقل شأنا، خصوصا بعد التضامن الاقليمي والدولي مع سماحة الشيخ وشعب البحرين، التي جسدتها المكالمة الهاتفية من المرجع الاعلى السيد علي السيستاني للشيخ عيسى، والتحذيرات الاقليمية الاخرى. الاسياد الغربيون امروه بعدم توريطهم في ازمة اقليمية لا تفيدهم شيئا، وستؤدي بشكل حتمي لسقوط حكم العصابة الخليفية. فالسعوديون لن يدفعوا عنه الضرر بعد ان فشلوا في عدوانهم على اليمن، وخسروا الرأي العام الدولي بمحاولتهم التأثير على القرارات الدولية والضغط على الامم المتحدة.

 

في ظل هذه الحقائق يمكن القول ان المواجهة الحالية التي افتعلها الديكتاتور وعصابته مع الشعب حسمت بهزيمته السياسية والاخلاقية، واصبح عليه تحمل اعبائها. لقد اختار ذكرى غزة بدر التي انتصر فيها المؤمنون برغم قلة عددهم وعدتهم على التحالف القبلي المقيت برغم كثرة عدده وعدته. فما اغباه من صعلوك متجبر. فاذا كان قد استضعف الغالبية الساحقة من السكان واستقوى عليهم بالدعم السعودي، فان لله سبحانه وتعالى وسائله الفاعلة لدحر الطغاة "ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذي الاوتاد، الذين طغوا في البلاد، فاكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، ان ربك لبالمرصاد" هزيمة ساحقة لحثالة مجرمة امتهنت القرصنة واصبح وجودها معتمدا بشكل مطلق على الدعم الاجنبي، بعد ان استقدمت قوات الاحتلال السعودية والمرتزقة الباكستانيين والاردنيين. مع ذلك ضربه الله هذه المرة بيديه، فجاءه بسيوني وفضح كذبه وقال له: لم تنفذ توصياتي، فظهر كذبه وزيفه للعالم، بعد ان دفع تكاليف مهمة شريف بسيوني: يخربون بيوتهم بايديهم وايدي المؤمنين، فاعتبروا يا اولي الابصار. من هنا يتعمق الايمان يوميا بحتمية انتصار الشعب وهزيمة الاستبداد الخليفي وداعميه. انها سنة الهية تؤكد للصابرين الصامدين والمؤمنين المعتمدين على الله وحده: انهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون". فلن يحصد الطاغية وعصابته الا الحصرم، وسوف يعضون على ايديهم ندما يوم لا ينفع الندم، حين يرون انفسهم منبوذين، كغيرهم من الطغاة، في مزبلة التاريخ. حينها يكرر المؤمنون، بقلوب مؤمنة مقاطع من دعاء الافتتاح: الحمد لله قاسم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين.

 

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

 

حركة احرار البحرين الاسلامية

محرر الموقع : 2016 - 06 - 24