ممثل المرجعية العليا في اوربا ...لقد انفقت خديجة جميع ما تملك في سبيل الإسلام حتى صارت تنام هي والنبي على حصير واحد فأثر ذلك الحصير في جميع اضلاعها
    

عزى ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد مرتضى الكشميري العالم الإسلامي بوفاة ام المؤمنين خديجة بنت خويلد (رض) ، قائلا،لقد انفقت خديجة جميع ما تملك في سبيل الإسلام حتى صارت تنام هي والنبي على حصير واحد فأثر ذلك الحصير في جميع اضلاعها

 

تصادف ليلة الثلاثاء العاشر من شهر رمضان للسنة 10هـ، وفاة ام المؤمنين خديجة بنت خويلد (رض) وهي اول ازواج النبي (ص)، التي تزوجها برغبة منها وعمرها اربعون سنة وعمره (ص) خمس وعشرون سنة، واستمرت حياته الزوجية معها سبعة وعشرين عاما، ولم يتزوج بعد وفاتها لسنة كاملة حزنا عليها، وسمى ذلك العام عام الحزن لوفاة عمه ابي طالب (رض) أيضا.

وكانت خديجة (رض) عاملا مهما في انجاح الدعوة الإسلامية الى جانب عمه ابي طالب الذي بذل كل ما بوسعه لمساعدة النبي (ص) على إنجاح مهمته.

هذا وقد افاد المؤرخون من الفريقين بان الذي ساند النبي (ص) في دعوته ثلاثة:
1- عمه أبو طالب شيخ البطحاء وزعيم مكة الذي بذل كلما في وسعه لمساندة رسول الله (ص) وانجاح دعوته ايمانا منه برسالته ونبوته، وهو الذي كان ينوه بها قبل بعثته (ص) وقد اثبت التاريخ لنا ايمانه شعرا ونثرا، كما اكدت ذلك احاديث النبي والعترة الطاهرة (ع) شخصيته الايمانية بالله عز وجل، فهو من سلالة لم تعرف الشرك والكفر، فأباءه واجداده كانوا على دين إبراهيم الخليل (ع)، وقد جاء في الحديث المعتبر عن النبي (ص) (كنت أنا وعلي نورا في جبهة آدم عليه السّلام فانتقلنا من الأصلاب الطاهرة الى الأرحام المطهّرة الزاكية حتى صرنا في صلب عبد المطلب فانقسم النور قسمين فصار قسم في عبد الله وقسم في أبي طالب فخرجت من عبد الله وخرج علي من أبي طالب).
ومن اندر ما ذكر في ايمان ابي طالب، عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم واستسق. فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابه قتماء وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام، وما في السماء قزعة فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا، وأغدق واغدودق، وانفجر له الوادي، وأخصب البادي والنادي، وفي ذلك قول أبو طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ** ثمال اليتامى عصمة للأرامل

فلولا ايمانه بالله عز وجل والرسالة لما وقف وساند النبي (ص)، وضافا الى مواقفه الأخرى التي تحدث عنها التاريخ وقد اشرنا الى بعضها في حديث سابق.

2- الامام علي (ع): واليه إشارة بقول ابن أبي الحديد:
ولولا أبو طالب وابنه ** لما مثل الدين شخصا فقاما
فذاك بمكة آوى وحامى ** وهذا بيثرب جس الحماما

3- خديجة (رض): فكانت تملك ثروة كبيرة لم تملكها امراة من قريش في ذلك العصر، فكان عندها من حوانيت الطعام ما تتاجر به العشرات من تجار مكة، ومن سفن الصحراء (الجمال) ما يناهز أربعة الاف، وتملك اباريق وطشوت من الذهب والفضة، وعندها من الذهب ما يكسر بالفؤوس، وكان تجار قريش يتاجرون بأموالها طبق قانون المضاربة الذي اقره الإسلام فيما بعد، كما وان النبي (ص) عمل مضاربا بأموالها في رحلة الشتاء والصيف، وهي اول امراة اسلمت وامنت بالنبي (ص) ورسالته، وبهذا فهي اول أمهات المؤمنين وافضلهن قدرا وشأنا عند الله ورسوله، فقد وضعت كل ما تملك تحت يد رسول الله (ص) والذي انفقها في سبيل الدعوة الى الإسلام، وصارت هي والنبي تنام على حصير واحد فيؤثر ذلك الحصير في اضلاعها، حتى هبط جبرئيل يقرؤها السلام من المولى سبحانه وتعالى مقرونا بالبشارة بأن لها بيتا في الجنة من قصب الزمرد لا نصب فيه ولا وصب، وبهذا تعتبر هي المرأة الاولى ممن وقفن الى جانب النبي (ص) تحتضن الرسالة بحيث يعسر عليك ان ترى يوما من الأيام جرحا من جراحات النبي (ص) لم تضمده يد خديجة، ويعسر عليك ان ترى لحظة من لحظات الانفعال عند النبي لم تمسحه خديجة بروحها التي ساهمت في بناء الإسلام، وفي خلق تلك الاجواء التي تبعث في روح النبي الراحة والاستقرار، فكان (ص) اذا خرج من البيت يخرج ممتلئ بنشاط وحيوية، وبمجرد ان يخرج تخرج هي ومن وراءه علي (ع) ويده على قائم سيفه يرافقه، وخديجة تحمل الطعام والدواء وتضمد جروحه وتمسح الم نفسه، فكانت هي المهد المادي الذي احتضن الرسالة وهي المهد المعنوي الذي وقف الى جانب النبي (ص).

ولهذا وغيره كان النبي (ص) يذكرها بالمدح والثناء حتى بعد وفاتها فغارت من ذلك بعض نسائه وقالت يا رسول الله مالنا نراك قائم وقاعد تذكر خديجة وقد ابدلك الله بخير منها؟ فغضب النبي (ص) وقال ما أبدلني الله خيرا منها، لقد آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله الولد منها، وحرمني من غيرها.

هذا وعندما حضرتها الوفاة أرسلت على ابنتها الزهراء (ع) فقالت يا حبيبتي وقرة عيني قولي لأبيك إن أمي تقول أنا خائفة من القبر أريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزول الوحي تكفّنني فيه، فخرجت فاطمة وقالت لأبيها ما قالت أمها خديجة، فقام النبي (ص) وسلم الرداء إلى فاطمة وجاءت به إلى أمها فسرّت به سروراً عظيماً. فلما توفيت خديجة أخذ رسول الله (ص) في تجهيزها وغسّلها وحنطها، فلما أراد أن يكفّنها هبط الأمين جبرائيل وقال: يا رسول الله إن الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمد إن كفن خديجة من عندنا فإنها بذلت مالها في سبيلنا فجاء جبرائيل بكفن وقال: يا رسول الله هذا كفن خديجة وهو من أكفان الجنة أهدى الله إليها. فكفنها رسول الله بردائه الشريف أولاً وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان، كفن من الله وكفن من رسول الله. اَلسَّلامُ عَلَیْك یا مَنْ سَلَّمَ عَلَیْها جَبْرَئِیلُ، وَبلَّغَهَا السَّلامَ مِنَ اللهِ الْجَلِیلِ، فَهَنِیئاً لَك بِما أَوْلاك اللهُ مِنْ فَضْل، وَالسَّلامُ عَلَیْك ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ

 

محرر الموقع : 2022 - 04 - 11