في العــراق ... موظفونُ مهددونُ بالحبسِ او خّسارةِ رواتبهم ِبسببِ كفالة من لا يستحق
    

عاطل عن العمل سواء في دوائر الدولة ام القطاع الخاص لكنه بالرغم من ذلك يرتدي اليشماغ والعقال والعباءة بمليون دينار ويقود سيارة حديثة وشيد قصرا يوازي القصور الرئاسية ان لم يكن اكثر من حيث الاعمار والبناء والعمال اذا ما اخذنا بالحسبان ان القصور الرئاسية مفتوحة لها الخزائن واموال الدولة تحت تصرفها هذا الامر حفزني للسؤال عن مصدر هذه الرفاهية والسيارات الحديثة برغم ان مالكها مسجل عاطل عن العمل منذ البلوغ وحتى يومنا هذا….. فكان هذا التحقيق.

*الضوابط القانونية شكل روتيني لاخذ مبلغ كبير مقابل عمولة تدفع لسمسار بالاتفاق مع المصرف لتوزيع المغنَم
استغرب احمد حسين «موظف»من السؤال   لاسيما ان محدثه صحفي وكيف لا يعلم انه قد انتشرت لدينا في عراق ما بعد 2003 ظاهرة البيع بالتقسيط بغض النظر عن المهنة أو الوظيفة المهم في الامر تطبيق الضوابط القانونية بشكل روتيني للمتقدم للشراء او لاخذ المبلغ مقابل عمولة يدفعها عن طريق سمسار او دلال او احد افراد حمايات المسؤولين او الدائرة المعنية وهؤلاء اتفقوا مع المصارف من ناحية توزيع المغنَم الذي هو عبارة عن نسبة مئوية قد تصل الى 20% تبعا للمبلغ المراد سحبه ليضع لك القسط الشهري المقابل بضمنها إعفاء سنة كاملة او أول ستة أشهر من التسديد الذي يمتد لفترة تصل الى 54 شهرا والكفيل موظف مدني وكتاب إستمرار بالخدمة من دائرته معنون إلى مصرف الرافدين الذي يقع على عاتقه تسليم مبلغ السلفة لهذا الشخص او ذاك وهنا ظهرت الطبقية.
*تعليمات لا تسمح للموظف ان يكفل مرتين او شخصين.
ويقول محمد حسين «كاسب»: عندما تناهي الى علمي امكانية ان احصل على قرض من مصرف الرافدين مقابل عمولة ادفعها لاحد المعقبين الذي وضع امامي عقدة لابد من تجاوزها وهي الكفالة حيث من الصعوبة إيجاد كفيل «موظف حكومي» لان هناك تعليمات لا تسمح للموظف ان يكفل مرتين او شخصين فوجدت نفسي حائرا لا ادري ما العمل لا سيما وانا أشاهد ما يمنعني من التمتع بالقرض ذو الفائدة بسبب عدم وجود الكفيل.
* بعض المصارف تحجز راتب الكفيل بينما يتمع المكفول بجميع مزايا وعائدات ما تسلمه من غنيمة.
ويقول المقاول «احمد الدليمي»تفشت في الآونة الاخيرة ظاهرة الربط المادي بين الافراد من خلال عملية ترويج معاملات الكفالات بين الكافل والمكفول سواء في مشاريع صغيرة او كبيرة وان كان الهدف الاسمى منها عملية تسهيل بعض الامور للأصدقاء والمعارف لادامة هذه المشاريع ووضعها حيز التطبيق الا ان هذه الكفالة جلبت اللعنة على الكفيل في مجتمعنا الملتزم بعادات وتقاليد عشائرية،لاسيما بعد ان بدأت بعض المصارف بحجز راتب الكفيل بينما يتمع المكفول بجميع مزايا وعائدات ما تسلمه من غنيمة لم تكن في حسبانه في يوم من الايام قبل ان يعم الهرج والمرج وتتفشى ظاهرة الرشاوى والعمولات في دوائر الدولة وبين موظفيها.
ويقول حسين علي «موظف»جاءني احد اصدقائي وطلب مني كفالته لقاء بمبلغ يقترضه من المصرف وبسبب ثقتي به وقربه مني وثقت به كل الثقة اضافة الى انه موظف بدرجة وظيفية تدر عليه راتبا اعلى مما اتسلمه وهنا تجشمت عناء الطريق والزحام ووصلت الى المصرف لاكمال الإجراءات بعد ان أخذت إجازة من الدوام وتأييد من الدائرة ولكن كل ذلك لم يكن ذي بال امام من كنت احسبه صديقا اذ نسى يوم جاءني من اجل أن اكفله واليوم اطلب منه التسديد لكنه يتهرب ومازلت وللشهر الرابع يحجز جزء كبير من راتبي واستغرب من إجراءات المصرف اذ لديه علم ان من تسلم القرض هو موظف ولديهم عنوانه الكامل لكنهم يتركونه يتمتع براتبه او بمزايا ما تسلمه من اموال فيما يحجز راتب المكفول مباشرة أو وضع اليد على أملاكه أو في أسوأ الاحتمالات وضعه في السجن لحين السداد .
*العقارات المحجوزة في حال تم عرضها للبيع تدخل البلد في ازمة اقتصادية.
ويقول حيدر الحسيني «موظف»تكفلت احد ابناء عمومتي في المصرف الزراعي عندما أراد أن يتسلم «تراكتور»وتبادر الى ذهني سؤال لماذا لا يجعل المصرف منزل المقترض او الأرض الزراعية التي يملكها هي مقابل الكفالة من خلال وضعها بالمزاد بعد سنة في حال عدم التسديد أو وضع المكفول في بالسجن لحين السداد وهنا فوجئت ان قاعة المصرف امتلأت باعلانات عن الأراضي المحجوزة ولا يستطيع المصرف التصرف بها لانها في حال تم عرضها جميعا في المزاد فان سعرها سوف يهبط وقد تدخل البلد في ازمة هبوط اسعار العقارات كما حصل في امريكا.
*المكفول لا يسدد عائدات ما اقترضه ويتحملها من كفله وهذا تكريم لمن اقترض وتنصل عن ايفاء ما بذمته.
ويستغرب الدكتور محمد تقي تجاهل الحكومة والبرلمان من عدم التفكير في ايجاد حل لمعاناة الاف المواطنين وكنا نتمنى عليهما في اقل تقدير تغيير الاجراءات في حالة هروب المكفول فهو من يتحمل المسؤولية وحده ويمكن ملاحقته قضائيا اذ ما ذنب الكفيل الذي يقطع راتبه بينما المكفول لا يسدد فوائد او عائدات ما اقترضه ويتحملها من كفله فهذا تكريم لمن اقترض وتنصل عن ايفاء ما بذمته،وهنا نطالب من خلالكم بإيجاد صيغة تضمن حقوق الكفيل وبدل ان يقدم له الشكر والامتنان يتعرض لقطع راتبه لانه لا يعرف مدى صدق المكفول الذي يفرح بالقروض ويدفع ثمن الإساءة الكفيل فيتوجب على البرلمان اقرار قانون الكفيل الذي يجب ان يحميه اولاً ويتحمل المسؤولية ان هرب المكفول خارج العراق لان ما يحصل الان مهزلة ما بعدها مهزلة فالمصارف تعاقب الكفيل بينما المكفول يتمتع بما قبضه من اموال اضافة الى راتبه فقد حصل على صفقة مربحة جراء التنصل عن الوفاء بالوعد فمثل هذا الشخص المبلغ الذي حصل عليه سواء كقرض للبناء او لاضافة مشيدات جديدة.الكفالة عقد بين الكفيل والمكفول يجب ان يتوفر فيه جميع الشروط من أهلية التعاقد والتراضي والمحل والسبب.
ويقول المحامي وحيد السامرائي: الكفالة هي التعهد بإحضار المدين وتسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك في حالة عدم القدرة على السداد وهنا برزت لدينا مشكلة كبيرة لا يعرف الكثيرين تبعاتها برغم انها في بداية الامر تبدو انها تسهيلات مصرفية قد تقود الى نقلة نوعية مفترضة في حياة المدين «المكفول»الذي قد يشيد منزلا او يشتري سيارة رباعية الدفع او يسافر الى عدة بلدان،وفات هؤلاء ان هناك قانون يعد وسيلة الحكومة وبالتالي المجتمع لصيانة الحقوق والحفاظ عليها من الخرق والتجاوز وعبث العابثين, بردع المتجاوز على حقوق الآخرين من خلال فرض العقوبات والجزاءات التي حددتها منظومة القوانين الجزائية والعقابية وللطبيعة الإنسانية للقانون فانه قد ميز بين الأفعال من حيث طبيعتها وجسامتها وقرر العقوبات على مرتكب تلك الأفعال تبعا لنوع الجريمة المرتكبة مع الأخذ بالحسبان الجانب الإصلاحي لسلوك الجاني والسياسة التشريعية في العراق اعتمدت ذلك الأسلوب في التعامل مع الأفراد وتم منح القضاء السلطة في إمكانية إخلاء سبيل المتهم بكفالة مالية أو شخصية ضامنة في بعض الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى الخطورة التي يخشى منها إلحاق الضرر أو الأذى بالآخرين،وقد افرد المشرع العراقي في الباب الخامس من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 وفي المواد (1007ـ1047) بشكل منفرد وصريح إلى الكفالة بالنفس وعرف الكفالة بالنفس بان مضمونها (هو إحضار المكفول  فان اشترط في الكفالة تسليمه في وقت معين يجبر الكفيل على إحضاره وتسليمه للمكفول في هذا الوقت ان طلبه.فان احضره يبرأ من الكفالة وان لم يحضره جاز للمحكمة ان تقضي على الكفيل بغرامة تهديدية ما لم يظهر عجزه وعدم اقتداره على إحضار المكفول به. وهذا يعني ان الكفالة هي عقد بين الكفيل والمكفول له المتمثل بالسلطات القضائية أو التنفيذية وهذا العقد يجب ان يتوفر فيه جميع شروطه القانونية من أهلية التعاقد والتراضي والمحل والسبب وغيرها مما يوجب القانون لإكمالها، لذلك فان أركان الكفالة تتضمن الكفيل والمكفول والجهة الصادرة لمصلحتها الكفالة ومبلغ الكفالة فالكفيل بموجب الأحكام القانونية يتمثل بكونه الذي يقدم أمواله ضمان لالتزام معين يلتزم به المكفول فإذا لم ينفذه يكون الكفيل حينئذ ملزما بتقديم المبلغ المحدد في صك الكفالة إلى الجهة التي تطالب بإحضار المكفول ويجب ان يكون متمتعا بالأهلية الكاملة وان لا يكون قد أصابه عارض يمنع توفر تلك الأهلية أثناء الانعقاد ، أما أهم الآثار التي تترتب على ذلك فهو أداء الكفيل لمبلغ الكفالة إلى الجهة المستفيدة أو صاحبة المصلحه في الكفالة ولا اثر قانوني سوى ذلك على وفق أحكام القواعد العامة للقانون المدني، لكن اذا لم يتمكن الكفيل من إحضار المكفول في قضايا الجزاء، فهل يعد فعله هذا مخالفة لأحكام القوانين العقابية والجزائية ويقع تحت طائلة العقاب أم له أحكاما خاصة تنظم تلك الكيفية . والإجابة على ذلك نراها في أحكام المادة 119 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل والتي تضمنت اربع فقرات ففي الفقرة (آ) رسمت آلية الحكم على الكفيل أو المتهم الذي يتعهد بشخصه لضمان حضوره أمام السلطة التحقيقة لقاء مبلغ تحدده المحكمة المختصة ولم يف بذلك وفي الفقرة (ب) أوردت نصا (يتضمن منح المحكمة السلطة في حبس الكفيل لمدة لا تتجاوز ستة اشهر في حالة واحدة عندما لا تكفي أموال الكفيل لاستيفاء مبلغ الكفالة أو انه امتنع عن بيان تسوية مقبولة) وفي الفقرتين الأخريين تطرق النص إلى كيفية مصادرة المبلغ وكيفية إعادته عند الإفراج عن الكفيل أو الحكم ببراءته، وفي كل الأحوال يكون أمر هذا التحصيل من اختصاص محكمة الجنح وللمحكمة سلطة تقديرية في استحصال كامل المبلغ أو بعضه والمعيار في تلك العملية هي الظروف الشخصية والموضوعية التي تحيط بالكفيل كما لها ان تعفيه اذا تحقق لديها ما يفيد إلى حدوث أمر اضطراري لا يقوى على تفاديه الكفيل بالإضافة إلى إمكانية تقسيطه   لمدة لا تتجاوز السنة الواحدة مع وجود تفصيلات أخرى تخضع لسلطان وتقدير المحكمة وفي المادة 120 من القانون المذكور بينت ان الإجراءات تتوقف ضد الكفيل اذا توفى المتهم وهذا يبين بوضوح ان الكفالة هي بمحورها ومضمونها وسيلة تهديد لإجبار الكفيل على إحضار المتهم أمام السلطات وان مبلغ الكفالة المحكوم به لا يمنح إلى المشتكي وإنما إلى خزينة الدولة تحت باب الغرامة التي هي أحدى أنواع العقوبات الوارد ذكرها في المادة (22) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، لكن ما يجب ان نتوقف عنده هو اذا ما صدر قرار بحبس الكفيل، وهنا القرار من اختصاص محكمة الجنح فقط وان قاضي التحقيق لا يملك سلطة التوقيف تجاه الكفيل إطلاقا ولا حتى ان يكفله عن إخلاله بالالتزام الوارد بالكفالة، والسؤال هو هل تسقط عقوبة الحبس المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة 119 أصول محاكمات أم تبقى اذا قام الكفيل بدفع مبلغ الكفالة المحكوم بها ، وهذا يقودنا إلى القول ان الكفيل لا يجوز توقيفه إطلاقا اذا لم يتمكن من إحضار مكفولة سواء أكان عن عمد أم لأمر خارج عن أرادته حيث ان التوقيف يجب ان يتأسس على نص عقابي نافذ عملا بأحكام القاعدة الفقهية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص أو بناء على نص ) وان الاتجاه بخلاف ذلك يمثل خرقا لحقوق الفرد التي ضمنها الدستور وصانتها القوانين النافذة،وهنا على الكفيل ان يشكو لاسترداد حقوقه لضمان انه متضرر من هذا الاجراء بالاثبات بالدعوى ومن خلال القانون ممكن ان يتم تغيير الحجز على المكفول ليتخلص من جميع التبعات القانونية. 

تحسين صبار 

محرر الموقع : 2014 - 09 - 23