ممثل المرجعية العليا في اوربا يتحدث عن نعمة العبادة واهميتها وصور شكر الخالق جل وعلا على نعمه
    

 

 

 

 

ممثل المرجعية العليا في اوربا يتحدث عن نعمة العبادة واهميتها وصور شكر الخالق جل وعلا على نعمه

 

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة في مركز الامام الرضا (ع) في ليفربول حيث قال:

ورد عن مولانا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) أنه قال (إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار).

وقال (ع) (إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا رغبةً في ثوابك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك).

يولي الذكر الحكيم العبادة أهميةً بالغةً للعبادة حيث أشير اليها في أكثر من سورة وآية وخصَّها بالله سبحانه فقال ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ)) ، وتكمن أهمية العبادة في كونها طريق الوصول إلى الله سبحانه، فالعبادة في الإسلام منهج متكامل المراحل والفصول، وطريق واضح المعالم، جاءت جميعها تزكيةً للنفس والبدن، وتطهيراً للذات، وتنمية للروح والإرادة، وتصحيحاً لنشاط الجسد والغريزة. فهي بمثابة معراجٌ تتدرّج به النفس البشرية، حتى يتمّ لها الصفاء والنقاء، فتستطيع الإطلال على عالم الآخرة، واستشفاف حقيقة الوجود، والتعالي على مكاسب الحياة الفانية، لسموّ مقام الآخرة وعلوّ غاياتها، وارتباطها بعالم الخلود والنعيم الأبدي.

فقد جعل الإسلام الصلاة تنزيهاً للإنسان من الكبرياء والتعالي، ولقاءً مع الله للاستغفار والاستقالة من الذنوب والآثام، والصوم ترويضاً للجسد، وتقوية للإرادة من أجل رفض الخضوع للشهوات، والدعاء تنمية لقوة الإحساس الروحي ... الخ. لذلك كان لكلّ فعلٍ عبادي أثرٌ إصلاحي على صحّة الجسم وعلى النفس والأخلاق والعلاقة بالله, فالطهارة، والصوم، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد.. كلها عبادات ذات مردود إصلاحي على الفرد جسداً وروحاً فضلاً عن أثرها التكاملي في نظام المجتمع.

فهي تعمل على تطهير الذات الإنسانية من كل تلك المعوّقات وتساهم بإنقاذها من مختلف الأمراض النفسية والأخلاقية. كما تعمل على غرس حب الكمال والتسامي الذي يدفع الإنسان إلى التعالي، وتوجيه نظره إلى المثل الأعلى المتحقّق في الكمالات الإلهية.

فالعبادة ممارسة إنسانية جادّة لإلغاء الأنانية إلغاء تاماً من وجود الإنسان من أجل التحرّر من قيودها والخروج من سجنها الضيّق الذي يشدّ الإنسان إليه ويستعبده. ومن اثارها على المرء غنى القلب والتنعّم في الآخرة ويباهي الله به الملائكة وينصره الله على الشيطان ويثيبه الله تعالى الجنّة وغيرها من الاثار التي ينبغي شكر الله عليها، لان الشكر هو تقدير نعمة المُنْعِم، وتظهر آثار هذا التقدير من خلال صور ثلاث: في القلب، وعلى اللسان، وفي الأفعال.

أما آثاره القلبية فهي من قبيل الخضوع والمحبة والخشوع، وأما آثاره على اللسان، فالثناء والمدح والحمد، وأما آثاره في الأعضاء والجوارح فالطاعة واستعمالها في رضا المنعم واجتناب كل ما لا يرضاه، قال أمير المؤمنين (ع) (أقل ما يلزمكم لله ألا تستعينوا بنعمه على معاصيه).

ويقول في خطبته (خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه)

قال الإمام المجتبى (ع) (النعمة محنة، إنْ شُكرتْ كانت كنزاً وإنْ كُفرتْ صارت نقمة) ومعنى ذلك أن الابتلاء يكون بالخيرات والنعم كما يكون بالشدائد والمصائب، والنعمة متى ما شُكرت تنامت وازدادت فصارت كنزاً، ومتى ما كُفرت وتُرك شكرها وأُنكر من أولاها وأسداها ارتفعت وأصبحت وبالاً ونقمة.

اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

 

 

 

 

محرر الموقع : 2022 - 11 - 25