ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنئ العالم الإسلامي بحلول ليلة القدر ويدعو: الى الاستفادة من اجوائها الروحية بالدعاء والصلوات وقراءة القران والاستغفار والالتجاء بالدعاء لتعجيل فرج قائم ال محمد (ص) وحسن الخاتمة والثبات على الايمان والعقيدة والتوفيق لما وفق
    

ممثل المرجعية العليا في أوروبا يهنئ العالم الإسلامي بعيد الفطر المبارك ويسأل المولى سبحانه وتعالى أن يعيده عليهم بالخير والبركة، ويقول:
لقد صمنا وصلينا وتلونا كتاب الله وقرأنا الأدعية ومارسنا في هذا الشهر الكثير من أعمال الخير والبر التي لم نمارسها في بقية الشهور! فهل سنبقى محتفظين بهذا الوهج العبادي والروحي لبقية أشهر السنة أو تصاب نفوسنا بالخمول والضمور عن ذلك وكأننا لم نفعل ما فعلناه بالأمس ونكون: (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً)؟

 

جاء حديثه هذا بمناسبة يوم عيد الفطر المبارك، وإليكم نصه:
لقد أمضينا وأمضى المسلمون شهرا كاملا مع الله في رحاب شهر الخير والمغفرة والرحمة والطاعة شهر رمضان المبارك شهر نزول القرآن وموسم العطاء الروحي والبناء النفسي والتربوي والأخلاقي. وقد تربينا في هذا الشهر العظيم على مائدة السماء: كتاب الله المنزل والأدعية الواردة عن المعصومين (ع) كدعاء أبي حمزة الثمالي ودعاء الجوشن الكبير ودعاء الافتتاح وأدعية السحر وأدعية الليالي والأيام وغير ذلك مما ينقي القلوب ويزيل صدأها كما ورد في الحديث الشريف (إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد. قيل: يا رسول الله وما جلاؤها؟ قال قراءة القرآن وذكر الموت).
والسؤال الذي يجب أن نطرحه في يوم العيد على أنفسنا: هو أننا هل سنبقى محتفظين بهذا الوهج الروحي والعبادي في بقية أشهر السنة أو ستصاب نفوسنا بالخمول والضمور والتكاسل عن كل ما فعلناه بالأمس من أعمال الخير التي كانت موضع رضا المولى سبحانه؟
أيها الأخوة ليس من البطولة أن ننتصر على أنفسنا في شهر رمضان ثم نخذل أمامها في بقية أيام السنة وإنما الشجاعة أن نحافظ على هذا النصر على النفس طوال الليالي والأيام وعلى مر الزمان.
وليست البطولة أن نغض أبصارنا عن محارم الله ونلجم شهواتنا غير المشروعة في شهر رمضان ثم نعود إلى ما كنا عليه من قبل لنكون من مصاديق قوله تعالى: (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) ولكن الشجاعة أن تصوم جوارحنا عن كل معصية إلى ما بعد شهر رمضان حتى نلقى الواحد الديان.
وليست البطولة أن نأكل الحلال في شهر رمضان خوفا من أن يرد علينا صيامنا ثم نتهاون فيما بعد عن ذلك.
وليست البطولة أن نتورع عن المحارم في شهر رمضان ونعود إليها فيما بعده بل لا بد أن يكون الورع منهجا دائما وأمرًا مستمراً في حياتنا.
وليست البطولة في أن نبتعد عن حضور المجالس التي لا ترضي الله في شهر رمضان ثم نعود إليها وكأن المولى ليس لنا بالمرصاد في باقي الشهور.
وليست البطولة أن نراقب الله في واجباتنا وأعمالنا ما دمنا صائمين فإذا ودعنا شهر الصيام آثرنا حظوظ أنفسنا على أعمالنا وواجباتنا.
أيها الأعزة إن مثل هذا الإنسان الذي لم يفقه حقيقة الصيام وأهدافه ولا جوهر العبادات كمثل الناقة التي عقلها أهلها ثم أطلقوها فلا تدري لم عقلت ولم أطلقت وهكذا نرى بعض الصائمين لا يدري لم صام ولم أفطر؟ كما جاء في الحديث الشريف:(كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب والعناء).
أيها الأحبة إن شهر رمضان شهر التوبة والغفران وهذا لا يعني أن التوبة مقصورة ومحصورة عليه بل إن أبوابها مفتحة في كل أشهر السنة وكأن الله جل وعلا ينادينا في كل وقت: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)، وهو القائل:(يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً)، والتوبة النصوح كما قال بعض العلماء :الندم في القلب والاستغفار باللسان والإقلاع عن الذنب.
فعلينا أيها المؤمنون ألا نفوت الفرصة في هذا اليوم وهو يوم الجائزة حتى نحصل على غفران الله ورضوانه ولا نكون بعد ذلك من النادمين لقوله تعالى:(أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين). فينبغي لكل إنسان أن يحاسب نفسه يومياً عندما يضع رأسه على الوسادة ويذكرها بما فعل وارتكب عملاً بقول الإمام الكاظم (ع): (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم).
هذا ولأجل أن نحظى بالمزيد من بركات العيد علينا مواساة الآخرين بأن نتحسس آلامهم وآمالهم وعلينا أن نفكر فيمن حولنا من أقارب وجيران وفقراء وأيتام ممن لا يمتلكون ما يفي بحاجاتهم لكي يعيشوا الأجواء المفرحة للعيد مثلما نعيشه خصوصاً فيما نشاهده من أوضاعهم وتهجير بعضهم عن ديارهم وأوطانهم. وليحاول كل منا أن يتحسس دوائره القريبة الأقرب فالأقرب ليعيش معه العيد في صورته البهية ويرسمه على شفاه المحتاجين التي قد لا تعرف طعم البهجة والسرور. فهناك المئات ممن استشهدوا وترملت نساؤهم وتيتمت أطفالهم ولم يبق منهم إلا الرجل الطاعن في السن والمرأة الثكلى والطفل الصغير وحينما يتصور المؤمن هذه المشاهد لا يبقى عنده طعم للعيد.
ثم هل فكر أحد منا أيها الأحبة أن يزور هولاء الأرامل ويمسح على رؤوس اليتامى ويواسيهم بما يستطيعه من المواساة ليخفف من آلامهم وأحزانهم ويتذكر قول النبي (ص):(أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) وقوله (ص) : (من مسح رأس يتيم كان له بكل شعرة مرت يده عليها حسنة).
وهل فكر أحد منا في زيارة مقابر المسلمين في أيام العيد ليدخل الفرحة على أمواتهم بالصدقة وقراءة سورة الفاتحة أو جزء من القرآن خصوصاً لمن وجب حقه علينا؟ لأن هؤلاء ينتظرون منا الهدية في يوم العيد من تلاوة القرآن والاستغفار والصدقة نيابة عنهم. وهو ما كنا ندعو به في شهر رمضان (اللهم أدخل على أهل القبور السرور اللهم أغن كل فقير …).
وهل فكر أحد منا بزيارة دور العجزة والمسنين ليحمل إليهم من الورود والهدايا ما يعيد فيهم روح الأمل والبقاء؟
مضافا إلى كل هذا فقد أكد الإسلام في هذا اليوم على صلة الأرحام وزيارة الإخوان.. (صلوا أرحامكم ولو بالسلام)، (صلوا أرحامكم ولو بشق تمرة)، (إن الرحم معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني) وقال تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارحامكم).
وعلينا بالبر بآبائنا وأمهاتنا لأن لهم أعظم الحق علينا لقوله سبحانه:( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً)
نسأل من المولى سبحانه أن يعيد علينا هذا العيد في كل عام ونحن في زيادة من إيماننا وصحة من أبداننا وحفظ في أموالنا وأولادنا. وآخر دعوانا:( اللهم اجعل صيامي بالشكر والقبول على ما ترضاه ويرضاه الرسول محكمة فروعه بالأصول بحق النبي المصطفى والعترة الطاهرة من أهل بيته).
والحمد لله رب العالمين

 

 

 
محرر الموقع : 2023 - 04 - 21