ممثل المرجعية العليا في اوربا يحي ذكرى استشهاد الامام الصادق (ع) في حسينية الامام الحسن (ع) في بروكسل - تقرير مصور -
    

بدعوة من مركز الامام الحسن (ع) في العاصمة البلجيكية بروكسل، القى سماحة العلامة السيد مرتضى الكشميري كلمة حول تربية الأبناء جاء فيها:
انه قد وردت تعريفات عديدة للتربية، وكلّها تفيد إنّ التربية عبارة عن تهيئة الأرضية والعوامل لأجل تفتُّح استعدادات الإنسان وإخراجها من القوة إلى الفعل في الاتجاه المنشود.
ويكفي أن نعرف أن الدافع من بعثة الأنبياء (ع) يقوم أساسا على نفس هذا الهدف، لتتضح أهمية التربية الدينية. والقرآن الكريم يتناول صراحة في جملة من الآيات مسألة التربية الدينية للأبناء، حيث يقول عز وجل في كتابه العزيز ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)) وهو عز اسمه القائل أيضاً في محكم آياته ((قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى)).
وأكد اهل البيت (ع) أيضا وأوصوا بنحوٍ عام على أهمية التربية، وبنحوٍ خاص على تربية الأبناء. روي عن رسول الله (ص) أنه قال: (أدِّبوا أولادكم على ثلاثِ خِصال: حبِّ نبيِّكُم، وحبِّ أهل بيته، وقراءة القرآن)، وعنه (ص) أيضا أنّه قال (مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، وفرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين)، وروي عن أمير المؤمنين (ع) (من تأدّب بأدب الله أدّاه إلى الفلاح الدائم)، وروي عن الإمام الصادق (ع) أيضا أنّه قال (الغلام يلعبُ سبع سنين، ويتعلّم الكتاب سبع سنين، ويتعلّم الحلالَ والحرام سبع سنين). فالمهم إذن، أن يكون الأدب والتأدب على ضوء ما يريده الله تعالى ويرضاه.
لذا يظهر أن مفهوم التربية الدينية إنما يكون قابلا للتحقق في ظل الارتباط بمحاور ثلاثة: معرفة الله، الإيمان به تعالى، والعمل بما ينبغي وترك ما لا ينبغي من أوامر الله ونواهيه. بناء عليه، يمكن القول: إن التربية الدينية هي عملية تحصل عن طريق تزويد الفرد بالرؤية النظرية، وبالالتزام القلبي والعملي انسجاما مع الفطرة الإنسانية، وبعيدا عن الجبر والإكراه، وبالتالي الوصول الى السعادة الدنيوية والأخروية المنشودة التي هي طموح وهدف كل انسان في هذه الحياة.
ويمكن أن نضع هدفين أساسين للتربية الدينية، الأول: وهو القرب المعنوي والروحي من الله تعالى، من خلال حضوره تعالى الدائم في حياة الإنسان، والتحقق بالكمالات والصفات الإلهية، في ظل العبادة والعبودية لله تعالى وطي مدارج الكمال، حيث يصل أهل القرب إلى مقام يجدون أنفسهم عين التعلق والارتباط بالله، ولا يرون لأنفسهم ولا لأي موجود آخر استقلالية في الذات والصفات والأفعال.
والثاني: ان التربية الدينية تهدف إلى هداية الإنسان على صعيد ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، وذلك بمعرفته وعبادته وشكره، وتنمية قوة العقل والفكر وذلك بالاقتداء المعصومين (ع) واكتساب الفضائل الأخلاقية كاحترام الوالدين، واحترام الناس والحفاظ على حرمتهم، وتنمية الروح الجماعية، والأُخوة، والتعاون والتعاضد، والأمانة، والوفاء بالعهود والعقود، والصداقة، والإحساس مع الآخرين والتألم لأجلهم، الإيثار والتضحية وأمثال ذلك.
كما تطرق سماحته الى ذكرى استشهاد الامام الصادق (ع) وانعقاد المؤتمر الثالث عشر والذي اقامته المؤسسة هذا العام في مدينة انتويربن البلجيكية واهميته في تعريف جيل الشباب بمدرسة اهل البيت (ع) وعلومهم المتنوعة وانهم (ع) ليسوا أئمة فقه وعلوم دينية فقط وانما رواد في جميع العلوم كالفلك والطب والكيمياء والرياضيات والفيزياء وغير ذلك وقد تخرج على يدهم العديد من العلماء الافذاذ في تلك العلوم وانبثقت منهم والنظريات واساسيات العلوم للعالم ومن هنا جاء عن أبي جعفر (ع) إنه قال (ليس أحد عنده علم شئ إلا خرج من عند أمير المؤمنين (ع) فليذهب الناس حيث شاؤوا فو الله ليأتين الأمر ههنا. وأشار بيده إلى صدره) وفي اخر انه قال (أما إنه ليس عند أحد علم ولا حق ولا فتيا إلا شئ أخذ عن علي بن أبي طالب (ع) وعنا أهل البيت).

كما تحدث سماحته عن السيدة فاطمة المعصومة (ع) بنت الإمام الكاظم (ع) ومن فاضلات نساء أهل البيت (ع) وإحدى الذرية الصالحة المدفونة في مدينة قم المقدسة، كما أنّها تحظى بمنزلة رفيعة بين المؤمنين.
وقد ذكرت لها ألقاب من أشهرها: الطاهرة، والحميدة، والبرّة، والتقية، والنقية، والرضية، والمرضية، والسيدة وبأخت الرضا (ع) والمعصومة، وكريمة أهل البيت.
ولعل اشهر القابها (ع) المعصومة وهو كما ورد عن الإمام الرضا (ع) (مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ فِي قُمٍّ فَلَهُ الْجَنَّةُ).
ويدل على مكانتها العلمية ما ورد في بعض الوثائق التاريخية من أنّ جماعة من الشيعة قصدوا المدينة يريدون الإجابة عن بعض الأسئلة التي كانت معهم، وكان الإمام الكاظم (ع) مسافراً خارج المدينة، فتصدت السيدة فاطمة عليه السلام للإجابة، وكتبت لهم جواب أسئلتهم. وفي طريق رجوعهم من المدينة صادفوا الإمام عليه السلام، فعرضوا عليه الإجابة، وعندما اطّلع الإمام (ع) على جوابها قال ثلاث مرات (فداها أبوها).

 

محرر الموقع : 2023 - 05 - 23