ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنئ العالم الإسلامي بعيد الغدير يوم اعلان القيادة الإسلامية ويقول: قد اثبتت القيادة النائبة في عصر الغيبة موقفها الحازم من حماية المقدسات بخطابها الموجه الى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حرمة القران
    

ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنئ العالم الإسلامي بعيد الغدير يوم اعلان القيادة الإسلامية ويقول:
قد اثبتت القيادة النائبة في عصر الغيبة موقفها الحازم من حماية المقدسات بخطابها الموجه الى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حرمة القران

 

جاء حديثه هذا في الاحتفال الذي عقد في ديوان الكفيل بلندن يوم الجمعة بمناسبة عيد الغدير 18 ذي الحجة للسنة 10هـ، وهو يوم عودة النبي (ص) من حجة الوداع على راس حشد كبير من الحجاج -وقد انهى بعض المؤرخين عددهم الى 120 الف حاج-، وبوصوله (ص) الى غدير خم المكان الذي يتفرق فيه الحجاج الى بلدانهم نزل عليه الامر الالهي بنصب الامام علي (ع) من بعده خليفة ووصيا. يقول زيد بن ارقم: وكان ذلك اليوم شديد الحر ومن شدة الحرارة كان الفرد منا من يضع ردائه تحت قدميه ومنا من يضعه فوق رأسه للاحتماء به من حرارة الشمس. وبهذا الحال، صلى بنا رسول الله (ص) وبعدها خطب خطبة مفصلة وقال في آخرها بعد ان رفع علي بن ابي طالب (ع) معه حتى بان بياض ابطيهما (من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه ...).
ثم افرد لعلي (ع) خيمة بيضاء وامر المسلمين بأن يسلموا عليه بالأمرة فكانوا يدخلون عليه فردا فردا وفي مقدمتهم كبار الصحابة يهنؤونه بالولاية والامرة على المؤمنين ويقولون بخ بخ لك يا علي فقد اصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
وما قام به النبي (ص) من تنفيذ امر الوصاية لعلي لم يخرج به عما قام به الأنبياء السابقون من قبله من تعيين اوصياء من بعدهم للحفاظ على أداء رسالتهم وارسائها واستمرارها وديموميتها.
وبهذا يكون يوم الغدير هو يوم اعلان تعيين القيادة الإسلامية التي تنقسم الى ثلاثة اقسام:

الأولى: لله ورسوله والتي تضمنتها الاية ((انما وليكم الله ورسوله)) وقوله (الست أولى بكم من أنفسكم).

الثانية: هي القيادة الامتدادية ونعني بها قيادة الائمة الاثني عشر المعصومين (ع) بدء بالامام علي (ع) وانتهاء بالامام المهدي (عج) وهو ما تضمنه قوله (ص) (الأئمة من بعدي اثنا عشر، أولهم أنت يا علي و آخرهم القائم الذي يفتح الله - تعالى ذكره - على يديه مشارق الأرض ومغاربها) والتي هي باقية ومستمرة الى قيام الساعة لقوله (ص) (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا).

الثالثة: هي القيادة النائبة، قيادة الفقهاء والمراجع في عصر الغيبة والتي نعيشها اليوم المتمثلة بالمرجعية المرتبطة بالقيادة المعصومة لقول الامام (ع) (الا ومن كان من الفقهاء صائنا لنفسه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فعلى العوام ان يقلدوه).
ولهذا فنحن معنيون في هذا اليوم بمبايعة القيادة النائبة (قيادة الفقهاء) لأنها هي المسؤولة عن حماية الشرع والشريعة منذ عصر الغيبة الكبرى وحتى الان، وقد جسدت مسؤوليتها بأعلى المستويات رغم الارهاصات والضغوط التي واجهتها عبر مسيرتها الطويلة لكنها التزمت بحماية الدين ومقدساته بكل ما اوتيت من قوة فكرا وجهادا لا سيما في العصور القريبة فكان موقفها من قضية التنباك موقفا حاسما وجازما، وفي ثورة العشرين ابلت بلاء حسنا مما اذهل الأعداء، وهكذا بقي موقفها الثابت ضد الالحاد الذي مثلته ب فتواها الشهيرة (الشيوعية كفر والحاد). وفي عصرنا الحاضر كان لها الدور المميز في معالجة الأمور بحكمة وروية خصوصا بعد الاحتلال الذي واجهت فيه عدة تحديات من ابرزها (كتابة الدستور) الذي أراد المحتل ان يتصدى له فمنعته واصرت على أن لا يكتب الا بأيدٍ عراقية، وهكذا (الحرب الطائفية) التي عصفت ببعض مناطق العراق والتي راح ضحيتها عشرات الناس حتى ضجت العشائر الذين قتل ابناؤهم وارادوا الانتقام من المعتدين فامتنعت المرجعية من ذلك واوكلت الامر الى القضاء الذي لا يعلوه حكم ، كما راينا موقفها الحازم (يوم هدمت قبة الامامين العسكريين) كيف واجهت هذه الفتنة بحكمة بالغة اذهلت الأعداء، كما رأيناها عالجت الموقف بقوة عندما ظهرت (داعش) ومن والاها لاستباحة الحرمات والمقدسات فأقبرتها بفتواها الكفائية ، واليوم نشاهد موقفها القوي والصريح ممن (تعدى على حرمة القران) بحرقه علانية وجهارا فخاطبت اعلى جهة قانونية في العالم (هيئة الأمم المتحدة) ونبهتها على مخاطر هذا التجاوز والتعدي على دستور الإسلام الذي يؤمن به اكثر من مليوني مسلم في العالم. ولكني أقول ((ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)) لان الله تعهد بحفظ دينه وقرآنه وانبيائه من كل سوء ومكروه ((انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد)) و((انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)).

ونعود بعد هذا الى واقعة الغدير، ولا يسع المجال للتعرض لتفاصيل هذه الواقعة العظيمة، ومن أراد ذلك فليرجع الى (موسوعة الغدير) للشيخ الاميني (ره) الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وذكرها.
ولكن نشير هنا إلى تساؤل قد يطرح وهو انه قد يقول البعض: ربما لم تكن هناك ضرورة ملحة للنص على الخليفة من بعد الرسول (ص) لأن الامة بلغت رشدها ووعيها وبإمكانها ان تنصب من ترى من بعد النبي (ص)؟
والجواب: لو اننا تخلينا عن الامر السماوي النازل في هذه الواقعة ووضعنا الرسول (ص) في موقع انسان سياسي حريص على مستقبل دعوته ورسالته وامته فالواجب يحتم عليه لإبقاء الرسالة أن ينصب من بعده من يخلفه في رسالته وسيرته ومنهجه كعلي (ع)، وهو عين ما أمرت به السماء. مضافا الى هذا فإنا لو تأملنا الوضع بعد النبي لوجدناه كالتالي:
1- ان الامة كانت ولاتزال في مرحلة الصياغة والتكوين وعمر الرسالة يوم وفاة النبي (ص) 23 سنة وهذه الفترة لم تكن كافية لصياغة الامة وبنائها على تعاليم الاسلام لأن المسلمين الذين اسلموا قبل الهجرة قلائل والمسلمون الذين اسلموا بعد الهجرة وقبل فتح مكة كانوا اكثر من سبعين بالمائة. وهذه الفترة كانت قصيرة بالنسبة اليهم لانهم لم يستوعبوا احكام الشريعة ومفاهيمها لهذا فلم يكن من المصلحة ان تترك الامة بدون راع ومعلم لاحكام الاسلام. لاسيما وان الرسالة كانت محاطة بظروف خطيرة وصعبة جداً والمنافقون في داخل الامة (الطابور الخامس) لهم دور خطير وخطط كبيرة للقضاء على الاسلام ومحو اثره وهذا ما أكده لنا القران في سورة المنافقين حين اعتبر خطرهم على الاسلام اكثر من الكافرين. من اجل هذا وغيره كان لابد من نصب قيم على الرسالة وشخص عالم وعارف بمصالحها وعاش الاسلام روحا وقلبا وقالباً كأمير المؤمنين (ع) هذا أولا.
2- القوى الخارجية التي كانت تتربص بالاسلام للقضاء عليه كالمدعين للنبوة والذين برز منهم عدد على الساحة وصار يروج لهذا التوجه وغيرهم فكيف والحال هذا ! يترك النبي الرسالة والامة بدون ان يحدد قيادة صالحة تدير شؤونها من بعده وتقوم برعايتها وبمستقبل الدعوة والحفاظ على سلامتها وبقائها وديمومتها. لهذا جاء النص الالهي بالتعيين موافقا لهذه الاهداف وهذه الضرورة . ونحن عندما نحتفل بيوم الغدير نحتفل بيوم القيادة الاسلامية الامينة التي لو تخلت الامة عن الارتباط بها انحرفت عن المسيرة وخط الرسالة.
ان حاجتنا ملحة وملزمة للاحتفال بيوم الغدير لنبايع امير المؤمنين (ع) ونعاهده باننا سائرون على خطه ونهجه وطريقته، لانه القائد لمسيرتنا دنيا واخرة.
الحمد لله الذي اكرمنا بهذا اليوم وجعلنا من الموفين بعهده الينا وميثاقه الذي واثقنا به من ولاية ولاة امره والقوامين بقسطه ولم يجعلنا من الجاحدين والمكذبين بيوم الدين والحمد لله رب العالمين.

محرر الموقع : 2023 - 07 - 08