ممثل المرجعية العليا في اوروبا يعزي العالم الاسلامي والملايين من زوار الحسين(ع) ويبين: ما هي العلة الكامنة وراء إصرار الجماهير المؤمنة على إحياء زيارة الأربعين في كل عام؟
    

 

عزى ممثل المرجعية العليا في اوروبا السيد مرتضى الكشميري العالم الاسلامي والملايين من زوار الحسين(ع) مبينا ،ما هي العلة الكامنة وراء إصرار الجماهير المؤمنة على إحياء زيارة الأربعين في كل عام؟

قائلا ،يصادف اليوم العشرين من شهر صفر الموافق للسادس من سبتمبر يوم زيارة الاربعين وبهذه المناسبة الحزينة تتجه الجماهير المعزية من أقطار العالم إلى صوب كعبة الأحرار تستلهم من نهضة الحسين(ع) الدروس والعظات والعبر وتستجلي قيم العزة والكرامة والشجاعة والبطولة والتضحية والفداء في سبيل الحق والخير ورفع الظلم عن المظلومين والمحرومين.

وقد لاحظنا أخيرا تزايد هذا العدد سنويا إلى جانب حضور عدد كبير من أبناء المذاهب الإسلامية وأتباع الديانات الأخرى. وقد عقدت العتبة الحسينية مقابلات مع بعضهم تكشف عن مدى تغلغل محبة الحسين (ع) في القلوب وتدلل على أن أئمة أهل البيت(ع) ليسوا حكرا على الشيعة، بل إن أنوارهم تشرق بسنائها على من يسكن هذه البسيطة كالشمس التي تنتفع من أشعتها كل الكائنات. ومن هذا المنطلق يحسن بالمتصدين في العتبتين الحسينية والعباسية توظيف هذه الطاقات والاستفادة من هذا التوجه لمحبة الحسين وآله (ع) وقد اقترحنا عليهم قبل عام أن يدعو وسائل الإعلام العالمية لتغطية هذا الحدث الفريد من نوعه الذي لم يحصل ولن يحصل إلا على أرض كربلاء.
هذا وقد أجاب سماحته على من يسأل: لماذا الإصرار على إحياء هذه الشعيرة (زيارة الأربعين)؟ بذكر تسعة أمور مهمة قد أشار إليها البعض:

1- الارتباط بالله تعالى
لا شك ان الحسين وآله (ع) هم باب الله ومن أتاهم فقد اتى الله ومن ذكرهم فقد ذكر الله (السلام على الذين من والاهم فقد والا الله ومن عاداهم فقد عاد الله ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله) وفي الحديث المروي عن الامام الصادق (ع): (بنا عرف الله وبنا عبد الله نحن الادلاء على الله ولولانا ما عبد الله). وعليه فان الزائرين بزيارتهم للامام الحسين (ع) يعمقون هذا الارتباط بالله ويمارسون الشعائر والطقوس التي تقربهم منه تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
2- التذكير بالمبادئ التي ضحى من أجلها الحسين (ع) من خلال ما يكشفه حجم التضحية التي قدمها (ع) فإن التضحية بنفسه الشريفة واهله وانصاره يعني ان المضحى لأجله خطير الشأن مهم للغاية وهو مبادئ الإسلام وقيمه ومثله العليا.
3- البراءة من الظالمين
ان رفض الظلم والتنديد به والتنزه عن ارتكابه من صميم الثقافة الاسلامية وقد نادت به توصيات أئمة أهل البيت (ع)، والمؤمن الحقيقي هو من يعيش البراءة في نفسه وسلوكه ويسعى لرفع هذا الشعار في الحياة. وزيارة الاربعين توفر الجو الملائم للتعبير عن هذه البراءة بشكل جماهيري لتعميق تأثيره في النفوس. فالظالمون للحسين(ع) ولابنائه وذريته واتباعه كانوا ولا يزالون يشكلون خطا ممتداً ومنهجاً مستمراً للعداء والتصدي لهم من أوضح أشكال رفض الظلم والبراءة منه.
4- من الاسرار الالهية التي اودعها الله تعالى في زيارة الاربعين هو تحول ارض كربلاء الى مركز ومنزل لجملة اتباع اهل البيت (ع) بل للكثير من احرار الانسانية حيث اصبح المؤمنون بقيادة اهل البيت (ع) يحسون بان هذه البقعة المطهرة سكن يأوون اليه فتنالهم بركات الولاء والعقيدة وتتعزز الوحدة فيما بينهم والشعور بالمنعة والقوة مع هذه الحشود المليونية، وبذلك تنتفي عندهم مشاعر الاحساس بالاقلية نتيجة الجغرافية والتعدد السكاني المختلف عند الكثير منهم ممن يعيش وسط اكثرية دينية أو مذهبية مغايرة لعقيدتهم في بلدانهم التي يقيمون بها. وبالتالي فان الواحد منهم لن يرى نفسه جزءاً من مجموعة صغيرة العدد بل سيحس بانتمائه الى هذا المظهر المليوني الكبير شكلا ومضمونا وهذا ما يرفع من مشاعر العزة عنده (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) ويعطيه جرعات من الاخوة الولائية الكبيرة.
5- التثقيف والتوعية من خلال اقامة هذه المراسم وتجديد البيعة مع الامام الحسين (ع) والدعوة الى نهجه وبیان اهدافه وحقانيته وسيرته المباركة وتضحياته من اجل الاسلام والمسلمين، ولكي نتعلم معالم الدين والمذهب في مدرسته ونعلم الآخرين علوم آل محمد (ص) التي امرنا بتعلمها وتعليمها، كما في قول الامام الرضا (ع): (رحم الله عبدا احيا امرنا، فقلت: كيف يحيي امركم، قال عليه السلام يتعلم علمونا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلاما لاتبعونا ).
6- تخليد الثورة الحسينية حتى لا تنسى الامة او تتناسى تلك النهضة العظيمة والملحمة الكبرى ولتبقى حية نابضة على مر الدهور.
7- التفاعل الفردي والاجتماعي مع هذه النهضة المباركة وحصول حالة التأثر والحزن من خلال استذكار حوادثها الاليمة والظلم الذي جرى على ابطال هذه الملحمة بما فيهم من الاطفال والنساء. وهذا التفاعل قد يحصل أيضاً للانسان من خلال مطالعة تاريخ النهضة او سماع بعض الاشرطة الهادفة ولكن حصوله ضمن هذا الزخم المليوني يكون أكبر وأشد تأثيراً.
8- الاعلام الرسالي الهادف من خلال اقامة العزاء الحسيني وتسيير المسيرات والمواكب وغيرها من صنوف الشعائر الحسينية بنشاط اعلامي متميز لنقوم بالتأثير الايجابي على رأي العالم وتوحيد الصفوف ورصها امام الاعداء. ومن الواضح ان العمل الاعلامي والتظاهر الواعي والاستنكار ورفع الصوت في وجه الطغاة مهم للغاية، فلا يكفي الحزن القلبي وذرف الدموع في زاوية البيت اذ ان الهدف من اقامة الشعائر الحسينية لا ينحصر في المشاركة في المجالس والبكاء والحزن القلبي فحسب بل يمتد الى الجانب الإعلامي والدعوي أيضاً.
9- ان ثورة الحسين (ع) هي نهضة لا نظير لها امتازت بها الامة الاسلامية دون سائر الأمم فعلينا أن نستفيد من طاقاتها الخلاقة بتأسيس المجتمع الفاضل الحر الكريم مثلما اراد ائمة اهل البيت (ع).
هذا ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من السائرين على نهج الحسين (ع) واهل بيته وصحبه انه سميع مجيب
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين

 

 

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 08 - 28