ممثل المرجعية العليا في أوروبا يقول: إن أربعينية الحسين (ع) هي معجزة القرن
    

 

جاء حديثه هذا بعد انتهاء مراسم الزيارة الأربعينية في كربلاء المقدسة وهذا نصه: 

 

إن هذه الزيارة العظيمة التي شارك فيها ٢٢ مليوناً من أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وغيرهم لهي من أعظم المظاهر التي يجسد بها المؤمنون محبتهم وولائهم لسادتهم الأئمة الأطهار (ع) ويضربون فيها أروع الأمثلة في الكرم والإيثار والصبر والتضحية والتآخي والتلاحم وغير ذلك من السمات الخلقية الرفيعة في صور ومشاهد لا نظير لها في عالمنا الحديث. إن هذا الاجتماع الإيماني المبارك يمثل معجزة من معاجز الحسين (ع) وكرامة من كراماته الباهرة، فأي حب هذا الذي يدفع كل هذه الملايين من البشر ليسيروا في هذا الحر اللاهب بكل شوق واندفاع، ليستقبلهم أهل العراق بحبٍ بالغ وتفانٍ عظيم بضيافة منقطعة النظير تشمل كل ما يحتاج إليه الزائر من طعام وشراب ومسكن ولباس وغير ذلك بلا أي مقابل مادي على طول الطرق المؤدية إلى كربلاء ولمدة عشرين يوماً.. إن هذا لمما يدهش الألباب ويحير العقول. 

 

وليس هذا كله إلا لما غرسه الله تعالى في قلوب المؤمنين من محبة لهذا الإمام العظيم (ع) وانشداد إليه وتفاعل مع ملحمته، كما قال (ص): (إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً). 

 

إن الله تعالى كما جعل من بيته الحرام مركزاً للتوحيد الإلهي ومظهراً للعبودية والتذلل بين يديه، فإنه قد جعل أيضاً من كربلاء مركزاً لولاية أهل البيت (ع) وإظهار المودة تجاههم والتمسك بحبلهم، وكما جعل أفئدة من الناس تهوي إلى بيته الحرام وتنحدر إليه من كل فج عميق فإنه جعل أفئدة من الناس تهوي أيضاً إلى هذه الأرض المباركة وتقصدها من كل حدب وصوب. وكما قال الشاعر: 

 

لئن قصــد الحجـــاج بيتا بمكـــة    ****  وطافوا عليه والذبيح جريحه

 

فإني بوادي الطف أصبحت محرما **** أطوف ببيت الحسين ذبيحه

 

وتسألني عن زمزم هاك أدمعي   **** أو الحجر الملثوم هذا ضريحه

 

ومحورية زيارة الحسين (ع) وأرض كربلاء في الذهن الإمامي إنما نشأت مما خطه أئمة أهل البيت (ع)  بأنفسهم في هذا المجال، حيث حثوا أتباعهم حثاً عظيماً وأكدوا تأكيداً بالغاً على زيارة كربلاء في مختلف أيام السنة وتكرار ذلك وتعاهده كما يتعاهد الإنسان الحج إلى بيت الله الحرام، وبينوا ما خص الله تعالى به تربة الإمام الحسين (ع) من البركة والقداسة، وما ذلك إلا لما أريق على هذه البقعة الطاهرة من أطهر الدماء وأزكاها وسطر فيها من أروع ملاحم التضحية والفداء، فاستوجبت بذلك كل أنواع التكريم والتبجيل .

 

ولقد تعرضت هذه البقعة لأكثر من محاولة للقضاء عليها من قبل الحكام في ذلك الزمان، ولكن الأئمة (ع) واصلوا التأكيد على أهمية زيارتها، بهدف إبقاء كربلاء وملحمتها نبراساً يضيء الطريق للأجيال ويربط المؤمنين بنهجهم القويم مدى الدهور، وهذا ما تحقق بالفعل ونشاهده الآن بوضوح في زيارة الأربعين وما لها من عظيم الأثر في تقوية إيمان المؤمنين وترسيخ عقائدهم واستنهاض عزائمهم وتوحيد مشاعرهم وبث روح العزة والقوة والتكاتف والتآخي فيما بينهم وشدهم إلى مثلهم وقيمهم السامية وتذكيرهم بمواقف إمامهم الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه الطاهرين (ع). 

 

وقد رأينا كيف أن الملايين من الزائرين تقصد أرض كربلاء من كل بقاع العالم في هذه الزيارة المباركة، وقد أخذ هذا العدد يتزايد كل عام حتى بلغ هذا العام ٢٢ مليوناً وهو عدد ضخم لا تستطيع الإمكانات المادية مهما بلغت أن تفي بمتطلباته ولكن الله تعالى يسر ذلك بمنه ولطفه كرامةً منه للحسين (ع) ولهذه الأرض المقدسة. 

 

وقد شاهدنا أن الحدث الكبير الذي وقع في الخليج وهو كأس العالم في قطر والذي صرفت عليه مليارات الدولارات لم يزد عدد الحضور فيه على 5 مليون شخص بالرغم من أن الحكومة القطرية قد جندت تلك المليارات منذ عشرة سنوات من أجل إنجاح هذا الحدث الرياضي.. في حين أننا نرى أن كربلاء استقبلت أضعاف هذا العدد بإمكانات المؤمنين والمتطوعين دون مساهمة دولة في ذلك، فهي بحق معجزة القرن ومعجزة الحسين (ع). 

 

وتجدر الإشارة إلى أن الحضور في كربلاء لم يقتصر على أتباع أهل البيت (ع) بل شمل أبناء الطوائف الاسلامية الاخرى بل بعض الأديان الأخرى مضافاً إلى الشخصيات الفكرية والثقافية والأدبيــة والسياسية وغير ذلك، لتكون كربلاء بذلك مهوى الأفئدة ومنار العقول لمختلف الطوائف والقوميات. 

 

نسأل الله تعالى أن يتقبل من المؤمنين جميعاً زيارتهم وأعمالهم وجهودهم بأحسن القبول ويرزقهم ويرزقنا شفاعة الحسين (ع) والتمسك بحبله والثبات على نهجه في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب.

 

 

 

 قد تكون صورة ‏‏‏١٤‏ شخصًا‏ و‏حجاب‏‏

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏مِنبر‏‏

 

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 09 - 09