الجامعات مصنعاً للكفاءات.. فمن ينقذهم من الاحباط واليأس؟
    


* طموح الخريجين كبير وفي مقدمته بناء مستقبلهم في حياتهم المهنية
* تكاثر جيوش من الخريجين العاطلين جرس خطير على المجتمع
* على الدولة تعيينهم أو إستنهاض القطاع الخاص لاستيعابهم

أكثر من (16) عاماً، يقضيه جميع الطلاب في المدارس والمعاهد والجامعات لغرض التعليم كي يتخرجوا للحصول على الشهادات التي يطمحون اليها ، وهذا الوقت يمثل فترة ليست بالقليلة من عمرهم ، ليصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع والوطن الذي يعيشون فيه ، إرضاءً لطموحاتهم من أجل الارتقاء ونيل التعليم والثقافة والوعي والادراك ويعرفون من خلاله كل شيء عن أمور تخص حياتهم عند دخولهم في مختلف المعارف والعلوم والتاريخ والرياضيات واللغات ، ولكنهم حال تخرجهم يصطدمون بواقع الحياة المريرة ، بعد أن يضعون شهادتهم على حيطان المنازل متحسرين عليها ، لانهم أفتقدوا الى العمل في تقديم الخدمات الى المواطنين من خلال تعيينهم في إحدى دوائر الدولة ضمن إختصاصتهم أو عدم إمكانيتهم في إتمام مشاريع زواجهم ، بسبب صعوبة العيش وفق بطالة مقيتة لا يستطيعون مواجهتها .

فلماذا يتخرح الطلاب من الجامعات والامل يحدوهم أن يكونوا في خدمة وطنهم ، وهم لا يجدون توظيف في دوائر الدولة ؟ وهل أن الخبرات والاختصاصات في مجالات عملهم الذين درسوا فيها طيلة السنوات الماضية يمكن أن تذهب في مهب الريح ؟ وما السبب الذي يدعوا الجهات المختصة بعدم إحالة الموظفين من كبار السن على التقاعد وتعيين الشباب المتخرجين بدلاً عنهم ؟ .
كل هذه الاسئلة وغيرها كانت محاور ( جريدة بغداد الاخبارية ) أثناء تحدثها مع بعض المواطنين حول الامر .

طموحات لا حدود لها
فقالت المواطنة ماجد وليد حازم ( خريجة جامعية ) طموحات جميع الشباب ، لا يحده شيء أو حدود معينة ، تقف أمام مسيرتهم ، فهي مليئة بالنشاط والحيوية والتفاؤل ، لهذا فان تلك الطموحات مهما كانت مستوياتها ، لابد لها أن تتحقق وحتى وإن لم تكن كلها ، فطموحاتهم كبيرة وفضائها واسع ، وفي مقدمتها بناء المستقبل الذي يطمحون الى بنائه في حياتهم المهنية ، والعمل على ترتيب أوضاعهم بعد حصولهم على جواز مرورهم الى الحياة الفعلية عند نيلهم الشهادة الجامعية .

واقع لا يبشر بخير
وأضاف المواطن مهدي علي حسن ( طالب جامعي ) بقوله يبدو أن واقع الحال في العراقي ، فيما يخص الخريجين ، قد لا يبشر بخير ، فالبطالة والحاجة الى العمل ، تسهم في تكاثر جيوش من الخريجين العاطلين الطامحين للحصول عن أي فرصة للعمل في مختلف مجالات الحياة ، فكان لزماً على الدولة والجهات المختصة بعد أن شاهدت تراكم الاف الموظفين الذين لا يحملون شهادات من إستغلال هذا الامر وزج هؤلاء الشباب في أعمال ووظائف يشغلونها للعمل أفضل من غيرهم ، كي تتقدم مسيرة العمل ويكون الانتاج أفضل ، لما يحملونه من فهم ووعي ضمن إختصاصاتهم التي تخرجوا منها ، وإن كان هذا الامر صعباً عليهم ، فبالامكان توظيفهم في أعمال نافعة تخدم وطنهم في مجالات عديدة ، كالمصانع والمعامل وإبتكار وسائل وأساليب متنوعة من أجل عملهم .

الارتقاء الى الدرجات العليا
وأشار المواطن محمود خالد إبراهيم ( خريج وعاطل ) بقوله بعد تخرجي كنت أطمح الى العمل أولاً ، ومن ثم البحث عن الاستقرار الذي سيؤدي بي الى إتمام مشروعي بالزواح وتكوين عائلة تكون أساساً في بناء حياتي القادمة ، فطموحاتي التي لا تقف عن حدود ، ربما لا تشمل العمل والزواج وتكوين أسرة بعد الحصول عليها فقط ، وإنما تتعدى ذلك الى الارتقاء الى الدرجات العالية من خلال زيادة كفائتي بالعمل المتواصل كي أسهم في القضاء على أخطر الافات في المجتمع ، وهي المرض والجهل والامية ومظاهل التخلف ، فأسس مع زملائي الخريجين صرحاً عالياً يستوعب كل أبناء الشعب من أجل خلق روح وهمة شبابية تساعدنا في التقدم الى الامام .

ادراج الريح
وتألمت المواطنة منى عبد الزهرة حميد ( خريجة ) من حالة الصدمة التي واجهتها ، وهي تشاهد طموحاتها قد ذهبت أدارج الريح ، فبعد أن تخرجت ، ووجدت نفسها حبيسة المنزل ، وضاقت بها الدنيا ، ولم تعرف ، ماذا تفعل إتجاه هذا الامر ؟ ، فهي لا ترى نفسها فقط تعيش هذه المعاناة ، وإنما أشقائها الخريجون الذين يتسكعون في المقاهي وعلى أرصفة الشوارع ، يمارسون بعض المهن على شكل بسطيات أو في قيادة سيارات الاجرة ، من أجل لقمة العيش ، وعندما لا تنجح هذه الاعمال في أيديهم ، يعودون لممارسة هوية النوم حتى المساء أو الوقوف في الازقة بلا عمل .

من يعوضهم ؟
ويرى المواطن قاسم عبد الستار محي ( أب لابناء خريجين ) بقوله بعد معاناة أبنائي جراء التعب وسهر الليالي من أجل النجاح في مدارسهم ، تحولت هذه الى معاناة ما بعد التخرج على شكل يأس وأحباط كبيرين وأنا أشاهد طموحاتهم قد قتلت في مهدها من دون ذنب إرتكبوه ، فاصبح الخمول والكسل سمتان دبت بهم ، جراء تحسرهم على السنوات التي قضوها في المراحل الدراسية ، وهم يحلمون بالتخرج للحصول على فرصة لتحقيق ذاتهم وخدمة الوطن والبدء باول خطوة نحو تحقيق الطموح الاول ثم الارتقاء لتحقيق الطموحات الذاتية والشخصية الاخرى معاً ، فكل أحلامهم قد ضاعت من دون رجعة ، وكنت أتساءل دائماً ، من يعوضهم تلك السنين التي مرت من عمرهم ؟ ، ومن الذي سيحقق خطوات هؤلاء الشباب بمستقبل زاهر جميل يكفل لهم العيش الكريم في حياة آمنة ومستقرة ؟ .

البطالة تؤرق المجتمع
وتذكر المواطنة آمنة علي داود ( باحثة اجتماعية ) أن البطالة ظاهرة تؤرق المجتمع العراقي كافة ، لا سيما الشباب الخريجين منهم ، فبعد أن إرتفعت نسبة الخريجين من الجامعات والكليات وزادت نسبة التضخم بسببها ، كان من واجب الجهات المختصة أن تقف وقفة جادة وجهود حثيثة لوضع حد لهذه الظاهرة المزمنة ، عن طريق إيجاد الحلول المناسبة للتخلص منها ، كي نبعد البلاد عن الدول التي تحتضن هذه الآفة الاجتماعية والاقتصادية ، فلو كان لدينا قطاع خاص نشيط ، لما تفاقمت هذه المشكلة ، وساهمت في استقطاب أعداد لا بأس بها من الخريجين على غرار ما هو قائم في كثير من البلدان المتقدمة .

آخر الكلام
إنحسار فرص العمل بعد التخرج لالاف الطلبة الجامعيين في العراق ، بدت مسألة شائكة تتكرر في نهاية كل عام دراسي ، وبالرغم كل الأحلام والطموحات التي كانوا يحلمون بها بعد التخرج في الحصول على فرصة عمل أو تعيين في إحدى دوائر الدولة ، ألا أنها تبقى طموحات ، كونها ما زالت تصطدم في الواقع المؤلم الذي يواجهونه في صعوبة الحصول على الوظائف ، عندما بداوا يشاهدونها أنها تضيق أمامهم بشكل واضح ، فلو وضعت الدولة حصصاً مستقبلية في إستيعاب هذه الأعداد الهائلة من الخريجين وتوفير فرص عمل لهم ، مع ضرورة إستنهاض القطاع الخاص بوصفه الأساس في علاج مشكلة البطالة ، لما حصل ما حصل من بطالة لهم في بداية عنفوان شبابهم ، لأن الدولة مهما إستحدثت من درجات وظيفية عديدة ، لا تستطيع أن تستوعب الا أعداد قليلة من الخريجين في أحسن الأحوال.

بغداد الاخبارية



محرر الموقع : 2015 - 05 - 30