اللاجئون العراقيون في أوروبا يتركون أبناءهم «القصّر» ويعودون للبلاد
    

 

يبدأ الشاب العراقي عصام علوان (16 سنة) مرحلة جديدة في حياته مستفيداً من قانون الاقامة الهولندي الجديد الذي شرع عام 2011، والذي يتيح للاّجئين ممّن هم دون سن الرشد، طلب (الحماية) واللجوء.

وعلوان، الذي نزح من العراق عام 2006 وهو صغير، مع والده في ذروة القتال بين القوات الأمنية والجماعات المسلحة، وما رافق ذلك من أحداث فتنة طائفية، عاش وحيداً بعدما توفي والده بعد سنة من وصوله الى هولندا على أمل العيش في حياة حرة كريمة.

وبين شخص مثل علوان، يجد نفسه مضطراً للتشبث بالبقاء في هولندا، وآخرون يتلمّسون سبل العودة الى بلادهم، بسبب قوانين اللجوء الجديدة، بدأ أمر العودة للقصّر العراقيين أكثر صعوبة مقارنة مع غيرهم من البالغين.

ومشكلة اللاجئين الذين لم يبلغوا سن الرشد، لا تخص العراقيين وحسب، بل هناك الكثير من امثالهم من البلدان المتنوعة ممن بلغت بهم السبل الى طلب اللجوء في اوروبا.

وبحسب الباحثة الاجتماعية سارة هوغتن، الناشطة الهولندية في مجال حقوق اللاجئين في حديثها لـ»المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي»، فان «الحكومات الاوروبية لا تستطيع التغاضي عن الاهتمام بهذه الشريحة المهمة، ليس لان لذلك علاقة بالمعايير الانسانية وحقوق الانسان وحسب، بل لان هؤلاء يمثلون الجيل الجديد الذي يمكن الاستفادة منه، في ظل المشكلات الديمغرافية التي تعاني منها الدول الاوربية».

وبحسب القانون الاوروبي فان القاصر هو «كل شخص دون سن الـ18، إلا أن سن المساءلة القانونية يبدأ قبل هذا العمر».

سمير الخفاجي ( 16 سنة) الذي وصل الى هولندا عن طريق التهريب، ما يزال من دون تصريح إقامة، وعلى الرغم من قراره العودة الى العراق الا انه لا يستطيع ذلك، بسبب القوانين المرعية التي لا تسمح للفتيان غير البالغين سن الرشد من التصرف بأنفسهم في مثل هذه الحالات، ليظل رهين الزمن والقرارات التي سيطول الامد لحين تطبيقها على ارض الواقع.

يقول سمير لـ»المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي»، «تمر السنوات بسرعة، ولم يعد يهمني ان ابقى في هولندا أو سيتم ترحيلي».

ولم يقصد سمير أوروبا وحده، بل مع والده الذي نصحه بالبقاء في هولندا، بعدما عاد الى العراق بعد فشل حصوله على الاقامة.

ويقول سمير «صارحني ابي بعدم قدرته على تحمل تكاليف المعيشة في العراق، ونصحني بالبقاء في هولندا، لغرض العيش الاسهل».

وبهذا الشأن يقول باتار الذي يعمل في مكتب إحدى المنظمات غير الحكومية في مدينة لاهاي لـ»المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي»، ان «سمير الذي يعيش في منزل خاص بالنازحين القصر ضمن مشروع (AMAS) الخاص بالشباب غير البالغين، شرع في اتباع تعليمه الثانوي وممارسة هوايته في رياضة الملاكمة مستفيدا من قانون جديد يسمح للاجئين القصر بالبقاء في هولندا».

وعلى وفق برنامج AMAS الخاص بالنازحين القصّر، يسمح لسمير بالبقاء في هولندا حتى الثامنة عشرة من العمر، ثم يمنح بعدها رخصة الاقامة الدائمة على وفق شروط معينة.

وطوال الفترة الماضية، يُكَلّف سمير بمهام عمل في مجال الحاسوب والرياضة، ليحصل من جراء ذلك على نفقات السكن ومصاريف المعيشة، من قبل البرنامج.

ويفكّر سمير طويلاً في العودة الى بلده، وبسبب حنينه الجارف الى اصدقائه وعائلته، اصيب بكآبة حادة ادخل على اثرها الى المستشفى، ما أضطره الى تناول حبوب مسكّنة تخفف من اثار أعراض «الحنين» الى الوطن.

وكان البرلمان الهولندي قد اصدر عام 2012 قرارا بعدم ترحيل طالبي اللجوء القصر (أقل من 18 سنة) الذين قدموا إلى هولندا منذ ما يزيد على خمس سنوات.

أما عمران حسن (15 سنة )، وهو نازح عراقي قاصر آخر، فيقول لـ»المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي»، انا «أخطط لاستكمال دراستي والحصول على شهادة اكاديمية في مجال الطب او الهندسة، وأنا واثق من اني استطيع العودة الى بلدي والاسهام في اعادة اعماره».

ويضيف «في هولندا ثمة مستقبل، لكني هنا بلا هدف، وخطتي هي العودة إلى بلادي حتى أتمكّن من خدمة شعبي».

وفي الوقت الحاضر، انحسرت اعداد النازحين العراقيين ممن هم دون سن الرشد الى نحو 150 لاجئاً، من بين نحو 1000 لاجئ قاصر من جنسيات متنوعة، اغلبهم يعيشون في مراكز الإيواء او في مؤسسات رعاية اجتماعية خاصة بالقصّر من النازحين.

الى ذلك، تشير هيفاء محسن (16 سنة)، لـ»المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي»، الى ان «والدتها تركتها بين ايدي المهربين في اوكرانيا؛ ووصلت الى هولندا عن طريق مفوضية شؤون اللاجئين الاممية العام الماضي».

تضيف هيفاء «أمي تخلّت عني في سن مبكرة، بسبب الحرب والوضع الاقتصادي السيء، وهو ليس قراري في كل الاحوال».

لكن تجربة هيفاء في المهجر منحتها فرصة التعلم، مؤكدة «ستشرق الشمس من جديد في حياتي».بدوره، يرى الباحث الاجتماعي محمد ابو شاهين الناشط في مجال دعم النازحين، أن «اغلب العراقيين القصّر متمسكون بعراقيتهم، وتطبع مشاريعهم المستقبلية وسلوكياتهم اليومية بملامح وطنية على الرغم من انهم تركوا وطنهم وهم صغار».

 

محرر الموقع : 2013 - 11 - 01