المرأة ما بين إهانة الغرب و إحترام الإسلام
    
فؤاد الموسوي 
 
 
عندما جاء الإسلام الحنيف قام بتحرير المرأة و أعاد لها انسانيتها و كرامتها و منحها حقوقاً موازية للرجل مثل حق التعليم و العمل  و الملكية و  الميراث و الإنتخاب و الاشتراك  في الحياة السياسية مع الأخذ بعين الإعتبار أولوية تربية الأولاد و الإهتمام بشؤون الأسرة بما في ذلك حقوق الزوج الشرعية . و ما آيات  القران الكريم و أحاديث الرسول (ص) إلا دليلاً  ناصعاً على تاكيد الإسلام على إحترام المرأة و تقديسها و جعل الجنة تحت اقدامها .  أما المرأة عند الغرب فما هي إلا بضاعة رخيصة ربما تكون غالية الثمن احيانا  و ذلك يعتمد على شبابها  و جمالها الجسدي حيث إن معيار شخصيتها هو جمالها الظاهري أي كلما كانت أجمل كلما كان نصيبها أوفر من الحصول على العمل أو المال بشرط أن تختلط مع الرجال و تقدم لهم  جسدها و جمالها و أنوثتها لكي يتم افتراسها من قبل وحوش رأس المال و تجار الجنس البشري .  و من هنا نلاحظ بأن المجتمع الغربي أضحى يعتبر إن إختلاط المرأة بالرجل هو  من القيم و المبادئ الأساسية التي يستند عليها تقييم مكانة المرأة و دورها في هذا المجتمع .  أما المرأة التي تريد أن تصون كرامتها و تحفظ شرفها من دنس العابثين فما بوسع هذا المجتمع إلا أن يقوم بنعتها بأنها شاذة أو غير إجتماعية و ما شابه ذلك . فعندما تختلط المرأة بالرجال  غالباً ما تصبح فريسة سهلة لشهوات و مطامع الرجال حينها تجد نفسها وحيدة في مسيرة حياتها  تصارع  مشاكل الحياة اليومية دون أي سند أو معين بحيث  تصبح هذه المشاكل خارجة عن نطاق تحملها و طبيعتها الفطرية . و لهذه الأسباب نجد إن المرأة الغربية غالباً ما تعيش حياتها بفردها تفتقد فيها المحبة و العاطفة و الحنان ، لا تعرف في هذه الحياة الرتيبة سوى طريقها إلى مكان عملها و في  المساء تعود إلى بيتها و قد أضناها و أرهقها العمل الروتيني المتواصل و الذي لا تحصد منه سوى  بعض النقود لكي تسد بها  رمقها و لتدفع فواتير الخدمات الأساسية و خاصة إيجار البيت لكي لا يتم رميها في الشارع لتعيش مع المشردين و المتسولين .  في بعض الأحيان تجد نفسها بأنه لا سبيل أمامها سوى الانقياد لرجال الأعمال و رؤوس الأموال فتنفذ كل ما يطلبونه منها دون تردد فتصبح ألعوبة بايديهم تلبس كما يرغبون و تتصرف كما يملون عليها  بفرض ارادتهم لا كما تشاء . إن صح التعبير يمكن لنا أن نقول بأنها قد أصبحت سلعة إستهلاكية رخيصة بيد هؤلاء  التجار المنتفعون و تصبح قيمتها بقدر جمالها و سنوات عمرها و جاذبيتها الجسدية و بعدما يذبل شبابها و ينضوي جمالها يقوم هؤلاء التجار برميها على قارعة الطريق و استبدالها بسلعة أخرى . و لهذا السبب نجد كثرة حالات الطلاق و الإنتحار و العنف الاسري لدى المجتمعات الغربية أما تعاطي المخدرات و الكحول لدى النساء و الرجال على السواء فما هو إلا أداة يتم بواسطتها الهروب من الواقع الماساوي  إلى الخيال  المجهول . و عندما تصل حالة المجتمع إلى تلك الدرجة من الضياع و الانحطاط الأخلاقي و الادمان على المخدرات تصبح المرأة هي الضحية للعنف و المعاملة الوحشية  القاسية من قبل زوجها أو عشيقها. أما المجاملة و الإحترام المتبادل ما بين الرجل و المرأة الغربية و الذي نتصوره بانه موجوداً فعلاً فما هو إلا سراب يحسبه الضمان ماءً و لايوجد إلا في أفلام  السينما و التلفزيون أما داخل الأسرة فحدث و لا حرج . 
 
و بعكس ما نراه عند  الغرب، فأن للمرأة مكانة سامية عند الإسلام حيث تضمنت تشريعاته قوانين كثيرة لحماية حقوق المرأة و صيانة كرامتها إذ إن معظم الأيات القرآنية تخاطب المرأة و الرجل على السواء دون أن تفرق بينهما ، فان الخطاب القرآني يركز على الإنسان سواء كان ذكراً أم أنثى :( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ... )  (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيراً و نساء ...) .  لقد أعاد الإسلام للمرأة انسانيتها بعد أن كانت تباع في سوق النخاسة وبعدما كان يتم دفنها حية من قبل أبوها و هي ما زالت في المهد . و من تشريفات الإسلام للمرأة هو إن ضرب لها مثلاً في نساء عظيمات خلدهن التاريخ كمريم العذراء (ع) و أمرأة فرعون آسيا بنت مزاحم (رض) و  خديجة الكبرى (ع) و سيدة النساء  فاطمة الزهراء (ع) و زينب الكبرى (ع) و أم البنين (ع) و غيرهن  ممن سطرن أعظم البطولات و التضحيات في تاريخ الإسلام . إن نظرة الإسلام إلى المرأة هي نظرة إنسانية تتجلى فيها أيات المحبة و العطف و الحنان ، فالمرأة هي الأم الحنون و هي الزوجية الحبيبة و هي الاخت الوفية  و هي البنت العطوف . ( و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) . و هكذا حدد الإسلام مكانة المرأة و قام بالقضاء على الظلم الذي لحق بها  و أعاد لها حقوقها المسلوبة ليثبت للعالم أجمع بأن الإسلام هو دين الرحمة و العدل و المساواة تطبيقاً و ليس مجرد شعارات زائفة لخداع الناس و الضحك على ذقونهم . إن ما يدعيه الغرب اليوم بأن الإسلام دين متخلف لا يحترم حقوق المرأة و حريتها ليس إلا محاولة خبيثة هدفها هو تدمير المجتمع و تفكيكه بدئاً بالاسرة التي هي نواة المجتمع . إن من خصائص الدين الإسلامي الحنيف هو التركيز على عفة المرأة و كرامتها و حفظها من الضياع و الإنحطاط الأخلاقي و ذلك لان المرأة هي التي تربي الأجيال و تصنع الرجال و كما يقال إن وراء كل رجل عظيم أمرأة ، أما إذا فسدت المرأة فان ذلك دون أدنى شك سيؤدي إلى فساد المجتمع كله . إن الامومة التي وهبها الله للمرأة هي أعظم رسالة كلفت بها لكي تنشيء جيلاً إسلامياً  صالحاً يتمتع بمناعة أخلاقية و دينية ضد المفاسد و الأمراض الإجتماعية التي من شأنها أن تهدد كيان المجتمع و ترمي به إلى ألهاوية .  
 
و هكذا بعد أن تطرقنا إلى مكانة المرأة في الاسلام و عند الغرب، يتبين لنا بأن دعوة الغربيين إلى المساواة التامة ما  بين  الرجل و المرأة ما هي إلا ضرب من الخيال و شعارات جوفاء نادت بها بعض المنظمات النسوية كرد فعل على الظلم و المعاملة اللاانسانية التي عانت منها المرأة الغربية لقرون عديدة و لكن تلك المنظمات المشبوهة جهلت أو تجاهلت بأن المساواة لا تعني العدل بتاتاً و ذلك لان المساواة المطلقة بين جنسن مختلفين من الناحية البيولوجية هو الظلم بعينه بحق المرأة و الرجل على السواء و السبب في ذلك يعود إلى أن التكوين الفطري لكل من الرجل و المرأة لا يسمح لهما إطلاقاً بان يكونا متساويان في كل الوظائف و الأدوار إلا إذا أراد هؤلاء الأشخاص التمرد على قانون الله في الأرض و بالتالي سيكون مصير القوانين البشرية الوضعية هو الفشل الذريع عاجلاً  أم آجلاً . إذن يجب على المرأة الغربية أن تطالب بحريتها الحقيقية و أن لا تبقى أسيرة بيد تجار الجنس و المال الذين يسحقون كرامتها و انسانيتها كل يوم من أجل أهوائهم و  أطماعهم الخبيثة . 
 
محرر الموقع : 2016 - 12 - 09