صمود العراق بين ممانعة السيستاني ومقاومة سليماني.
    

في العقدين الأخيرين من القرن المنصرم، كان العراق يشكل مصدر تهديد للأمن القومي لدول الجوار، بيد أنه وبعد سقوط النظام البائد، على يد جيش الاحتلال الأمريكي، انعكس الأمر، فقد أصبح الأمن القومي العراقي، مهدداً من قبل دول الجوار! حيث عملوا على تدريب، وتسليح الإرهابيين، وإرسالهم الى العراق! 
رغم ذلك لم تتغير المعادلة، فالهدف الأساسي لقوى الإستكبار العالمي، هو إضعاف قبلة الحكم الإسلامي في العصر الحديث، المتمثلة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، فبعد أن فشلت حرب الوكالة، التي أسعر نيرانها عميلهم (صدام) جائوا بأنفسهم كي يجاوروا إيران، لكنهم لم يجنوا سوى الفشل! وأنسحبوا وهم يجرون أذيال الخيبة!
في زمن الاحتلال الأمريكي للعراق، نشأت عوامل الممانعة والمقاومة، على يد رجلان، أولهما: المرجع السيستاني، والذي لم يفتأ يتصدى لكل ما من شأنه تقويم الدولة الجديدة، حتى تمكن من إنهاء حكم الحاكم المدني بريمر، وإقامة حكومة إنتقالية، وكتابة الدستور بأيدي عراقية منتخبة، ومن ثم إقامة الانتخابات التشريعية.
الرجل الثاني: هو الجنيرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني، فقد كان لذلك الرجل دوراً بارزاً، في دعم قوى المقاومة العراقية ضد المحتل، وبين ممانعة السيستاني، ومقاومة سليماني؛ سار العراق نحو الأمام، حتى خرج المحتل، وقوي عضد الدولة العراقية، وأكتملت السيادة، وظنت الحكومة العراقية أنها مقتدرة!
في العام 2010؛ بدأت الحكومة العراقية تنحرف عن بوصلة المرجعية الدينية، فأغلقت المرجعية أبوابها بوجه السياسيين إحتجاجاً على ذلك، إذ اتخذت الحكومة العراقية مسلكاً، كاد أن يؤدي بالبلد نحو الهاوية، حتى مطلع العام 2014، حيث أصبح العراق، تحت طائلة تهديد الجماعات الإرهابية، المدعومة من قبل دول إقليمية!
حينها انبرى رجل المقاومة "سليماني" لمساندة الحكومة العراقية، بيد أنه لم يجد العدد الكافي من المقاومين العراقيين، بسبب تخلخل الثقة بين الشعب العراقي وبين حكومته، بالإضافة الى عدم إستعداد سليماني المسبق، بسبب عنجهية الحكومة العراقية وغرورها، حيث أنها صورت للعالم قدرتها على دحر الإرهاب، بجهود القوات الأمنية!
هكذا عمل سليماني، مع عدد قليل من فصائل المقاومة العراقية، كان أبرزها آنذاك: منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وتنظيم العصائب بزعامة الشيخ قيس الخزعلي، وسرايا العقيدة بزعامة الشيخ جلال الدين الصغير، وهذه الفصائل كانت قبل ذلك، تقاتل في سورية ضد الإرهاب، وعادت لتقاتل الإرهاب داخل الأراضي العراقية!
كان سليماني آنذاك يصول بيد جذاء، لقلة أعداد رجال المقاومة، كما لم تثمر دعوة الحكومة العراقية في مطلع العام 2014، الى إنشاء جيش شعبي رديف، ورغم الخطر الذي كان يحيق بالعراق، بيد أن المرجعية الدينية لم تتدخل، بسبب غرور الحكومة، وإضهارها جانب القوة والمكنة، أمام الرأي العام!
هكذا قيدت يد المرجعية الدينية، حتى حلول شهر حزيران، الذي أعلنت فيه الحكومة العراقية، فشلها في إدارة الملف الأمني، وسقطت عدة مدن بيد تنظيم داعش الإرهابي، فتصدت المرجعية وأعلنت الجهاد الكفائي، ورفدت المقاومة العراقية بمئات الآلاف من المقاتلين، ولم يتأخر سليماني عن قيادة الحشد الشعبي، وتحقيق الإنتصارات.

قيس المهندس

محرر الموقع : 2015 - 02 - 04