14 عاما على رحيل فيروز من صباحاتنا
    

علي علي

 

أفي كل يوم تحت ضبني شويعر

ضعيف يقاويني قصير يطاول

  قالها المتنبي، وهو حال العراقيين منذ اربعة عشر عاما، فصباحاتهم لم تعد تشدو فيها فيروز كما كانت في عهد "النظام المقبور"، كما لم تعد المطربة "ملك" تصطبحهم بصوتها الأخاذ شادية صادحة؛ صباح الخير يالوله... فقد استبدلت كل تلك الصباحات بأخريات تتتالى فيها الأحداث المروعة، وتتوالى فيها المآسي، تاركة في سجل الذكريات منقوشات محزنة حدا يتجاوز البكاء والنحيب والعويل. فلطالما تجتر الأحداث نفسها لأسباب مستنسخة من أحداث سبقتها، وكأنها (Copy Paste) وأولها الخروقات الأمنية، إذ مازالت رغم تغيير القيادات تتكرر أينما وجدت ثغرات -وهي كثيرة- بسبب إهمال وتقاعس لاشبيه ولامثيل لهما، من قبل أفراد مكلفين بحماية أمن العراق والعراقيين، وهم ليسوا مستأجرين من بلدان أخرى او مرتزقة أو تابعين لشركات أمنية، بل هم منتسبون الى وزارات عراقية، وأجهزة خاصة تابعة لمجلس رئاسة الوزراء. ومن اللافت للنظر والغريب حقا..! أن أولى فقرات شروط قبولهم فيها؛ "أن يكون من أب وأم عراقيين". فهم -إذن- ابناء عشائر عراقية أصيلة، علموهم أهلوهم من بديهيات الأمثال الشعبية: (تحزّم للواوي بحزام سبع). فهل أعدّوا العدة للـ (واوي) بما يضمن رده وردعه عن نيته في الإجرام فيكونون إذاك قد نفذوا واجبهم الوطني والمهني والأخلاقي؟ أم أن (أبو رغال الثقفي) مثلهم الأعلى في بيع وطنهم ومهنيتهم و (أشياء أخرى)! كما حدث في مقامات سابقة يطول فيها المقال ويضيق بها المقام. وبعد أن (يوگع الفاس بالراس) وتحلق النسور والغربان في ساحة الجريمة، تكون الـ (كليشة) التي يصرّح بها ناطق مسؤول او جهة مخولة، هي نفسها التي أذيعت سابقا، فالتبريرات والحجج جاهزة ولاتتطلب أي مجهود لإعدادها، حيث تقرأ وتذاع في الفضائيات والوكالات من جديد على مسامع العراقيين، لتملأ أوقات فراغ من هو متفرغ من المواطنين، او لتكون مادة إعلامية (دسمة) يكتبها الكتاب، وهم جادون في طرح مشكلة خطيرة، إلا انهم يفاجأون أن الحلول تبعد عنها بعد زحل عن باب الحارة، بل انها -الخروقات الأمنية- قابلة للتطبيق في منشأة أخرى او مؤسسة من مؤسسات العراق التي أضحت حماياتها على مايبدو (فالتو).

   وبما ان الحل -كل الحل- بيد القائد العام للقوات المسلحة، فإن الأفق خالٍ من أي خيط لشعاع أمل بتلمس العراقيين مايحقق أملهم في الأمن والأمان، ذلك أن التراخي في الردع، وانعدام الحزم في العقاب، والتسامح حد الرضوخ لمن يرتكب الخروقات في البلد، هي السمات الأبرز في سياسته وبرنامجه في إدارة وزارتي الدفاع والداخلية، في وقت كان حريا به إيلاء جانب وزارتي الدفاع والداخلية اهتماما خاصا، فمن غير المعقول أن يسرح ويمرح المجرمون في شوارع البلاد، ويعدّون العدة لخروقات قادمة ويفلحون فيها، والسبب أن تواطؤا حصل من أفراد حمايات، او حراس مداخل مدن، او عناصر أمنية.

    الأمر ياقائد بلدنا الديمقراطي الفدرالي التعددي -كما تدّعون- بات يتطلب اتخاذ قرار أشد من إقالة مدير مسؤول او ضابط ميداني، ومن غير المعقول ان يكافأ المهمل بواجبه او الخائن بإحالته على التقاعد، ليقضي بقية حياته مرفها مع أهله، فيما هو متسبب بإزهاق أرواح العشرات من العراقيين. فالرحمة في موضع كهذا تفتح باب النقمة على من يريدون العيش بسلام بعيدا عمن لاتعرف الرحمة قلوبهم.

محرر الموقع : 2017 - 01 - 16