أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟!...هذه الظّاهرةُ لا تجدها الّا في الْعِراقِ!.
    

 

                         أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟!

                                       [٥]

   ومن علامةِ إِنتشار ظاهرة المُجاملات الزّائدة عن الحدِّ في المجتمع، هي انَّ مجموعةً محدَّدةً من النّاسِ هي التي (تُنَظِّر) لكلِّ شَيْءٍ!

   للسِّلمِ وللحربِ

   للارهابِ وللتّسويةِ

   للنّجاحِ وللفشلِ

   للعلمِ وللجهلِ

   للمحاصصةِ ولحكومةِ الأَغلبيّة

   للأَزماتِ وللحلولِ

   للمساوماتِ وللحزمِ

   لملفّاتِ الفسادِ وللنَّزاهة

   ولكلِّ شَيْءٍ

   هي زُمرةٌ من الوجوهِ المحروقةِ التي تراها على المسرح دائماً وأبداً بتغيّر العنوان والدَّور فقط!.

   وهذه هي مشكلتُنا في الْعِراقِ! وهي الظّاهرة التي ورثناها من الطّاغية الذّليل صدّام حسين، والتي أُطلقُ عليها أَنا مصطلح [سوپر زعيم] فالزعيمُ عندنا كالطماطةِ يرهم على كل القُدور!.

   ولذلك ما عُقد إِجتماعٌ ومؤتمرٌ أَو ندوةٌ الا وجدتَها هي نفسها المُتحدّثة والمُنظِّرة!.

   هذه الظّاهرةُ لا تجدها الّا في الْعِراقِ!.

   يجب ان تتغيّر هذه الزُّمرة ليُساهم الآخرون بحلِّ مشاكل العراق، فأَنا أَعتقدُ انّ العراق يمتلكُ طاقات هائلة قادرة على المُساهمة.

   لقد سألني أحدُ مراجع الدّين في النّجف الأَشرف عند زيارتي لَهُ خلال زيارتي الأَخيرة للعراق بقولهِ [أَلم يعترف بفشلهِ؟! فلماذا متمسِّكٌ بها ومُتهالكٌ عليها الى الآن؟!].

   وأَضفتُ؛ هو يكذبُ كذلك عندما ادّعى مؤخّراً بانّهُ لا يرشّح نفسهُ ثالثةً! فلقد قالها من قبلُ مرّاتٍ وكرّات ولم يلتزم بها!.

   هو سؤال مهمٌّ جدّاً، فأَن يصفك الآخرون بالفشلِ فذلك ربما ليس مدعاةً لتركِ السُّلطة! أَمّا أَن تعترف على نفسِك وتقول [بعظْمةِ لسانكَ] وبالفمِ المليان ومن على شاشةِ قناتك الفضائيَّة بأَنَّك فاشلٌ ولا تصلح للسّلطة ويجب انّ تترك العملية السّياسية برمّتها، ثم تصرُّ على (ثالثةٍ) و (رابعةٍ) و (خامسةٍ) وهكذا! فهذا يعني أَحدُ أمرَين؛ فامّا أَنّك لم تكن بكاملِ وعيِك عندما نعتَّ نفسك بالفشلِ! وهذا شيءٌ خطيرٌ ينبغي عرضهُ على طبيبٍ مختصٍّ بأَمراض الزهايمر مثلاً أَو ما شابهَ ذلك! أَو انّك تعني ما قلت فتريدُ الاجهاز على ما تبقّى من البلد!.

   ولذلك فليس اعتباطاً ابداً عندما حدَّد الامام أَميرُ المؤمنين (ع) ثلاثة نماذج من النّاس لا ينفعونَ في شَيْءٍ ولا يمكنهُم ان يُقيموا حقّاً أَو عدلاً أَو يحموا مصالح الجماعة.

   يقول عليه السلام {لاَ يُقِيمُ أَمْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ إلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ، وَلاَ يُضَارِعُ، وَلاَ يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ}.

   وللتّوضيح [لايُصانع أي: لا يُداري في الحقّ / المُضارعَة: المُشابهة، والمعنى أنَّهُ لا يتشبَّه في عملهِ بالمُبطلين / إِتّباع المطامع: الميل معها وإن ضاعَ الحقُّ].

   ليكن هذا القولُ ميزاناً لقياسِ حجم [المجاملات] لنكتشف سبب الفَشَلِ والتّراجع! كما نتعرّف به على هويّةِ الفاسدين والفاشلينَ!.

   وصدقَ أَميرُ المؤمنين (ع) الذي يقول {أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ}.

   وإِنّما تزدادُ مجاملات المرء على حسابِ الحقّ العام والمصالح العامّة عندما يكون طمّاعاً جشِعاً، اذ تصرعهُ المطامع وتُرديهِ صريعاً على الأَرْضِ بالضَّربةِ القاضيةِ، وهذا ما لمسناهُ من أُناسٍ كثيرونَ كُنّا نتصوّر أَنّهم سيكونونَ بِمستوى المسؤوليّة وأَهلاً للموقع، لنكتشفَ بَعْدَ حينٍ أَنّهم ليسوا أَكثر من توافه تبيع نفسها وبلدَها وشعبها ودينها ومذهبها وكلّ شَيْءٍ مقابل منصبٍ تافهٍ تتسنَّمهُ أَو امتيازاتٍ زائلةٍ تتمتّع بها! ناسيةً او متناسيةً انَّ الرِّجال بمواقفِها وانَّ التّاريخ يسجِّل كلَّ صغيرةٍ وكبيرةٍ لتُصدر الأَجيال القادمة حُكمها! أَمّا في اليومِ الآخِر {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} ذلك اليوم الذي يصفهُ ربّ العزّة بقولهِ؛ 

   {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}. 

   *يتبع

محرر الموقع : 2017 - 01 - 19