السفارات العراقية وتشكيل رأي عام عالمي
    

جواد كاظم الخالصي : بالتأكيد إن قرار الإدانة الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي قبل يومين لكل الأعمال الإرهابية التي تطال الشعب العراقي من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه هو قرار ذات قوة معنوية عالية ويعطي هذا القرار الحق للدولة العراقية بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية المطالبة بمحاكمة الجناة أيا كانوا ومن أي لون واي دولة ووضعهم تحت طائلة القصاص والقوانين المعنية بالإبادة الإنسانية والتطهير العرقي وليس بمسمى العمل الإرهابي فقط وهذا الأمر يدفع الى ان يأخذ العراق على عاتقه تلك المساندة الدولية وهذا التعاطف القانوني من جميع دول العالم للوقوف بقوة أمام كل الدول والمنظمات المتطرفة التي تدعم الإرهابيين وترسلهم الى الأراضي العراقية من أجل محاكمتهم أمام المحاكم الدولية فلم يعد الأمر مقتصرا على التنديد والإدانة ومخاطبة الدول التي تأوي هذه المجاميع الإرهابية من اجل استعطافها وكبح جماح التنظيمات المسلحة التي تتسلل الى الأراضي العراقية (مع ان هذا الامر بعلم منهم وعدم ممانعتهم من قبلهم) ، او ربما لجأنا لعقد المؤتمرات من أجل تجفيف منابع الإرهاب من الجانب المالي ، او نطالب علماء الدين في هذه الدولة او تلك بأن يغيروا من خطابهم الديني المتشدد والميل الى الاعتدال ،، كل ذلك ما عاد ينفع ، فالمهم أن نمسك بهذا القرار ليكون حجة دولية ناجعة بأيدينا لردع هؤلاء الأشرار وكف أذاهم عن العراق وشعبه ولتكن المحاكم الدولية هي الفاصل في القصاص خصوصا مع حكومات الدول التي تدعم تنظيمات مثل القاعدة وأتباعها وكل المجاميع الإرهابية المنتشرة في المنطقة .
من هنا أود ان أركز على مفصل مهم من مفاصل الدولة العراقية الذي يمكن ان يكون مؤثرا جدا في استغلال هذا القرار الدولي من اجل الشعب العراقي والمحافظة على أرواح أهلنا الذين يقتلون بدم بارد على مرأى ومسمع شعوب المنطقة وغيرها وما اعنيه هنا هي السفارات العراقية في دول العالم كافة والتي لها الدور الكبير في ان تجعل من هذا القرار أداة لتشكيل لوبي دولي فاعل على المستوى السياسي والاقتصادي حيث المطلوب من السفارات ان تُفعّل هذا الإجراء في قرار الإدانة وتتجه الى التواصل التام مع الشعب والدولة  التي تتواجد فيها كل سفارة وتعمد الى ما يلي :
أولا: القيام بمؤتمرات سياسية وإجراء لقاءات دبلوماسية مع حكومة الدولة التي تتواجد فيها السفارة تكون ذات مغزى إنساني وتعاطف كبير مع ضحايا الإرهاب ومع ذويهم وكذلك توضيح التدمير الكبير لبنية الدولة ومؤسساتها وهي تتعرض لأشد هجمة شرسة خبيثة تتحرك اليوم على امتداد دول الربيع العربي في وقت يجب الإقرار على أن العراق أكثر الدول تضررا وإبادة للبشر في تلك الهجمة.
ثانيا: التوجه الى إقامة المعارض من صور وفيديوهات تسجيلية لكل مخلفات العمليات الارهابية التي تحصل في العراق من خلال التعاون مع وزارة حقوق الانسان العراقية واللجنة البرلمانية المختصة بحقوق الإنسان ويُدعى إليه منظمات المجتمع المدني والمثقفين والأكاديميين وغيرهم من فعاليات مجتمعات كل دولة من دول العالم التي لها ثقلها الكبير في القرارات الدولية وهو ما يشكل لدينا رأي عام عالمي يؤثر في القرارات الدولية كي لا نبقى تحت وطأة أدوات القتل المستمر كل يوم من قبل شذاذ الآفاق وحثالة المجتمعات التي تتوافد علينا لقتل العراقيين .
ثالثا: العمل على ترسيخ مفهوم السلم والأمن من اجل ان تكون شركات تلك الدول فاعلة في الاستثمار داخل العراق علما وان العراق ساحة اقتصادية واعدة تجعل من الشركات العالمية متحفزة للعمل فيها وهذا يتطلب ان يكون الأمن مستتبا بدرجة اساس حتى تتمكن شركات تلك الدول من العمل بشكل واسع ، وهذا الجانب يعتبر عاملا ضاغطا من قبل الشركات تلك على حكوماتهم لمساعدة العراق في النهوض الاقتصادي عبر بوابة الأمن.
هذا الجهد يمكن ان يقوم به القسم الإعلامي في كل سفارة وهي مسؤوليتهم الوظيفية والقانونية وعليهم المبادرة في هذا الأمر ولا نريد أن نلقي اللوم على السفير او القائم بالأعمال او القنصل او غيره ، كلا ،، هي مسؤولية حصرية تقع على عاتق القسم الاعلامي في كل سفارة خصوصا ونحن اليوم في عراق منفتح والسفارات العراقية تعمل تحت الشمس ومفتوحة الابواب لكل عراقي آياً كان جنسه ونوعه فما عاد الخوف القديم من تلك السفارات قائما فلا يمكن ان نمر من شارع تتواجد فيه سفارة العراق ، لذلك على جميع السفارات التي تمثل البلد ان تبادر وتتفاعل مع هذا القرار الدولي الذي يمثل الشرعية القانونية لتكوين رأي عالمي ضاغط من اجل حماية ابناء شعبنا وخصوصا السفارات المتواجدة في الدول المهمة أصحاب حق الفيتو في القرارات الدولية مثل اميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.
أنا متيقن أن الدبلوماسيين العراقيين في تلك السفارات يعملون بكل جهد من اجل إيقاف نزيف الدم العراقي وسيعملون على دعم هذا القرار الدولي ويبذلون كل طاقاتهم من اجل عراق مستقر وواعد في إطار التطور والبناء الحقيقي للدولة العراقية لذلك فإذا كان القسم الإعلامي في سفاراتهم غير ملتفت الى تفعيل هذا الجانب فيجب توجيههم وحثهم على العمل الفعلي لتوضيح الصورة للعالم مما يعانيه العراق من إرهاب أعمى يفتك بالحجر والبشر وفي النهاية يشكلون رأيا دوليا على مستوى مجتمعاتهم وحكوماتهم يمنع الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أبناء بلدنا العزيز وهم في النهاية أهل وذوي العاملين في تلك السفارات.    

محرر الموقع : 2013 - 11 - 27