محافظ البنك المركزي العراقي : المضاربات والتدخلات السياسية في عمل البنك وراء ازمة الدينار الاخيرة
    

قاسم حوشي :  شهدت الندوة التي عقدها  « معهد التقدم للسياسات الانمائية »  لمناقشة الصعوبات النقدية وموقف البنك المركزي ازاءها  وضيف خلالها الدكتور علي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي جدلا ومناقشات ساخنة بشأن الاسباب الحقيقية الكامنة وراء التراجع الملحوظ في قيمة الدينار خلال الاسابيع الماضية 

وخلص المشاركون في الندوة الى ان  المضاربات والتدخل في سياسة البنك من اهم الاسباب التي ادت الى الازمة المذكورة مشددين على ضرورة النأي بالبنك عن التدخلات والقضاء على المضاربات فضلا عن ايجاد حالة من التوافق بين السياستين النقدية والمالية .. محذرين من احتمال ادراج العراق في القائمة السوداء الدولية  في حال لم يقم باتخاذ الاصلاحات المطلوبة للقطاع المصرفي .

 

واشاد النائب الدكتور مهدي الحافظ  «  رئيس معهد التقدم للسياسات الانمائية « خلال كلمة له في افتتاح الندوة بالاجراءات السريعة التي اتخذها البنك والتي اسهمت في معالجة الازمة وعودة العافية للدينار العراقي .. مبينا ان البنك المركزي تعرض في السنوات الاخيرة الى ضغوط وتشويهات مختلفة الا ان الخطوات التي اتخذها مؤخرا وضعته في موقع جديد ومهم بالنسبة للسياسة النقدية المرجوة واسهامه في عملية التنمية في البلاد 
ولفت الحافظ الى ان من اولى المبادرات للبنك هي رفضه للتدخلات الخارجية سواء كانت الحكومية الخفية او البرلمانية المكشوفة التي كانت تتعارض وقانونه .. مبينا ان وضع سقف زمني لبيع الدولار بمقدار (75) مليون دولار يوميا كانت مثلا على التدخلات السافرة في سياسة البنك .
واضاف الحافظ ن من المبادرات المهمة  التي اتخذها البنك  هي قيامه بدعم المشروع الانمائي الوطني  بمبلغ (1) ترليون دينار بصيغة قروض لانشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة تسهم في عملية التنمية الوطنية وتوفير فرص العمل لاعداد لا بأس بها من الشباب وتقدر النتائج لتقليص(30) بالمئة من البطالة .. ويصل ان القروض التي يناهز عددها العشرين الف قرض يتم تقديمها عبر نوافذ للمصارف الاهلية وتحت غطاء شركة الكفالات المصرفية وهي توفير (250) فرصة عمل
واعرب الحافظ عن امله في ان يواصل البنك المركزي مبادراته البناءة لتشمل جميع المجالات وقطاعات التنمية لاسيما دعم المبادرة الصناعية التي طال انتظارها .
بعد ذلك تحدث السيد محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور علي العلاق مستعرضا الظروف والاحداث التي شهدتها السوق العراقية خلال الاسابيع المنصرمة والتي نتج عنها تراجع في قيمة الدينار العراقي .. شارحا الاسباب وراء هذه الازمة .. والنتائج والحلول المرجوة لذلك .. مبينا «عندما نتحدث عن بيع العملة الاجنبية في اطار ما يسمى بيع الدولار  وهنا لابد من توضيح المفاهيم لكي نتعاطى معها بنحو صحيح .
ان مايطلق عليه « نافذة بيع العملة « في البنك المركزي العراقي والتي يتم من خلالها بيع الدولار الامريكي ، ليست نافذة ثانوية او هامشية ، بل هي عملية كبيرة لها مساس مباشر بأهم وظائف البنك المركزي المتمثلة بتحقيق استقرار سعر الصرف والمحافظة على المستوى العام للاسعار وكبح التضخم ، كما ان طبيعة الاقتصاد العراقي المتكئ على الموارد النفطية وبالتالي الايراد الدولاري يجعل العلاقة بين السياسة المالية والنقدية علاقة تفاعلية بما تستلزمه طبيعة الايرادات والانفاق من تنقيد للدولار . وذلك فأن البنك المركزي يمارس ادوارا مهمة في هذه العملية وفي الاطار ، منها :
1- تمويل النفقات الجارية للموازنة العامة للدولة ، حيث يشتري البنك المركزي الدولار من وزارة المالية ليغطي احتياجاتها بالدينار العراقي وحسب التخصيصات المطلوبة في الموازنة العامة .
2- تمويل استيرادات القطاع التجاري ، اضافة الى التحويلات الخارجية الاخرى ، وتغطية احتياجات المسافرين والطلبة والعلاج وتحويلات المقيمين، حيث ان البنك المركزي هو المصدر الاساس لعملة الدولار بحكم طبيعة موارد الدولة وضعف المصادر الاخرى – وكما يسرد – .
3- ان عملية بيع الدولار تعني بالمقابل سحب دينار من السوق، وهذه العملية تساعد البنك المركزي في تحجيم عرض النقد وتقليل اللجوء الى طبع المزيد من العملة ، ما يساعد في الحد من التضخم وتحقيق الاستقرار في المستوى العام للاسعار .
4- ان الدور الاحتكاري لعملية بيع الدولار الذي يمارسه البنك المركزي يوفر له فرصة التحكم في اسعار الصرف والكميات المباعة وبالتالي يوفر له اداة مهمة من ادوات السياسة النقدية في الحفاظ على استقرار الاسعار .
ان صيغة البيع – من حيث تولي البنك المركزي ذلك – هو المتبع في الدول التي تحتكر فيها الحكومات الصادرات وبالتالي العملة الاجنبية كما هو حاصل في الدول النفطية .
اما الخيارات الاخرى مثل سياسة التعويم لسعر الصرف – او بيع الدولار مباشرة من قبل وزارة المالية ، فأنها خيارات لاتحقق – خاصة في العراق – استقرارا وسيطرة على سعر الصرف لاسباب تتعلق بطبيعة الظروف والبيئة المؤسساتية والتنظيمية والسوقية والرقابية وغيرها .
تحليل الطلب على الدولار
غالبا مانلاحظ التركيز على جانب واحد فقط في النظرة والتحليل والاستنتاج لعمليات بيع الدولار ، وهو جانب البيع او العرض ، مع اغفال الجانب الاخر وهو الشراء او الطلب ، مع انه الجانب الاهم في الموضوع ، والوقوف عليه وتحديد اسبابه واتجاهاته يقود الى نتائج مهمة ، بل يقود الى اصلاحات ومعالجات اقتصادية ومالية فضلا عن ان الاهتمام بجانب الطلب يبعد المراقب والمحلل عن الوقوع في قصور التحليل والاستنتاج والمعالجة .
ان الوقوف على بواعث وعوامل الطلب على الدولار مسألة في غاية الاهمية ، ويمكن الاشارة هنا الى ابرز تلك العوامل التي تضغط وتؤثر على السياسة النقدية :
1-    طبيعة الانفاق الحكومي واتجاهات السياسة المالية العامة :
ان الانفاق الحكومي تموله الموارد النفطية والانفاق الاستهلاكي يمثل الجزء الاكبر من تلك الموارد. وهذا الانفاق يتحول الى طلب على السلع والبضائع وهي في الغالب مستوردة ، ويتسع هذا الانفاق باتساع الايرادات النفطية ، ان تحول الانفاق الى طلب للاستيرادات بالعملة الاجنبية ( الدولار ) هو بسبب بنية الاقتصاد وقصوره عن تلبية الحاجة المحلية ، وهذا الامر يضعف دور البنك المركزي في التحكم بعرض النقد الذي يتحول الى طلب على الدولار ، حيث وعلى سبيل المثال فأن القطاع الصناعي والزراعي مجتمعين لاتتجاوز نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي عن 5% وتضيف ظاهرة الانفاق بأكثر من الايرادات ( عجز الموازنة ) عبئا اضافيا لما يتطلبه من زيادة في عرض النقد ، وهذه الزيادة مع ثبات تردي الحالة الانتاجية يؤدي الى الافراط النقدي ، ولايمكن ذلك للبنك المركزي من السيطرة على الحجم الامثل للنقود .
2- هجرة الاموال ( الادخار والاستثمار خارج العراق ) :
ان هشاشة الوضع الامني وضعف الاستقرار العام تدفع بالاموال الى خارج العراق ، واصبحت ظاهرة الاستثمار وشراء العقارات والادخار في الدول الاخرى وبالاخص الدول المجاورة ظاهرة ترفع من الطلب على الدولار .
والامر المؤسف ، ان كل الجهود والتكاليف التي تتحملها الدولة والبنك المركزي خلال السنوات بعد عام 2003 في تحقيق استقرار اسعار الصرف والاسعار العامة ورفع قوة الدينار العراقي ، كل ذلك لم ينعكس على زيادة الاستثمارات او المدخرات المحلية، بل كان المستفيد من ذلك دول الجوار حيث كان لتلك الميزات المكلفة للعراق اثرا ايجابيا كبيرا في اقتصاديات الدول المجاورة .

 

3- تدني مستوى التحويلات من الخارج :
ان التحويلات من الخارج تشكل مصدرا مهما من مصادر العملة الاجنبية ، الا اننا نلاحظ انها لاتشكل الا نسبة ضئيلة جدا ، بسبب ضعف الاستثمارات الخارجية والسياحة وتحويلات المقيمين في الخارج ، بل حتى عدد المتقاعدين الذين يطلبون تحويل رواتبهم الى الخارج ( بالدولار ) في تزايد ملحوظ .
4- التدخلات في عمل البنك المركزي :
رغم ان البنك المركزي بشكل عام يحظى باحترام واستقلالية من قبل السلطات التشريعية والتنفيذية ، الا ان هناك ضغوطا مباشرة وغير مباشرة ، بقصد او بدون قصد ، ومنها :
• التدخل في تحديد سقف مبيعات الدولار اليومية ، كما ورد في المادة (50) من قانون الموازنة العامة ، والذي يعد تكبيلا للبنك المركزي في ممارسة سياسته النقدية التي تتطلب المرونة الدائمة ، ان هذه المادة تمس جوهر استقلالية البنك المركزي وتخرجه حتى عن دور المسؤولية والمساءلة عندما لايتمكن من تحقيق المهمة المكلف بها في الحفاظ على استقرار اسعار الصرف .
ان قانون الموازنة العامة هو قانون يحدد ايرادات ونفقات وليس قانونا يحدد او يلغي ماهو موجود في قوانين اخرى ، خاصة عندما تمس قوانين هيئات اعطاها الدستور والقانون استقلالية في قراراتها ومنع اية جهة او شخص من التأثير عليها ومنعها من تلقي تعليمات او توصيات من جهات اخرى ، كما هو وارد في قانون البنك المركزي .
صحيح ان البنك المركزي لم يتقيد تماما بما ورد من تحديد في قانون الموازنة العامة ، حيث قرر مجلس الوزراء التريث في تطبيق المواد التي لم تكن موجودة اصلا في مشروع قانون الموازنة ومنها المادة (50) ، رغم ذلك فأن البنك المركزي حاول ان يأخذ ماورد في نظر الاعتبار رغم مايحصل من تأثير وفقدان للمرونة.
• التصريحات الاعلامية المشوشة :
ان الكثير من التصريحات الاعلامية ، والتي غالبا ماتنطلق من قصور في الفهم والاحاطة بالمفاهيم ذات الصلة بالسياسة النقدية ، تربك عمل البنك المركزي ، وتخلق ضغوطا نفسية ذات أثر على ادارة البنك والعاملين فيه .
وعلى سبيل المثال النظر الى احتياطي العملة الاجنبية كرقم مجرد مطلق في تحليل وتقييم السياسة النقدية ، يقود الى استنتاجات ومواقف وتصريحات خاطئة ومشوشة .
ان الاحتياطي باعتباره رقما مجردا لايؤشر الى سلامة وقوة الاحتياطي بدون نسبته الى العملة المحلية المصدرة (الدينار) لذلك يجب النظر اليه من هذا المعيار ، وعادة مايعتبر الاحتياطي سليما وكافيا اذا كان يغطي العملة المحلية ، ( اي نسبة 1 : 1 ) ، لذلك فان انخفاض الاحتياطي نتيجة شراء وبيع الدولار ، يعني ان العملة المحلية في التداول انخفضت ايضا وبالتالي تبقى النسبة محافظة على مستواها، ولذلك فان بعض البنوك المركزية في دول اخرى تحول الى الخزينة العامة (وزارة المالية) مايفيض على النسبة المذكورة لان تلك الزيادة تعد فائضا عن حاجة البنك .
ومثال اخر على المفاهيم الخاطئة هو النظر الى عمليات بيع الدولار بانها عمليات تهريب وغسل للاموال . ان وجود مثل هذه العمليات محتملة ، كما هو الحال في كل دول العالم ، ولكن لايمكن اعتبار تلك العمليات بشكل عام هي عمليات غير مشروعة ، ان الافتراضات التي تنطلق من البعض توضح الجزء الاكبر من عمليات البيع في الاطار المشبوه وبمبالغ تصل الى مليارات الدولارات وهو افتراض يقود الى تحليل خاطئ حيث لايستقيم المنطق مع هذا الافتراض لان غسل الاموال يكون لاموال متأتية من جرائم مثل الفساد والتهرب الضريبي والاختطاف والمتاجرة بالبشر وغيرها ، ولايمكن ان تكون تلك الجرائم بحجم يصل الى 30 مليار دولار سنويا والباقي ( 30 او اكثر ) هو مال غير مشروع ، وهو افتراض بعيد عن الواقع سواء في تقدير حجم التجارة ، او في حجم العمليات الاخرى ، حيث ان نسبة كبيرة من الدخول والارباح والمكاسب يتم تحويلها الى الخارج بسبب الوضع ، اضافة الى نفقات المسافرين والعلاج واجور الدراسة ورواتب المتقاعدين وتحويلات غير المقيمين وغيرها .
1- ضعف القروض المتاحة للقطاع المصرفي والمالي :
ان القطاع المصرفي يعاني من ضعف الفرص المتاحة ، حيث ضعف الادخار على المستوى الوطني ، والازمة المالية التي أثرت بشكل عميق على قطاع الاعمال الذي يتعاطى مع المصارف ، وعلى نشاطات الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان ، وكذلك مايعتري تقديم القروض من مشاكل ، كل ذلك يدفع بالمصارف الى اتخاذ عملية بيع الدولار ملجأ سهلا لها . 
من ناحية اخرى ، فأن عدد شركات الصيرفة التي منحها اجازات خلال السنوات الاخيرة بلغ بحدود 2000 شركة ، ورغم ان اسم هذه الشركات القانوني هو التوسط في بيع وشراء العملات اي ان مصدر عملاتها من السوق ومن خلال عملية التوسط ، الا ان محدودية السوق بسبب عدم وجود سياحة او تحويلات من الخارج فأن تلك الشركات تعتمد على البنك المركزي في الحصول على الدولار وبيعه ، وحيث ان هذا هو نشاطها الاساس فأن العديد من تلك الشركات تقوم بعمليات المضاربة في السوق واختلاق الطلب المفتعل من اجل رفع الاسعار وتحقيق المنافع الفاحشة .
2- الدولرة :
رغم ماتحقق من تثبيت لسعر الصرف ولقوة الدينار العراقي ، فأن نسبة مهمة من المعاملات في السوق العراقية تتم عن طريق الدولار بدلا من الدينار ، خاصة في اقليم كوردستان .
ان استصحاب حالة الخوف الموروثة من ظروف البلد في النظام السابق والحصار تدفع بالكثير من التحوط لما يمكن ان يتعرض له الدينار كما حصل في التسعينيات .هذه الظاهرة تلقي بعبئ اضافي على البنك المركزي بزيادة الطلب على الدولار .
ان الوقوف على تلك العوامل مسألة مهمة ، ليس فقط لتحليل وفهم مايجري ، بل هي مدعاة لمعالجات جذرية تقود الى اصلاح اقتصادي ومالي وتوفير ظروف افضل في بيئة الاعمال والاستثمار وفي توسيع القاعدة الانتاجية وتنويعها وحماية المنتج المحلي وادارة مالية كفوءة ونظام ضريبي كفوء وفعال .

 

شهدت الندوة التي عقدها  « معهد التقدم للسياسات الانمائية »  لمناقشة الصعوبات النقدية وموقف البنك المركزي ازاءها  وضيف فيها الدكتور علي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي جدلا ومناقشات ساخنة بشأن الاسباب الحقيقية الكامنة وراء التراجع الملحوظ في قيمة الدينار في الاسابيع الماضية .
وخلص المشاركون في الندوة الى ان  المضاربات والتدخل في سياسة البنك من اهم الاسباب التي ادت الى الازمة المذكورة مشددين على ضرورة النأي بالبنك عن التدخلات والقضاء على المضاربات فضلا عن ايجاد حالة من التوافق بين السياستين النقدية والمالية .. محذرين من احتمال ادراج العراق في القائمة السوداء الدولية  في حال لم يقم باتخاذ الاصلاحات المطلوبة للقطاع المصرفي .

 

تحديد سقف لمبيعات الدولار . هل هو الحل الناجح ؟
يرى البعض – انطلاقا من فهم لايخلو من قصور في فهم السياسة النقدية – بأن يتم تحديد سقف اعلى لمبيعات الدولار يلتزم به البنك المركزي ولايتعداه ، ان هذا الرأي تدحضه الامور الآتية :
أ‌-لقد بينا بأن تمويل الموازنة العامة للدولة بالدينار لتغطية النفقات يتأتى من بيع وزارة المالية للدولار الى البنك المركزي ، والذي يقوم باعادة بيع الدولار الى السوق للحصول على الدينار الذي يغذي به وزارة المالية بالقدر الذي يغطي نفقات الموازنة العامة .
ان تحديد سقف للبيع معناه تحديد المبلغ الذي يغطي حاجة الموزانة بذلك السقف وهو امر غير ممكن ، وعلى سبيل المثال اذا ماتم الاخذ بالسقف الوارد في الموازنة العامة والمحدد ببيع ( 75 ) مليون دولار يوميا ، فمعناه ان البنك المركزي يبيع مايعادل حوالي 23 ترليون دينار سنويا بينما نفقات الموازنة التشغيلية ( بالدينار ) حوالي ( 70 ) ترليون دينار واذا ما افترضنا وجود واردات بالدينار بحدود 10 ترليونات دينار تبقى الحاجة الى حوالي 37 ترليون دينار .( ترليون دينار 37 = 23 – 10- 70 ) .
فمن اين سيتم الحصول على هذا المبلغ الـ( 37 ترليونا ) ، ان مقتضيات الحفاظ على حجم الكتلة النقدية وتلبية متطلبات وزارة المالية ، تقتضي بيع الدولار في السوق لسحب مايقابلها من الدينار العراقي . 
ربما قائل يقول يستطيع البنك المركزي الاّ يبيع تلك الكميات ، ويقوم بتغطية حاجة المالية باصدارات اضافية من الدينار ، اي طبع كميات اضافية بمبلغ 37 ترليونا ، ان هذا يعني زيادة عرض النقد او مايسمى بالافراط النقدي حيث سيكون هذا المبلغ بقدر ماموجود حاليا من العملة المصدرة ، اي انه سيتضاعف حجمه في التداول ما يخلق ضغوطا تضخمية كبيرة ، كما انه سيتحول الى طلب اضافي على الدولار . 
ب‌-ان تحديد سقف المبيعات معناه ان السياسة النقدية تم تحديدها بقرارات خارجية ، لاتنتهك استقلاليتها فقط ، بل ستفقدها ادواتها في ممارسة سياستها ، كما ان ذلك يخرجها من دائرة المسؤولية والمساءلة في تحقيق مهمتها في الحفاظ على استقرار الاسعار .
ان السياسة النقدية تتطلب المرونة المستمرة ، وهي ليست كالسياسة المالية المحكومة بمحددات وآماد ملزمة بها وفقا لقانون الموازنة العامة والخطط المتوسطة والطويلة الاجل ، الامر الذي لاينطبق على السياسة النقدية التي تتطلب قرارات وتوجيهات وتعديلات حسب الظروف ومتطلبات السوق .
ت‌-ان تحديد سقف المبيعات ، سيؤدي الى خلق توقعات وتنبؤات في السوق ، وهذا مايتناقض مع متطلبات وطبيعة عمل السياسة النقدية ، وبالتالي ، وفي ظل ظروف بيئتنا غير المستقرة ، سوف تستغل هذه التحديدات وتتحول الى مضاربات خطرة تودي بسعر الصرف وتخلق اسواقا موازية رمادية يدفع ثمنها المواطن بالنتيجة .
من جهة اخرى ، فان هذا التحديد يتطلب وضع قيود وشروط على عمليات البيع ، والتي – كما هو الحال في قطاعات اخرى  – تقود الى عمليات فساد وتحايل وتزوير ، وتتحول تلك الضوابط والقيود الى استغلال وابتزاز من قبل الحلقات التي تتولى ذلك .
ان الظروف الحالية والبيئة التي تعاني من مشكلات كبيرة وتصدع مؤسساتي في كافة المفاصل يجب ان تقود الى اتباع سياسات واجراءات واضحة وبسيطة حتى لايكون هناك مجال للاستغلال والتلاعب .
تحرير بيع العملة : الحل الاكثر واقعية .. ماذا يتطلب ؟  
ان مقتضيات طبيعة النظام الاقتصادي – السياسي وما اختاره العراق من اتباع اقتصاد السوق ، والحرية الاقتصادية ، وما التزم به العراق دوليا بالتخلي عن القيود على بيع العملة الاجنبية ، وماهو واقع من بيئة تتسم بفرص الاستغلال والبحث عن مكاسب سريعة سهلة ، كلها تدعو الى ان الخيار الافضل هو تحرير بيع العملة من القيود لتحقيق الاستقرار في الاسعار وسد منافذ الفساد والاستغلال وقطع الطرق امام مافيات تتحين الفرص التحديد والتقييد لتحقيق مكاسب فاحشة ، وهو الخيار الذي طرحناه في اجتماعنا في اللجنة المالية في مجلس النواب في 14/ 6/2015 من بين خيارات اخرى ، واتفقت اللجنة معنا في المضي في هذا الخيار . 
ان هذا الخيار يتطلب امرين اساسيين :
1-التحقق من مصدر الاموال التي يتم شراء الدولار بها ، من حيث شرعيتها ونظافتها ، وكونها لاتمثل متحصلات من جرائم او فساد بهدف غسلها .
2-التحقق من الوجهة التي تحول اليها تلك المبالغ في خارج العراق ، والحصول على البيانات والكشوفات التحليلية التي تظهر المستفيدين الاخيرين للمبالغ المحولة .
ان تحقيق ماورد مهمة كبيرة امام البنك المركزي والجهات ذات العلاقة مثل مديرية مكافحة الجريمة الاقتصاجية وجهاز الامن الوطني ، والاجهزة الرقابية وتعاون فعال مع الادعاء العام والقضاء .
لقد باشرنا حين تكليفنا بمهمة ادارة البنك المركزي بتفعيل دور مكتب مكافحة غسيل الاموال ، الذي – مع الاسف – لم يلق الاهتمام والدعم في السنوات الماضية ، ولم تكن الادارة السابقة تعتقد باهمية هذا الدور في اطار عمل البنك المركزي ، رغم ان القانون نص على ان ذلك من مهمة البنك المركزي .
لقد اعطينا للمكتب استقلالا اداريا وماليا ومكانيا ونقوم بتوفير متطلبات عمله كافة، وبالتاكيد ان المكتب بحاجة الى بناء قدراته وتنمية مهارات العاملين فيه في الرقابة والتحري ، كما انجزنا مشروع قانون مكافحة غسل الاموال الذي تم اعداده وفقا لاحدث المتطلبات والمعايير الدولية ، ونأمل مصادقة مجلس النواب عليه بأسرع وقت .
كما ان موضوع الرقابة بشكل عام يواجه تحديات كبيرة ، منها :
1-حداثة القطاع المصرفي الخاص في العراق والحاجة الى الاتقاء بأدائه وبانظمته والاستخدام الامثل لتكنلوجيا المعلومات وتفعيل دور وحدات الامتثال ومكافحة غسل الاموال في تلك المصارف ، والارتقاء بمستوى الشفافية والافصاح واعداد التقارير والبيانات على احدث المعايير ، كما ان تلك المصارف بحاجة الى فصل الادارة فيها عن الملكية واخراجها عن هيمنة مجالس الادارة عن عملها التنفيذي .
2-زيادة عدد شركات الصيرفة حيث تم منح اكثر من 1500 اجازة في السنتين المنصرمتين .
ان هذا العدد الكبير يصعب الرقابة والسيطرة عليه مع تخلف بيئته الادارية والتنظيمية والتقنية ، كما ان هناك عددا كبيرا من مكاتب الصيرفة غير مجازة وتمارس عملها خلافا للقانون ، وهي تخرج عن مسؤولية ومراقبة البنك المركزي ، وتقع ملاحقتها على جهاز مكافحة الجريمة الاقتصادية .
3-ضعف البيانات الوطنية في مجالات التجارة ( الاستيراد والتصدير ) والبيانات الاخرى ذات الصله بالدخول والضرائب والشركات والتجار وغيرها .
4-وجود سوق تجارية نقدية كبيرة ، حيث يتم شراء مواد وبضائع من الدول المجاورة بالدفع النقدي بالدولار ، ويبلغ حجم التجارة مع ايران لوحدها 10 مليارات دولار يتم تسديدها اقيامها بالدولار بسبب الخطر المفروض على ايران وعدم امكانية اجراء الحوالات اليها ، ان هذه الظاهرة تحد من القدرة على الرقابة لغياب الشفافية فيها . 
5-افساد حلقات واسعة في مؤسسات الدولة من بعض المصارف وشركات التحويل والمؤسسات المالية الاخرى ، حيث تحصل تلك الشركات على اموال طائلة من جراء المضاربات بالدولار تمكنها من افساد العديد في مؤسسات الدولة من اعلى المستويات الى ادنى مستوى .
هذه الظاهرة تجعل عملية الرقابة معقدة وصعبة ، فبدلا من ان تكون تلك الحلقات متكاملة مع البنك المركزي في تأدية الدور الرقابي فانها تصبح جزءا من المشكلة حيث تسهل عمليات التلاعب والتزوير والتحايل والتهرب الضريبي وغيره .
ومن جهة اخرى ، يصبح دور الرقيب او المفتش محاطا بمخاطر التهديد نتيجة للمكاسب الكبيرة التي يجنيها الفاسدون .
كما ان مقتضيات الرقابة تتطلب وضع ضوابط وتعليمات لكنها تتحول الى صيغ للمنافع والابتزاز من قبل بعض الفاسدين في مؤسسات الدولة المعنية . 
ان السيطرة على عمليات بيع الدولار تتطلب حتما الارتقاء بمستوى الرقابة الشاملة ورقابة انشطة غسل الاموال وهو مانسعى اليه ونعقد الحزم على تقويته ، كما انه يتطلب تعاونا حقيقيا وفعالا مع الاجهزة الامنية والرقابية والقضائية من اجل ان لاتكون عمليات البيع والشراء وسيلة للتغطية على الجرائم او تمويل الارهاب او غير ذلك من الممارسات الضارة والخطيرة على امننا واقتصادنا ومجتمعنا .
سعر الصرف للدولار …. خياران متاحان : 
ان سعر صرف الدولار يمكن ان يتحدد بخيارين لهما علاقة بتمويل الموازنة العامة هما :
1-ان يكون سعر الصرف منخفضا مع تعظيم موارد الموازنة العامة عن طريق الرسوم الجمركية والضرائب المباشرة وغير المباشرة .
2-ان يكون سعر الصرف مرتفعا بنسبة معينة مقابل الغاء او تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب غير المباشرة .
وقد يكون الخيار الثاني هو الانسب في العراق لضمان الحصول على الايرادات وتجنب حالات الفساد والتلاعب الواسعين في الاجهزة الكمركية والضريبية ، وهو خيار متاح ولكن ينبغي دراسته بعناية وتحديد المخاطر المحتملة وسبل السيطرة عليها .
وبعد انتهاء محافظ البنك المركزي العراقي من كلامه عقب رئيس الجلسة الدكتور مهدي الحافظ بالقول .. نحن في امس الحاجة لحوار مكاشفة مثل الذي تحدث به السيد المحافظ .. حوار بين الحاكم والمجكوم .. فاذا لم تتوفر مثل هذه اللغة لن نستطيع حل مشاكلنا .. وهذا النوع من الحوار هو المطلوب في هذه المرحلة على وجه التحديد .. اذ اشار المحافظ بوضوح الى ان البنك المركزي قد تعرض لضغوط نحن نعلم بها وهي كثيرة .. كما اننا بحاجة الى اصلاح الرقابة التي تمثل قضية اساسية في عملية الاصلاح الاقتصادي فان لم تتوافر هذه الرقابة فمعنى ذلك ان الاداء الاقتصادي في خطر .. مضيفا ان قرار البنك المركزي بتقديم ترليون دينار للمصارف الاهلية من اجل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة فان هذا ليس امرا بسيطا وهنالك مشاريع مهمة مازالت على الورق لم تر النور مطلقا وهي مسالة في منتهى الاهمية ويجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار .. مشددا على ضرورة ان يكون للبنك المركزي دور فاعل في التنمية وفقا لما نص عليه الدستور .. اما الامر الاخر فهو ان السياستين المالية  – النقدية والاقتصادية متلازمتان لايمكن الفصل بينهما والحاجة ملحة للاصلاح الاقتصادي . فالبنك المركزي لايمكنه وحده ان يحل جميع المشاكل المالية في الكمارك والضرائب وحركة السلع بين الداخل والخارج فهذه مسالة ذات طابع شمولي بالنسبة للاقتصاد الوطني ككل . بعد ذلك فتح رئيس الجلسة باب النقاش للمشاركين في الندوة .. 
الخبير المصرفي عبدالباقي رضا دعا البنك المركزي الى ايضاح مواقفه ازاء ما ينشر من اخبار وممعلومات من شأنها الاساءة لسمعة البنك والسياسة النقدية في العراق ومنها ماتم نشره قبل ايام من اتهام البنك بالخضوع للمحاصصة وحرمان مجموعة من المصارف من مزاد العملة 
وقد نفى السيد محافظ البنك المركزي صحة هذه المعلومات داعيا القطاع المصرفي الى النأي عن مثل هذه الاتهامات .
الخبير الصناعي باسم جميل انطون طرح عددا من الاسئلة .. مبينا ان من مهام البنك المركزي حماية المواطن الذي يتعامل مع المصارف .. فالكثير من المواطنين يشكون من تعامل بعض المصارف معهم عن طريق اعطائهم اموالهم التي اودعوها بالدينار بدلا من الدولار اذ اودعوها به  بججة ان هذه هي توجيهات البنك المركزي 
وهنا اكد السيد المحافظ ان هذه المسالة قد تم حلها .. منبها المصارف التي تقوم بمثل هذا الفعل باتخاذ اجراءات قانونية بحقها من اجل حماية المواطن  
واشار انطوان ايضا الى ان الضريبة تستوفى عن بضاعة تدخل الى البلد فكيف يتم استيفائها من دون دخول اية بضاعة للبلد .. مضيفا ان نسبة الـ(5) بالمئة كرسوم كمركية تستقطع بعد دخول البضاعة الى البلد في المنفذ الحدودي .
المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح بين ان لدى البنك مشكلة فيما يتعلق بحرية حركة الاموال فالعراق ملتزم باتفاقية صندوق النقد الدولي منذ عام 1945 المعدلة وتشير المادة 8 من هذه الاتفاقية الى تحرير الحساب الجاري لميزان المدفوعات يعني حرية الصادرات والايرادات وتحويل عوائد العمل ورأس المال .. فيما تركت المادة 14 من الاتفاقية للبلدان حرية  تحرير راس المال او عدم تحريره شريطة اعلام الصندوق بذلك .. موضحا ان العراق لا في الاطار القانوني ولا بطبيعة التزاماته مع صندوق النقد الدولي هل قام بتحرير حساباته ام لا .. ؟ لان كل المشاكل التي تحدث هي نتيجة الادغام بين التحويلات لاغراض التجارة وبين انتقال رأس المال نفسه .. داعيا الى توضيح الصورة فيما يتعلق بحساب رأس المال من ميزان المدفوعات العراقي وهل هو محررام غير محرر . وعلى المؤسسة القانونية العراقية التحري عن هذه المسالة المهمة وتعطي صورة واضحة عن هذا الامر وتنقذ البنك المركزي من هذه الاشكالية 
السيدة مدير عام المصرف العراقي للتجارة حمدية الجاف اشارت الى ثلاث عوامل تؤثر بنحو كبير على اداء القطاع المصرفي العراقي لعل اولها تدخل السلطات التشريعية في تحديد سقف مبيعات البنك المركزي من الدولار وهذا من شانه التاثير سلبيا على شركات الصرافة والمصارف عن طريق انخفاض حصصها اليومية بنحو كبير  .. داعية هذه السلطة الى محاسبة البنك والمصارف على اساس النتائج .
وبينت الجاف ان الرقابة المتبعة من البنك المركزي  قد تكون احيانا غير دقيقة واحيانا لاسباب واهية  يتم حرمان هذه الشركة او ذلك المصرف من المزاد .
رئيس اتحاد رجال الاعمال العراقيين راغب رضا بليبل اوضح ان يكون للبنك المركزي دور تنموي في دعم القطاع الخاص لاسيما المشاريع الاستثمارية التي توافر فرص العمل وتدعم الاقتصاد الوطني .. مبينا ان الاعلان عن تشكيل المبادرة الصناعية وهي مازالت غير مفعلة وهي ستلعب دورا مهما في دعم الصناعة الوطنية وتقليل الاستيراد من الخارج .
واثنى بليبل على مبادرة البنك المركزي بتخصيص 5 ترليونات دينار للمصارف التخصصية الثلاث (الزراعي – الصناعي – التجاري) .. معربا عن اسفه ان المبادرة الصناعية لا يمكن تنفيذ بنودها لعدم وجود التخصيصات ضمن موازنة 2015 وربما حتى في العام المقبل .
الخبير المصرفي علي الحسيني ( مصرف اشور ) دعا الى  اشراك المتقاعدين في عملية الكفلاء لضمان القروض بسبب ان دوائر الدولة ربما لا تتعاطى ايجابيا مع مسالة الكفيل الضامن وبالتالي اشراك المتقاعدين سيخفف من هذه المسألة .
الدكتور علي الرفيعي العميد السابق لكلية القانون بجامعة بغداد بين ان البنك المركزي اتجه الى المحكمة الاتحادية بشان بند الموازنة الخاص بتحديد سقف مبيعاته من الدولار بـ(75) مليون دولار يوميا وهي خطوة صحيحة .. ولكن المشكلة ان البنك خالف القانون ايضا عن طريق استمراره بالبيع بمبالغ اعلى مما رورد في الموازنة من دون ان ينتظر قرار المحكمة .. مضيفا ان الغاء نسبة الـ(8) في المئة التي تمثل ضريبة وبالتالي فان الغائها لم يكن  موفقا كونها تعد احد مصادر تمويل الموازنة وان الغاءها ايضا يؤكد غياب الانسجام بين السياستين المالية والنقدية .
الخبير المصرفي سمير النصيري اشار الى ان البنك المركزي لايتحمل وحده المشكلة التي حدثت مؤخرا وهي تراجع قيمة الدينار .. فهناك جهات اخرى يجب ان تتحمل مسؤليتها وهي شريكة في ذلك .. مبينا ان من بين هذه الجهات وزارة التجارة تتحمل مسؤلية عدم ضبط استيرادتها ومناهجها الاستيرادية الحكومية والخاصة .. ووزارة المالية تتحمل مسؤولية عدم الضغط على الانفاق العام وادخال البنك المركزي في مسؤولية جباية الضرائب والرسوم الكمركية وهو ليس من واجبه ولا المصارف .. وزارة التخطيط لم تقدم بيانات شفافة عن التجارة الخارجية .. ووزارة الداخلية لم تقم بدورها في ضبط الجريمة الاقتصادية .. والطامة الكبرى هو الاعلام غير الاقتصادي .
الخبير الاقتصادي  مناف الصائغ  تحدث عن السياسات المالية والنقدية التي يجب ان تكون متناسقة .. وان 70 في المئة من ايرادات النفط تذهب الى قضايا الانفاق الاستهلاكي وهنا من يتحمل المسؤولية البنك المركزي ام السياسة المالية فالملاحظ هو غياب التوافق بين السياستين المالية والاقتصادية نتج عنه اخفاق واضح في انجاز المشاريع الاستثمارية كان يمكن ان ترفد الموازنة العامة بموارد مالية .. داعيا الى ايلاء هذا الامر اهتماما استثنائيا لتحقيق الانسجام والتوافق المطلوب بين السياستين. 
الخبير المالي الدكتور عبدالرزاق داود السعدي بين ان الزيادة الحاصلة في رؤوس اموال المصارف الخاصة التي وصلت الى 250 مليار دولار لم تساعد على تحقيق زيادة في الارباح انما كانت نسبة الزيادة الربحية ضئيلة جدا ان لم تكن معدومة .. ومعنى هذا وجود حجز للاموال الزائدة وتم سحبها من السوق .
الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله البندر اشار الى ان الازمة الاخيرة التي حصلت لم يتم تاشير اسبابها الحقيقية هل هي اقتصادية ام سياسية ام اجتماعية .. مبينا للاقتصاد ثوابت يجب ان لانحيد عنها فاذا كانت الضرائب التي فرضت هي سبب ارتفاع سعر الدولار فهذا امر خطير يعني عدم قراءتنا للاقتصاد العراقي بنحو صحيح .. والحقيقة المرة هي ان ضخامة الاستيرادات يتطلب منا ايجاد تنظيم لها لان اغلبها ترفي والاسواق مليئة بالطلب فالاستيراد مفتوح بشكل غير منطقي في ظل ظروف اقتصادية صعبة يواجهها العراق وهو وضع انكماشي فمعدل النمو لايتجاوز الـ(1) في المئة وهذا يدعونا الى البحث عن مصادر جديدة للموائمة بين السياستين المالية والنقدية لكي لانوجه اللوم لجهة بعينها .. داعيا الى دراسة العوامل الحقيقية التي تقف وراء حدوث مثل هذه الازمات وعلى الاعلام ومنظمات المجتمع المدني اخذ دورها الحقيقي في تعرية الجهات لتي تقف وراء هذه الازمة .
رجل الاعمال  داوود عبد زاير رئيس مجلس الاعمال العراقي  بين ان وزارة المالية ملزمة بوضع سياسة مالية للبنك المركزي العراقي لتوقيف تمويله من بيع الدولار بالجباية .. فاذا استمر الحال على اساس بيع الدولار لتمويل الموازنة من دون جباية سنبقة ندور في حلقة مفرغة وسنقوم بهدر ثروات الاجيال القادمة .. مضيفا ان البنك المركزي قام في السنتين الماضيتين بتحويل 21 مليار دولار لاستيراد سلع غير اقتصادية كلفة استيرادها 3 مليارات وكلفة انتاجها مليارا واحدا المجموع 4 مليارات دولار كان بالامكان الافادة من هذه المبالغ في اجازة التنمية والاستيراد بالسعر الرسمي ويحافظ على التحويلات لاغراض التنمية وايقاف استيراد السلع غير الاقتصادية ..مبينا ان مبلغ 50 مليون دولار التي حددها البنك المركزي لاقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة غير كافية اذ سيذهب هذا القرض الى مشاريع صغيرة .. داعيا الى زيادة حجم المبلغ الة 100 او 150 مليون دينار 
الخبير المصرفي عدنان الجلبي ( مصرف اشور ) اشار الى وجود سعرين للصرف الاول في بغداد والاخر في اربيل فما موجود في اربيل يزيد عن بغداد بحوالي 20 نقطة وهذه من الاسباب التي ادت الى زيادة سعر الدولار .. مضيفا الى ان راس المال المعاد يتطلب دراسة علمية لمعرفة كيفية اعادة رؤوس الاموال المهاجرة وتوفير الظروف الملائمة لعودة هذه الاموال .
الخبير الصناعي الدكتور سمير ليلو بين ان مبادرة البنك المركزي بتقديم ترليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وان كانت تمثل خطوة ايجابية مهمة الا انها لاتمثل (1) في المئة من حجم الحاجة .. داعيا البنك المركزي الى ايجاد هيئة استشارية لتحديد اليات صرف مثل هذه المبالغ لجعلها ذات فائدة في تنشيط وانعاش الاقتصاد . 
السيد علي طارق المدير التنفيذي لرابطة المصرف  بين ان مشروع تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة سيكون مراقب من قبل البنك المركزي كما ان المصارف الخاصة ستقوم بالاقراض من اموالها ثم يتم تعويضها لاحقا من البنك المركزي لذا فان هذه المنظومة سيكون مسيطر عليها بدقة .وعلى المصارف الخاصة ان تكون حريصة باعطاء قروض صحيحة .
الدكتور عبدالحسين صاحب مستشار المالية والاقتصاد في مصرف التنمية الدولي .. اشار الى ترهل الانفاق الحكومي. مبينا ان الانتاج المحلي في عقود ماضية كان يغطي الحاجة المحلية من الزيوت والالبان والجلود وغيرها ولم يكن العراق يستورد هذا السلع اما الان فقد توقفت هذه المشاريع ورواتبها ضخمة جدا وكانت تدار بـ 2000 عامل في اليوم يعمل فيها  6 الاف عامل وتمثل رواتبهم عبئا على الموازنة وهذا يتطلب معالجة عامة .. داعيا الى تطوير الانتاج المحلي ليكون بديلا عن المستورد وتخفيف العبء عن الموازنة .. 
رجل الاعمال د. احمد ابراهيم  بين ان ضغط النفقات ليس دائما يعد امر صحيح ففي الوقت الحاضر قد تسبب ركودا وتقتل الاستيرادات .. كما اشاد بمبادرة البنك بمنح ترليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة داعيا الى وضع اليات مناسبة للاستفادة من هذا المبلغ في دعم التنمية .. 
الخبير المصرفي عادل نوري .. اعرب عن قلقه من ادراج العراق والبنك المركزي في القائمة السوداء مشددا على ضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة لتلافي هذا الامر .
احد المشاركين اوضح ان القطاع الخاص لم يحصل على مستحقاته من الدولة واصبح وضع هذا القطاع متدنيا جدا فهناك حوالي 600 شركة طردت منتسبيها واغلقت ابوابها .
منى الصالح المدير المفوض لشركة الكفالات العراقية  اشادت بخطوة البنك المركزي بتقديم مبلغ ترليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 90 في المئة التي تمثل النواة للصناعة وقد يكون مبلغ الـ50 مليون صغيرا ولكن بالامكان زيادته .
السيد اسماعيل زاير رئيس تحرير جريدة الصباح الجديد بين ان الانظمة النقدية في اوربا لجأت الى تقليص هائل في نوافذ بيع العملة في جميع البلدان الاوربية وهذا الامر يتعلق ببناء غسيل الاموال لانه يقلص نشاط تبديل العملة وهذا امر مفيد في حالة العراق اكثر من بلد اخر نتيجة الظروف التي يمر بها ..
وابدى زاير استغرابه من عدم تطبيق ضريبة المبيعات او الخدمات والمشتريات وهذه تتراوح مابين 18-22  في المئة في بعض البلدان مثل فرنسا وغيرها .. 
مبينا ان العراق في امس الحاجة لجباية مثل هذه الضرائب ومن المفيد النظر في هذه المشاريع ومحاولة ادخالها الى السوق العراقية .
محرر الموقع : 2015 - 07 - 27