حيثيات (إرهاب المشهد الإسلامي )نغمات طائفية جديدة قديمة وان زادوا في الطنبورأوتار(14)
    

الرسالة الاسلامية رحمة للبشرية وحرب على الارهاب

كان انبعاث فجر الاسلام طورا جديدا في حياة البشرية بتاكيده على منظومة قيم انسانية قال تعالى :(وما أرسلناك إلارحمة للعالمين )الانبياء:107حيث حسم فوضى الشرائع واعراف الجاهلية قال تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )المائدة:50 قال تعلى: ( ومن قتل نفسا بغير نفس أوفسادا في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما أحيا الناس جميعا)المائدة :32 فقد جعل الاسلام قاعدته السلام والاستثناء الحرب وان الحرب يجب ان تكون في سبيل الله وقمعا للطغيان وركز على عدم الاعتداء قال تعالى:( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين)البقرة:190

وصايا الرسول (ص)لقادة السرايا دستوررسالي  انساني

 تؤكد كافة المصادران الاسلام وضع قواعد وضوابط انسانية للحرب فحرم الابادة الجماعية والارهاب والاعتداء والتشفي والغدروالفتك واشكال التمثيل حتى بالكلب العقور..كما حرم قتل النساء والاطفال والشيوخ وتهديم الصوامع وبيوت العبادة وقطع الشجر وتحريق حتى الحشرات..الخ  !!

لذلك نلاحظ المستشرقين والاعلام المعادي يتخذ من جرائم طغاة الخلفاء وسيلة ومبررللطعن بالإسلام بانه(دين السيف)

سبل الساسة الظلمة وزبانيتهم باثارة الفتن والنعرات لاشغال الامة (فرق تسد)

البعد الاول :سبل التحريض على سياسات اثارة (فتن )مفتعلة  قمعية اجرامية على سابق العهد بالصاق التهم الباطلة والبدع الزائفة ضد فئاة مسلمة في اطارالدولة الاسلامية حيث يفتعلها طغاة السلاطين ويحيكها سيل فتاوى مرتزقة المعممين ويؤججها ابواق المهرجين من الشعراء وكتاب وخطباء ولاعقي قصاع الخلفاء باضفاء الشرعية عليها زمن الانحطاط والتراجع وفي هذا الصدد يقول العلامة ابن خلدون :(ان(الفتن )التى تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جدا فى زمن التراجع الفكرى للمجتمعات )

البعد الثاني:اشهارسلاح التطرف السياسي  يقول د.طه حسين "هل كتب على الإنسانية أن تشقى بالعلم والدين.." مطالبا بما يسميه نزع السلاح من يد العلم والدين وهو سلاح تستخدمه السياسة حين تنتصر لطرف وتضطهد الطرف الآخر حيث يضطهد المجددون من العلماء والفلاسفة والأنبياء ولكن أيا منهم -كما يقول- كان إذا انتصر يقوم باستخدام سلطته الجديدة في الاعتداء على حقوق الآخر.ويستشهد على ذلك باضطهاد الفلاسفة في اليونان ثم اضطهاد العلماء في العصور الوسطى في أوروبا في ظل سلطة الكنيسة التي اختلقت خصومة بين العلم والدين وحين انتصر العقل الأوروبي بعد الثورة الفرنسية قام باضطهاد الدين ولقي رجاله "ضروبا من المحن والفتن". ويرى أن الخروج من هذا المأزق هو وقوف السياسة بحياد بين العلم والدين.

البعد الثالث :ان ترسخ التحجر والانغلاق والجهل  يخدم مصالح الحكام يقول المصلح محمد عبده :( والسبب في بقاء قوة السلطان الخلاف والنزاع و تفشى الجهل وتعصب اهل الجاه من العلماء لمذاهبهم التي ينتسبون اليها وبجاهها يعيشون ويكرمون وتايد الامراء والسلاطين لهم والاستعانة  بهم في اخضاع العامة وقطع طرق الاستقلال العقلي على الامة لان هذا أعون  على الاستبداد  واشد تمكينا لهم مما يحبون من الفساد والافساد ...فاتفاق كلمة علماء الامة واجتماعها على الحق  كذا بدليل كذا ملزم للحاكم باتباعهم فيه  لان الخواص ضعيفة)

فتاوى مرتزقة التطرف والتكفير سيوف مشرعة على الشيعة

لقد أستخدمت الفتوى كسلاح مؤثر وفاعل في عملية أدارة المعركة ضد الشيعة والتشيع وبرز في هذا المجال أبن تيمية ( 661- 728 ه) وتلميذه الذي عاصره ابن القيم الجوزية ( 691 - 750 ه ) على نهج من سبقهم من علماء السوء الذين أفتوا بكفرالشيعة وجواز محاربتهم وذبحهم ومن فتاوي أبن تيمية في منهاج السنة التي شبه فيها الشيعة باليهود (وأية ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود وذلك أن اليهود قالوا لا يصلح الملك إلا في آل داود وقالت الرافضة : لا تصلح الامامة إلا في ولد علي واليهود حرفوا التوارة وكذلك الرافضة حرفوا القرآن ) وفي فتوى أخرى يدعو أبن تيمية إلى ضرورة محاربة الشيعة حالهم حال الخوارج والكفار (إنهم شرٌ من عامة أهل الأهواء وأحق بالقتال من الخوارج وأيضاً فغالبُ أئمتِهم زنادقة إنما يظهرون الرفض لأنه طريق إلى هدم الإسلام كما فعلته أئمة الملاحدة ) أما تلميذه أبن القيم الجوزية فلا يقل عنه بغضاً وعداوة لشيعة علي فها هو يفتي بحق ألشيعة (واقرأ نسخة الخنازير من صور أشباههم ولا سيما أعداء خيار خلق الله بعد الرسل وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذه النسخة ظاهرة في وجوه الرافضة يقرأها كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهي تظهر وتخفى بحسب خنزيرية القلب وخبثه فإن الخنزير أخبث الحيوانات وأردؤها طباعاً ومن خاصيته أنه يدع الطيبات فلا يأكلها ويقوم الإنسان عن رجيعه فيبادر إليه) ولقد كانت هذه الفتاوي تفتح الطريق للحكام وقادة الجند لشن حملات الأبادة والقتل ضد الشيعة وتمنحهم الجواز بذلك وتفتح باب الأجتهاد للسلاطين باستخدام شيوخ الفتنة من ضعاف النفوس ليجوزوا لهم قتل الناس وأستباحة دمائهم كما فعل السلطان العثماني سليم الأول في حملته لأبادة الشيعة في بلاد الأناضول سنة 1514 م في مجزرة راح ضحيتها من الشيعة ما بين ( 40- 70 ألفاً ) حيث مهدت له فتوى الشيخ نوح الحنفي مفتي الديار العثمانية العمل بذلك وأجازته له بل حرضته على ذلك كما يذكر أبن كثير في كتابه البداية والنهاية الجزء 12 حيث يقول ( كما أفتى الشيخ نوح الحنفي بكفر الشيعة واستباحة دمائهم سواء تابوا أو لم يتوبوا فأغاروا على حلب وقتلوا ما يزيد على خمسين ألفاً وتحول القسم الأخر إلى المذاهب السنية الأخرى وفرالباقون إلىالقرى المجاورة لمدينة حلب مثل نبل والزهراء والفوعة ) ولم تقف فتواه بهذا الحد بل أستمرت بتحريض السلطان سليم الاول ليقترف جريمة أخرى تضاف إلى سجل جرائمه بأن قتل أكثر من ( 44 ألفاً ) في كسروان كلهم من الشيعة الذين هربوا من بطشه الى جبال بلاد الشام ليحتموا بها من غدره وقتله لهم وتتضمن فتوى الشيخ نوح التي ذكرها في كتاب (الفتاوى الحامدية) وجوب مقاتلة الشيعة وكفر مَن لا يرى ذلك يقول : ( أن هؤلاء -الشيعة- الكفرة البغاة الفجرة جمعوا بين أصناف الكفر والبغي والعناد وأنواع الفسق والزندقة والإلحاد، ومن توقف في كفرهم وإلحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم فهو كافر مثلهم... فيحب قتل هؤلاء الأشرار الكفار تابوا أو لم يتوبوا) ثم حكم -في نهاية فتواه- باسترقاق نسائهم وذراريهم.

فتاوى المرتزقة بعودة الاحكام الجائرة لخلافة السقيفة (الردة)

فقد أفتى الشيخ برهان الدين المالكي والشيخ عباد بن جماعة الشافعي بارتداد العلامة الفقيه لشيخ محمد بن مكي العاملي ( الشهيد الأول وكبير علماء الشيعة في الشام) حيث قتل بالسيف ثم صلب ورجم وأحرقت جثته بالنار في سنة (786هـ) في دمشق وقتل العثمانيون أيضاً بأمررستم باشا الوزيرالعلامة الفقيه الشيخ زين الدين الجبعي العاملي ( الشهيد الثاني وأحد كبارعلماء الشيعة ) سنة (965هـ) بعد أن وشى به بعض علماء السنة بأنه يدعي الاجتهاد ويريد نشر المذهب الجعفري.

الاتراك وملاحقات الإبادة للشيعة تحت كل حجر ومدر

نزع الأتراك في كل عصورهم التي غزوا فيها البلاد الإسلامية على اتخاذ موقف معادي للشيعة وانتهاج سياسة همجية وقاسية تجاههم فأمتلأ تاريخ دولهم بصفحات سوداء وعمليات إبادة بحق الشيعة في كل زمان ومكان وتشير المصادر إلى أنهم ـ أي الأتراك ـ كانوا يحاولون بشتى الطرق إلى إبادة هذه الطائفة واستئصالها عن بكرة أبيها .

فما إن وطأت أقدام الأتراك الغزاة أرض الهندعام (392هـ/1001م) حتى سعى قائدهم محمود بن سبكتكين الغزنوي إلى حرب الشيعة واضطهادهم ومحاربة معتقداتهم وقتل علمائهم وسلبهم ونهبهم , وقد استمر في غزواته لفتح تلك البلاد حتى عام (416هـ/1025م) وقد سفك في تلك السنوات مما لا يحصى من الدماء من الشيعة وغيرهم حتى وصفه المؤرخون بأنه : (متعطش للدماء مغرم بالتدبير) .انظر الحلقة

وكان الشيعة قد قدموا إلى تلك البلاد فرارا من بطش الأمويين عن طريق البر والبحر جماعات ووحدانا في القرن الأول والثاني الهجري فنقلوا إليها الإسلام السلمي الخالص فأحبهم الناس واعتنقوا عقائدهم , ولم تقتصر جرائم الغزنويين على شيعة الهند بل طالت تلك الجرائم الشيعة في كل البلاد التي دخلوها من القتل والسجن والتهجيروالتضييق والتنكيل وهتك المقدسات ومن جرائمهم الشنيعة هدم قبرالإمام الرضا عام (400هـ) وحرق الكتب الخطية ونهب النفائس كما ذكر ذلك علي الأعظمي في كتابه (تاريخ الدولة الفارسية في العراق ص54)

كبيرهم الذي علمهم السحر

ولم يكن العهد التركي السلجوقي بأحسن حالا مع الشيعة بل ازدادت سطوة السلجوقيين على الشيعة بعد أن قوّضوا الدولة البويهية الشيعية التي كانت حاضرة من أعظم الحواضر في العالم الإسلامي وعاشت بغداد والبلاد الإسلامية في عهدها أرقى فتراتها العلمية والفكرية والنهضوية فقتل السلاجقة العلماء الشيعة وأحرقوا كتبهم وهدموا مكتباتهم ومعاهدهم العلمية والفكرية وحاربوهم أشد المحاربة .

وفي سنة 450 هجرية أرتكب السلاجقة مذبحة كبيرة بحق الشيعة في بغداد وأحرقوا دورهم ومكتباتهم وفيها هرب الشيخ الطوسي (رئيس الشيعةإلى النجف الأشرف وأسس حوزتها العلمية ولم يكتفول بذلك بل قاموا بقتل شيخ الشيعة أبو عبدالله الجلاب.!

ال عثمان ودق اسفين الطائفية في الامة   

كان ظلم الدولة العثمانية شاملاً على شعوب الإمبراطورية، وخاصة في البلاد العربية، سنة وشيعة، ولكن ظلمهم على الشيعة كان مضاعفاً، بسبب موقف الفقه الشيعي من الخلافة كما مر بنا، الأمر الذي جعل الدولة العثمانية تناصب العداء للشيعة وتضمر لهم الكراهية، ونكلت بهم خلال أربعة قرون من حكمها. ورغم كون الشيعة في العراق يشكلون الأغلبية العربية، إلا إنهم حرموا من الرعاية والثقافة والتوظيف والقبول في مدارس الجيش (الرشدية) والالتحاق بكلية الحقوق ومنعوا من الانظمام للبرلمان العثماني (مجلس المبعوثان) في حين كان يمثل يهود العراق على قلتهم الضئيلة في المجلس النواب اثنين ..إلى جانب الاضطهادات الأخرى.

طريفة عن الطائفية المقية للعثمانيين حيال الغالبية الشيعية

وتأكيداً لطائفية الحكم العثماني ضد الشيعة، قصة طريفة رواها الراحل عبدالكريم الأزري، بشيء من التفصيل في كتابه (مشكلة الحكم في العراق)، عن تحول أسرة نوري فتاح باشا، من شيعة جعفرية إلى سنة حنفية، أذكرها نظراً لأهميتها و بإيجاز شديد. قال الأزري أن جمعته الصدفة مرة بنوري فتاح باشا، في عمان عام 1975، (وكلاهما من وزراء العهد الملكي)، بعد أن اضطر على مغادرة بيروت بسبب نشوب الحرب الأهلية، وكان في أيامه الأخيرة وقد تجاوز الثمانين حيث توفى بعد أشهرمن ذلك اللقاء، فسأله: "هل أسرتك من طوز خورماتو كما يقال؟" فأجاب: "كلا، أن أصل أسرتنا من قرية تسعين، وهي من ضواحي كركوك". فقلت له: "ولكن سكان قرية تسعين جميعهم شيعة جعفريون". قال: "نعم نحن كنا في الأصل شيعة جعفريين، فتحولنا إلى المذهب السني الحنفيولتحولنا قصة. إن جدي كان يعمل في كركوك وكانت له معرفة بالمتصرف، وكان شديد الرغبة في إدخال ابنه فتاح، أي والدي، في المدرسة الرشدية لكي يتخرج منها ويدخل الكلية العسكرية ويتخرج منها فيصبح ضابطاً في الجيش العثمانيفسأل جدي المتصرف ماذا يتوجب عليه أن يفعل لكي يحقق أمنيته؟ أجابه المتصرف أن الدخول في المدرسة الرشدية محظور على الشيعة، وأن السبيل الوحيد لإدخال ابنه في المدرسة الرشدية هو أن يبدل مذهبه الشيعي الجعفري بالمذهب الحنفي، ويذهب إلى المحكمة ويسجل التبديل فيها، ويحصل على شهادة بهذا التبديل، ويقدمها إلى مدير المدرسة الرشدية لكي يمكن قبول ابنه تلميذاً فيها. ومتى فعل ذلك عندئذ سيبذل المتصرف ما في وسعه لمساعدته. ونفذ الجد تعاليم المتصرف، وقبل فتاح في المدرسة، ومن ثم في كلية أو مدرسة عسكرية في كركوك وتخرج منها بتفوق، ثم أرسل إلى اسطنبول (الاستانة) ودخل كلية الأركان وتخرج منها بتفوق، وتدرج في الجيش العثماني حتى وصل إلى رتبة أميرلواء التي يتمتع بلقب باشا. وهكذا أصبح والدي فتاح باشا". ثم قال: "هذه هي القصة الحقيقية لأسرتنا." ويعلق الأزري: "ومنها يتبيَّن أن الشيعة كانوا ممنوعين من الانخراط في المدارس الحكومية." عبدالكريم الأزري، المشكلة الحكم في العراق،  لندن، 1991، ص 346.
والسؤال هنا، كم من كفاءات بشرية حرِّمتْ من الاستثمار بسبب التمييز الطائفي، سواءً في العهد العثماني أو العهود الأخرى التي تلته سواء في العراق اوالسعودية وغيرها ؟

ساطع الحصري العثماني وطامات ال عثمان حيال الشيعة 
وعلى الرغم من كون ساطع الحصري، أحد المساهمين في تأجيج الطائفية في العراق في القرن العشرين، ومن موقف غير ديني، لأنه كان علمانياً وقومياً غير متدين أساساً، إلا إنه كشف في مؤلفاته عن مدى استغلال سلاطين آل عثمان للدين في ظلمهم الشعوب الإسلامية التي حكموها وخاصة الشعوب العربية.
يشير الحصري، في كتابه الموسوم: (البلاد العربية والدولة العثمانية) في تتبعه للنزعات الأساسية في السياسة الداخلية للإمبراطورية العثمانية، إلى أن الآيديولوجيا الدينية ورجال الدين المسلمين كانوا ركناً هاماً من أركان الدولة العثمانية، ويؤكد أن السلاطين العثمانيين الذين كانوا يمدون يدهم إلى رجال الدين ويسعون إلى استرضائهم، قد استخدموهم في بسط نفوذهم وسيطرتهم على البلاد العربية، فكان الدين ستاراً يغطون به على ما لهم  من سلطة مطلقة، "فيحاولون أن يدعموا أعمالهم ويبرروا تصرفاتهم بفتاوٍى شرعية يستحصلونها من هؤلاء.. علي الوردي، لمحات اجتماعية ج3، درا كوفان، لندن، 1992، ص82، عن فز دبليو فرنو، يقظة العالم الإسلامي، ترجمة بهيج شعبان- بيروت- ج2، ص205.
نسخ الشريعة المحمدية باوامر سلطانية

فكان السلطان العثماني يتمتع بسلطات مطلقة، لا يحدها أي حد، والأمر الذي يصدر من بين شفتيه كان يكفي لإعدام الأشخاص، ومصادرة أموالهم دون محاكمة وسؤال.. في الواقع أن أعمالهم كانت تبدو مقيدة -بصورة نظرية - بأحكام الشريعة الإسلامية، إلا إن رجال الدين قلما كانوا يتأخرون عن إيجاد الأحكام وإصدار الفتاوى التي تخدم مآرب السلاطين، وتضفي على أوامرهم وتصرفاتهم صفة شرعية". انظرساطع الحصري، البلاد العربية والدولة العثمانية، ص 26-27.
همجية التوحش العثماني

وعلى سبيل المثال، يشير الحصري بهذا الصدد إلى "الفتوى" التي نصَّت على جواز قتل جميع أخوة السلطان الجديد يوم اعتلائه عرش السلطنة، حتى وقال رجال الدين بوجوب ذلك "منعاً لحدوث فتنة في المستقبل".

من يقتل اخوته وأهله للسلطة لايتواني من إبادة الاخرين 
وعلى نحو مماثل أمر السلطان سليم الأول، عندما قرر محاربة الشاه إسماعيل الصفوي، بقتل جميع الشيعة الموجودين في البلاد العثمانية، مستنداً في ذلك إلى "فتوىصادرة من رجال الدين، تعتبر هؤلاء مرتدين عن الإسلام.
والحق يقال أن الحصري كان ضد خلافة آل عثمان، ولكن جاء موقفه هذا في وقت متأخر من حياته الفكرية. ففي معرض الرد على أنصار الخلافة وقولهم بعصمة الخليفة وبأن مخالفة أوامره كفر، ينوه بتهافت التعويل على الدين في أمور سياسية كهذه، وبأن انتقاد أوامر الخليفة ومخالفتها حق للمؤمن إذا رأى فيها "ما يخالف العقل والمنطق". وهنا يورد الحصري ما تجمع عليه مصادر التاريخ الإسلامي من أن عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين، قال في خطبة شهيرة له: "أيها الناس، من وجد منكم فيَّ اعوجا فليقوّمه". وعندما قال أحد الحاضرين: "لووجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بحد سيوفنا"، عقب على ذلك بقوله: "الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوّم اعوجاج عمر) ساطع الحصري، أبحاث مختارة في القومية العربية ج2 ص134

هلال آل فخرالدين

محرر الموقع : 2017 - 02 - 23