فرعون مش مصري
    

هادي جلو مرعي

     في الحديث الشريف: من أخاف لي عبدا في الدنيا ملأت قلبه رعبا يوم القيامة..

     اللهم فإشهد إنني كنت مرعوبا من صدام لخمسة عشر عاما، ولم أطمئن سوى لبضعة أيام بسقوطه.. وصرت مرعوبا منذ 13 عاما ولاأدري الى متى سيستمر هذا الرعب. فأنا خائف ومرعوب من أقرب الناس.. أنا مرعوب من سنة ومن شيعة، ومرعوب من قادة وأتباع، ومرعوب من الملتصقين بالله والمبتعدين عنه، ومن كبار، ومن صغار، ومن بشر لاأعرفهم على وجه الدقة، ومن أصناف من الناس.

     صرنا كبني إسرائيل في عهدة فرعون..لكن الفرق إن القرآن تكفل بنقل ماجرى عليهم، وربما تحدثت الأسفار القديمة بوصف ماعانوه وكابدوه من فرعون (رحمه الله) وعصاباته المتوحشة، والطريف أن وزيرا سودانيا يقول، إن فرعون الذي واجه موسى، وإنتهك حرمات بني إسرائيل من أحفاد وأتباع نبي الله يعقوب وذريته الصالحين لم يكن مصريا، بل كان سودانيا.

    الفيس بوك وتويتر والتلفزيون، وكل وسائل الإتصال الحديثة تكفلت بنقل وقائع ما نمر به من بلايا، ويتكشف لنا عبرها المزيد من الخفايا، وصار ماكان الناس يجهلونه في الأزمنة الغابرة متاحا بثوان، وليس بساعات، وإذا كان فرعون تجنى على بني إسرائيل، وظلمهم، وتمكن منهم، وأذلهم حتى قدر لهم الرب الخروج مع موسى الى الأرض الموعودة، وعبر بهم البحر الى سيناء، وكانت محنة تلتها محن لتكون عبرة تلتها وماتزال عبر وعبر، فإننا اليوم نشهد أصنافا من الفراعنة والجبابرة، ولايهم إن كان فرعون مصريا، أم سودانيا المهم هو إنه تمكن من فرض الأمر الواقع على العالم وأرهبهم، ونشر الرعب في نفوسهم.

    فمن حكام ظالمين متجبرين الى عصابات وبلطجية وقتلة ولصوص ووزراء ومسؤولين ينهبون المال العام، ويفقرون شعوبهم، الى أنظمة متجبرة مرعبة قاسية لاتعرف الرحمة طريقها الى نفوس من يديرها، الى طواغيت عالميين كالغرب وأمريكا وأداة الشر إسرائيل التي تعيث في الأرض فسادا، وتتخذ من فلسطين مقرا وقاعدة، وتتحكم بمصير العالم، فإذا كان فرعون تجنى على بني إسرائيل وهم لايتجاوزون بضع مئات من الآلاف، وكان معهم نبيان بل أنبياء، وكان معهم الله يتدللون عليه، فإن أحفاد البضع مئات من الآلاف اليوم يحكمون العالم في تل أبيب، ويحضرون لفتنة كبرى، ويستعدون لهدم المسجد الأقصى، ويقابلون تطرف بعض المسلمين بتطرف الحاخامات والمتصهينيين والمنظمات السرية الفاعلة التي تريد حرق العالم من أجل نبوءات وخرافات يدعون أنها من التوراة والتلمود، بينما العالم منقسم بين طامح الى رضاهم، وخائف منهم، ومتحد سيجتمع العالم عليه، ويرفض تحديه. فرعون في كل مكان.

 

 
محرر الموقع : 2017 - 03 - 30