عطائُك ملاء النفوس يافنجان
    
لؤي الموسوي 
 
   عُرِفَ عن العرب قديماً وحاضراً عنهم بالكرم والسخاء والمرؤة والنخوة وحسن الضيافة والاستقبال، وحماية من استجار بهم وان كان ممن قتل ابنائهم، فهذه الصفات الممدوحة توارثها الابناء عن الاباء، ليس لحب الظهور والتعالي وانما لتقديم يد العون للمحتاج. 
 
   العطاء.؛ هو الفعل الذى يضم الجود والكرم، والصدقة والإيثار، وهذا يعنى أن الانسان يفعل هذا الفعل الممدوح بما يحقق التكافل ورسم السعادة على شفاه الاخرين، فهو فعل يبين معدن النفس الكريمة فى مد يد المساعدة لكل محتاج، وهو فعل يتعلق ببذل المال  والكلم الطيب فى كل طريق يبنى ويحمى ويمنح الأمان والعيش الكريم للآخرين، فالعطاء ومكافئة العاملون لما يقدموه من خدمات لوطنهم يبعث فيهم الامل و روح المثابرة لتقديم المزيد، وذلك لشعورهم بأن هنالك من يقدر ثمن مجهودهم ويراقب عن كثب انجازاتهم.  
 
   هذا الفعل يساهم فى بناء مجتمع قوى متماسك متعاون، ويبعث برسائل ايجابية تبعث الطمأنينة للمواطن، وفى حال انعدامه من المجتمع صورة أكيدة من اختلال التوازن ونشوء فقر مهلك لا يجد فيه الفقير لقمة، لذلك اشتد التركيز وأصر عليه فى كل أحوال هذا الفعل من العطاء. 
 
   أن الكرم يطهر النفس من آفة المال والسعى إلى جعله غاية، في تقديم المساعدة للاخرين، إذ إن ذلك الإنسان الذى يتعود العطاء والجود يتخلص من تأثير المال على النفس، ومن تأثير التعلق به. فالجود فعل تطهير قبل أى شىء آخر، وبعد ذلك هو فعل تواصل مع الآخر، وتأكيد على حب الناس، وهو أيضًا فعل دعم وبناء للمجتمع بما يعنى مساعدة كل محتاج، ونقل المال من حال التمتع به كونه مادة مغرية، إلى حال التمتع به كونه مادة تساعد الذات والآخرين على العيش  وبذلك يكون فعل العطاء فعل تواصل مع أفراد المجتمع بما يرسّخ الحب والمساعدة للاخرين، لذا نجد أنه فى مثل هذا الفعل من العطاء دعم كبير وعميق وله تاثير في النفوس ، ويصل إلى أرقى صورة من صور الوئام والتكاتف والتكافل.
 
   الرعاية الابوية لم تتمثل بالجانب المادي فقط وان كان لها الدور الكبير في ذلك، انما يتمثل ايضاً بالعطف ورفع الحيف والظلم عن هذا وذاك، والاصغاء والاستماع ممن هو ادنى منك، وغض الطرف عن المخطء الذي لم يقصد الخطء في مشوار حياته وعمله، فهذه من اسمى تجليات العطاء.
محرر الموقع : 2017 - 05 - 24