حكاية قبل الفطور ...وسؤال الباري لنا عما نُعِّمنا في حلاله، فكيف بما نُعِّمنا في حرامه".
    

لماذا بكى الشيخ الكاظمي؟..
المرحوم المقدس الكاظمي، واحد من العلماء الزاهدين الذين تجرّدت قلوبهم عن حبّ الدنيا والتلذذ بزينتها ، لقد زاره أحد علماء البلاط الإيراني في النجف الأشرف ، ولما دخل عليه في بيته المتواضع تأثر من ضيق معيشته .. وكان قد رحّب به المقدس الكاظمي، ولكنه لما أطال الجلوس قال له: أن زيارتك لي أمر مستحب وسبب للثواب إن شاء الله ، إلا أنها مقترنة مع جلوس زوجتي وأطفالي تحت حرارة الشمس الحارقة في ساحة البيت، إذ ليس عندنا سوى هذه الحجرة التي نحن جالسون فيها الآن، لذلك فإني أخشى أن نقع في أمر محرّم من أجل مستحب !..
فاختصر الزائر جلوسه من غير زعل ثم ودّع المقدّس الكاظمي، وقلبه يعتصر ألماً على فقره وهو بهذه المكانة من العلم والتقوى.. فحينما عاد إلى إيران سأله الملك: ماذا أتيت لنا من هدية العتبات المقدسة؟.. فقال العالم: أتيتُ لك بقصة عالم كبير هذه معيشته، فنقل القصة إلى الملك.
فأرسل الملك مالاً كثيراً إلى المقدس الكاظمي ، ولكنه رفض أن يستلم المال، فكلما أصرّ عليه الرسول أصرّ الكاظمي على عدم القبول، فسأله الكاظمي عن قصة المال ؟..
قال الرسول: إن العالم الذي زارك نقل إلى الملك وضعك المالي، فأهدى إليك الملك هذه الأموال ..
هنا أجهش المقدس الكاظمي بالبكاء، وأكّد على عدم قبوله للمال مرة أخرى، فرجع الرسول مع الأموال إلى إيران ، بعد ذلك سأل الكاظمي عن سبب بكائه ورفضه لهدية الملك ؟..
فقال: إن علم الملك بحالي وإرساله هذه الأموال ، يكشف لي أني مرتكب معصية ما ، معصية سبّبت لي أن يُسجّل اسمي في ديوان الظالمين !.. 

كم جميلٌ أن نتدبر هنا في الحديث القائل: "إن الدنيا مشغلةٌ للقلوب والأبدان، وإن الله تبارك وتعالى سائلنا عما نُعِّمنا في حلاله، فكيف بما نُعِّمنا في حرامه".

محرر الموقع : 2015 - 07 - 05