في السياسة الخارجية
    

فتاح الكعبي

ربما لم يتأطر تعريف محدد او واضح لمعنى السياسة الخارجية وربما لم يتبلور بقالب ثبت بسبب متغيرات السياسة ومتغيرات الدولة ومتطلباتها وظروف نشأتها والعوامل المؤثرة فيها لكنها بالتأكيد ستظل الهاجس الدائم لدى الافراد والحكومات في ايجاد نوافذ للاطلالة على العالم ودوله المختلفة.
ويمكن القول اجمالاً ان انسب تعريف للسياسة الخارجية هو التعبير عن المصلحة او المصالح الوطنية في البيئة الخارجية .
هذا التعريف هو السياسة المحلية او الداخلية التي عكست لترسم ملامحها في عالم المتغيرات عالم السياسة الخارجية .
اذاً فالترابط والتلازم مع السياسة الداخلية هو الصفة الرئيسة للسياسة الخارجية اضافة الى مشروطية التعبير عن المصالح الوطنية ولأن الدولة هي الشخصية القانونية في المحفل الدولي فالتعبير عن السياسة الخارجية انما يتم عبر الدولة وبوسائلها المعروفة الا وهي الدبلوماسية.
عليه ستكون الدبلوماسية هي لغة الدولة في سياستها الخارجية .
والدبلوماسية ستكون واضحة او معلنة امام انظار الرأي العام العالمي والمحلي على عكس السياسة الخارجية التي غالباً ما تحيط نفسها بالسرية او السرية التامة .
وحتى تكون السياسة الخارجية مرآة لقوة الدولة ومعلما من معالم نظامها السياسي فيختفي في السياسة الخارجية دور الافراد والعشائر والمنظمات حيث لا سلطة الا سلطة الدولة .
هذه الامور بمجملها تحتم على الدولة وضع استراتيجية واضحة وقوية ومتماسكة لسياستها الخارجية هذه الاستراتيجية هي مجموعة الانسان التي تحدد شكل ومعالم الدولة والبحث عن مصالحها القومية وتكييف البيئة الخارجية للتعاطي مع مصالحها الوطنية واذا كانت ثمة صعوبات في قياس منحنيات التغيير والتطور في السياسة الخارجية عنه في السياسة الداخلية فذلك يعود لأكثر من سبب ففي السياسة الداخلية ممكن قراءة النتائج ومستويات الاداء من خلال مدخلات ومخرجات العملية السياسية وبالتالي ستكون ردود الافعال هي الشكل الواضح لهذه المقاييس اما في السياسة الخارجية فيبدو ذلك الامر صعباً جداً كون هذه السياسة هي في عالم متغير وبيئة خارجية لا تعرف الاستقرار.
ان عودة الى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم الى معسكرين الاشتراكي والرأسمالي وظهر بوادر الحرب الباردة بين المعسكرين وظهور الدول القومية الجديدة وانتشالها بين هذين المعسكرين يضاف الى ذلك سياسة الاحتواء التي تبنتها الولايات المتحدة الامريكية تجاه الاتحاد السوفيتي وملاحقته بمناطق مختلفة من العالم وخاصة في مناطق اسيا وافريقيا ترتب عليه ان تكون السياسات الخارجية لهذه الدولة الناشئة الحديثة لا تغادر مساحة السياسات الخارجية للدول الكبرى .
وفي احايين كثيرة لا تملك القدرة على صناعة القرار في سياساتها الخارجية فظلت والى مديات تاريخية طويلة رهينة هذه السياسات ومكبلة الارادة الوطنية ، ان رؤية موضوعية واضحة لمنطقتنا العربية – العراق وبعد سقوط السلطة الدكتاتورية عام 2003 مثالاً وبعد احداث ما يسمى بحركات الربيع العربي والتمدد الارهابي على مساحات واسعة في المنطقة (العراق – سوريا) مع وجود بيئة اقليمية داعمة للارهاب وبيئة اقليمية تحاول التدخل في شؤون دول اخرى .
وبعد عودة المارد الروسي الى المسرح الدولي وظهور جبهة جديدة في المنطقة (روسيا – ايران – الصين) مقابل المحور الامريكي (التحالف الدولي) وتابعيه من محور (تركي / خليجي) وعودة الجمهور بين قيادة الولايات المتحدة الامريكية .
يقيناً ستفرحنا تغييرات جديدة في السياسة الخارجية للدول وستعيد الانظمة السياسية ترتيب اوراقها للخروج بمواقف جديدة ومكيفة ازاء هذا التغيير العالمي الاستراتيجي الجديد .
وسيكون البقاء للذي يمسك العصا بوضعها الصحيح اما الانظمة المقادة فتظل عاجزة عن رسم اية استراتيجية او سياسات رشيدة وستظل كالدمية التي تقاد من الخارج .

محرر الموقع : 2017 - 09 - 14