أولويات يجب مراعاتها بعد الانتصار على داعش
    

ثامر الحجامي

أولا : الأولوية الأمنية

   وانجلت السحب السوداء، وأشرقت الشمس في سماء الوطن، معلنة عهدا جديد،ا بعد سنين من القتل والتهجير والتشريد، والإرهاب الذي عاث في الأرض فسادا، ورد المجرمون الى نحورهم، فقتل من قتل وأسر من أسر وهرب من هرب، لتخيب كل الأماني المزيفة التي كانت تعول على تمزيق الوطن، ولتندحر كل المؤامرات الخائبة، التي أرادت بهذا الشعب سوءا.

    فلكي نستثمر هذا الانتصار، وعدم العودة الى المربع  الأول، على الدولة وضع إستراتيجية أمنية جديدة، ونظرة شاملة للواقع الأمني في العراق، تعالج التطرف الموجود في المناطق المحررة، الذي أوجد بؤر الإرهاب  ووفر لها ملاذا، ثم كان داعما وشريكا لها، ولوجود خلايا كثيرة نائمة تنتظر توفر الظروف الملائمة، للعودة والإضرار بالمواطنين والممتلكات العامة وإرباك الوضع الداخلي، وهو يستلزم معالجات فكرية سريعة للقضاء على الفكر المتطرف، الذي اعتمد عليه الدواعش، وتشخيص البؤر والأماكن التي ينبع منها، للحيلولة دون عودتها مرة أخرى.

     أهم الإجراءات الأمنية التي يجب اتخاذها، هو إعادة توزيع انتشار القوات الأمنية بكل صنوفها وتسمياتها، وتحديد واجباتها ومهامها التي يتوجب عليها القيام بها وفق القانون والدستور، وبلا شك أن تنظيف هذه القوات، من العناصر المندسة يجب أن يحتل الأولوية القصوى، فقد كانت للقوات المسلحة تجربة مريرة في حربها مع الإرهاب، بسبب هؤلاء العناصر، وبالتأكيد فأن وضع قادة يتميزون بالكفاءة والنزاهة على رأس هذه القوات، سيسهم في كفاءتها ويجعلها قادرة على أداء الواجبات المناطة بها، وهذا ما لاحظناه في الفترة المنصرمة، وكيف إن قواتنا المسلحة امتلكت زمام الأمور وصنعت الانتصارات الرائعة، بتوفر قادة أكفاء ومهنيين.

      إن النصر على الإرهاب والقوى التكفيرية، لم يتحقق إلا بتوفر قوة جهادية نوعية، بذلت في هذه المعركة الغالي والنفيس وقدمت أعظم التضحيات، وسطرت أروع البطولات وأثبتت للقاصي والداني أنها قوة لاتقهر، في سبيل الدفاع عن الوطن وحماية أرضه، وأصبحت تمثل ركيزة أساسية في القوات المسلحة العراقية، تلك هي قوات الحشد الشعبي المجاهدة، التي ينبغي أن يمنح لها دور كبير وتكون ركيزة مهمة في الواقع الأمني لمرحلة ما بعد داعش، وذلك لايكون إلا بإبعادها عن الصراعات والتجاذبات السياسية الداخلية أو الصراعات الإقليمية والدولية، فالحشد تأسس من اجل الدفاع عن العراق وشعبه، وهي مهمة عظيمة يجب أن يبقى محافظا عليها، ومساهما بدور كبير فيها.

    لكي يكون العراق بلدا آمنا يشعر فيه الجميع بالاطمئنان، لابد أن تكون حدوده الخارجية منيعة وعصية على العصابات والزمر الإرهابية، وذلك يقتضي مسك الحدود بكل قوة وتوفير العدة والعدد اللازمين من اجل هذه المهمة، التي غفلت عنها الحكومات السابقة، حتى أصبحت المنافذ الحدودية بيد العصابات الإرهابية، كما ينبغي إشراك المواطنين بالعمل الأمني  وتوفير المناخ المناسب لذلك، وإعطاء الدور الإستخباري الذي يتعامل مع المعلومة أهمية قصوى، ولاتكون أفعال قواتنا الأمنية بعد الحدث وإنما تسبقه، عندها يقل الجهد وتنعدم الخسائر.

     حينما نريد أن نوفر مناخا امنيا صالحا في عراق ما بعد داعش، علينا أن نستفيد من دروس الماضي التي جلبت الويلات، وان نستفيد من التجربة المريرة التي أفرزت خططا بائسة واجتهادات شخصية مضحكة أصابتنا بالنكبات، وان نضع خطط ومعالجات حقيقية لعراق امن مزدهر، وشعب يحضى بالراحة والأمان.

محرر الموقع : 2017 - 11 - 22