لماذا العراق ليسَ وطناً؟
    

بداية؛ معظم أوطاننا ليست بأوطان خصوصا الأسلامية و العربية و غيرها .. و الأصحّ أيضاً فيما يخصّ العراق هو؛
لماذا لم يَكُن العراق أساساً عبر التأريخ وطناً آمناً مذ هبط عليه (آدم) ثمّ "الحضارات" ثم "دار السلام" وبعده لليوم, بحيث لم يشهد سوى الظلم و الدم؟ إنّ الوطن الحقيقي بمثابة الأمّ ألّتي تحتضن أبنائها و أحفادها و جيرانها بلا تمايز أو إنحياز!
ألأم؛ تُؤَمِّنْ لأبنائها مكان النوم و اللباس و الغذاء و كلّ أجواء الرّاحة النفسيّة و الماديّة, بل وتؤثر على نفسها لنموّهم و تألقهم و تحقّق أحلامهم, ولكن حين تختلف في تعاملها وتُؤذي أبنائها بتحبّبها لواحد وإشمئزازها من آخر و لا تحبهم بآلتساوي ولا تطعمهم بآلعدل ولا تُؤمّنْ مسكنهم ولا تتحبب لهم بآلتساوي أو تستخدم العنف معهم؛ عندها يبدأ الإشمئزاز و التنفر و الكراهية والمؤآمرات بشكلٍ طبيعيّ ويبدء العراك والنزاع بين أبناء و أحفاد العائلة الواحدة بذرائع و أسباب مختلفة بعضها واهية و تافهة جداً .. و هكذا يفسد جميع الأجواء, بحيث لا يعد ذلك البيت آمناً و مريحاً و مبعثاً للسعادة, و كما فسد العراق اليوم, حيث يتمنى العراقي الذي بقي في وجوده شيئاً من الوجدان و الضمير؛ ألتّخلص من العراق بأي ثمن لأنه لم يعد يحلم إلا بشيئ واحد و هو التخلص من وطنه, و لذا نرى اليوم معظم – إن لم نقل جميع العراقيين - يتحيّنون الفرصة بعد الأخرى لمغادرة "الوطن", لأنهُ لم يعد يحلم بشيئ سوى الخلاص من الظلم و  الجحيم الذي سبّبه الحاكمون!
الفساد ليس فقط مالاً يُنهب أو سرقة أموال الناس و الدولة؟
الفساد ليس فقط تحايلا على الناس و على الدولة؟
الفساد ليس فقط تجارة موازية و رشاو؟
الفساد ليس فقط سرقة فرص الناس؟
الفساد له أوجه عديدة لا تحصى بسهولة, فقد يكون  ظلما مرورياً أو وضع الأذى في طريق الناس, أو تخريباً إدارياً أو روتيناً يعذّب الآلاف بل عشرات الآلاف من المراجعين, أو سنّ قانون سلبي لمصلحة حزب أو جماعة خاصة من الموظفين دون النظر لمصلحة الشعب كله؟
الفساد؛ هو اليأس و الإحباط  الذي يخلقه "الحاكمون" و "القائمون" على أمور الرئاسة و الوزارة في نفوس الشعب؟
الفساد؛ حين يرتقي الغبي و آلحزبيّ لأعلى المسؤوليات و يبقى المخلص و الفاعل في أسفل السلم؟
الفساد؛ حين يقع حين يُنتدب أبناء المسؤوليين لمؤسساتهم و تُهمل الكفاءة المخلصة ممّن يعانون البطالة و الخصاصة؟
للفساد أوجه عديدة ؛ لكنّ اسوأها و أظلمها هو النفاق الذي يتّصف به المسؤول و آلرئيس؛ حين يَدَّعي بلا حياء بأنّ العدالة هي السائدة في العراق و آلجميع متساوون في الحقوق, و الحال هو العكس تماماً, لأنّ راتب شهر واحد لنفس هذا الرئيس المخادع مثلاً؛ يُعادل رواتب 200 عائلة عراقية كلّ شهر, يأخذها محاولا ًإستغلالها بما يتناسب و مصالحه و إنّيته و هواه!
السؤال الأساسيّ هنا لكل المسؤلين عن هذا الوطن؛ أين عدالتكم و مساواتكم و شهامتكم و جديتكم؟
و كيف تفاخرون اليوم بمحاربة الفساد؟ عن أي فساد تتحدثون و أرصدتكم و قصوركم بلغت الآفاق؟
بعض الشعب بل 90% من الشعب يئن من الفقر و الفاقة و المرض و العوز و السكن و أنتم لا تستمعون إلى أنينه!؟
أيها المسؤولون – بآلأخص الرؤوساء و الوزراء و النواب – لا يحقُّ لكم الحديث عن محاربة الفساد؛ ما لم تُرجعوا جميع الرواتب و المخصصات الحرام التي سرقتموها بـ "ألقانون" طيلة خمسة عشر عاماً.
و إرجاع تلك الرّواتب و الأموال الحرام المسروقة شرعا و عرفا و عقلاً يُغنيكم و أكثر عن كلّ المؤتمرات المشبوهة و حالة الأستجداء بشأن إعادة الأعمار, و التي ينوي الداعمين و الراعيين لها؛ إخضاع حتى الأحجار و النباتات و النخيل و الشركات الصغيرة لتحدي سياساتها و إدارتها و الهيمنة عليها داخل العراق, بمعنى إحتلال تفاصيل الحياة الزراعية و الصناعية و الأدارية و الفنية و المالية و حتى التربوية!
و بغير ذلك و بغير الأدارة الحديثة و التنمية الوطنية الصحيحة و الأستثمار الواعي و دعم و إدارة القطاع الخاص؛ فأنّ الشعب و ملائكة السماء ستلعنكم إلى يوم الدِّين و لن تجدوا و عموم الشعب خيراً من مساعيكم و إنتخاباتكم و كل موقف شكليّ أو تصريح أو بيان يصدر منكم مستقبلاً, حيث لا يغني و لا يسمن من جوع, و كما قلت في الموضوع السابق؛ سيُزيد الطين بلّة و المحنة محناً و كوارث و حروب داخلية, و من أسوء إفرازات الظلم المُقنن السائد في العراق هي أنّ كل عراقي لم يَعُدْ يُؤمن بآلعدالة و الأخلاق و القيم بسببهم, بل باتَ يتحيّن الفرص علّهُ يصبح رئيساً أو مسؤولاً أو نائباً ليعيد نفس الفساد و يضرب (ضربة العمر) وكما فعل من سبقهُ ولتذهب عدالة (عليّ) للجحيم! ولا حول ولا قوّة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي/ فيلسوف كونيّ
حكمة كونيّة: [لكي تكونَ مسؤولاً عادلاً كعليّ(ع)؛ عليكَ بقتل ذاتكَ و إنتخاب الأصلح الذي مثلكَ, لضمان إجراء العدالة].

 عزيز الخزرجي

 

محرر الموقع : 2018 - 01 - 10