تمخَّضَ الجَّبلُ عن فأر
    

محسن ظافر آل غريب

تمخَّضَ الجَّبلُ عن فأر، مَثلٌ عربيٌّ وصلَ إلى الأندَلس، فاستعارَتهُ اللُّغة الإسبانيَّة، واستعارَهُ الكاتب المكسيكيّ الكلاسيكيّ الخياليّ النّاطِق بالإسبانيَّة كما هو شأن أميركا اللّاتينيَّة، الكاتبُ Juan José Arreola Zuniga المولود قبل قَرن عام 1918م، استعارَ المَثلَ في عام مولِد الرَّئيس «د. حيدر العبادي» 1952م، لسلسِلَةِ مجموعتِه القَصصّية  الموسومة بعُنوان «التآمر Confabulario»  ومِنها قصَّة  بعُنوان “ماخض الجّبال Parturient montes”. تخيَّلوا مع الكاتب جَبل قنديل شَماليّ العِراق يتمخض عن فأر!.
 
رواية «في سبيل التّاج»، في الأصل مسرحية شِعرية للأديب الفرنسيّ فرانسوا كوبيه François Coppée عام 1895م، تعريب الأديب مُصطفى لطفي المنفلوطي، استعار سنخ عُنوانها بالنَّسخ فرنسيّ التعليم ميشيل عفلَق لِعُنوانِ كتابه “ في سبيل البعث”.
 
الرّواية الأدبية أخلاقِيَّة بطلُها الفتى قسطنطين، تدور أحداثها في القرن 14م على أرض البلقان، لعبت فيها الشَّخصيات أدواراً مُتباينة بين الانتماء والخيانة كعادة أيّ شعب مُحتل. كالرّواية  الفرنسيَّة «فن الخسران L;Art de Perdre» (فلاماريون، باريس 2017) لأليس زينيتار (1986م)، التي رُشحت العام الماضي لأهم الجوائز الفرنسية، ونالت جائزتي «لوموند وغونكور لطلاب الثانويات»، وهي رواية تحكي عن ثورة الجَّزائر، من جهة الخاسرين المُنكسرين، الذين فقدوا الحق في الانتماء وشوهت سمعتهم، والذين سقطوا من الذاكرة وعجزوا عن اختيار الصف الأنسب، ليجدوا أنفسهم مطرودين مَمنوعين مِن العودة إلى وَطَنهم كالدُّعاة العِراقيّين قبل نيسان مخاض الولادَة 2003م. لسانُ حال «حزب الدَّعوَة الأسلاميَّة» القائد للدَّولَة العِراقيَّة، يُخاطِب أصوات ناخبيّ قُطبيه العبادي وسَلفه المالكيّ في رئاسة الحكومة، بلسانِ خليفة بغداد الرَّشيد مِنْ شُرفةِ قصره، يُخاطِب الغيمةَ وقد هبَّتِ الرّيحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومَضَ البرقُ في الظَّلْماءِ مِن إِضـَمِ أنْ: “ أنّى أمطرتِ خراجُكِ عائِدٌ لي.
 
لقد كنتُ قبل اليوم أنكرُ صاحبي * إن لم يكن دينه إلى ديني دانِ!
 
أدين بدين الحُبِّ أنّى توَجّهت ركائبُه * فالحُبُّ ديني وإيماني”.
 
 
حصد العبادي الرَّقم 1 في قائِمة الانتخابات الواحِدَة في سِجل يقبلها كجهة في دائِرَة أحزاب مُفوَّضيَّة الإنتخابات، أَمْ قائِمة النصر الخاصَّة بالعباديِّ (العباديُّ الذي حَظيَ بحسم رسالة المَرجع الأعلى أية الله علي السيستاني إلى قيادة الحزب، طلَب في طَيِّها اختيار مُرَشَّح آخر غير المالكي فوقع اختيار القيادة على العبادي) أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ للمالكيّ ليحصد الرَّقم 2، والاتعاظ بخروج رئيس الدُّبلوماسيَّة العِراقيَّة الطَّبيب السَّبعينيّ الجَّعفري، مِن حزب الدَّعوَة ليحصِد الرّيحَ. قيادة الحزب اعترضت على انخراط المالكي في تحالف مع حزب دُعاة الإسلام (الذي كان يُسَمّى حزب الدَّعوَة - تنظيم الدّاخل) وتجمع البشائِر الشَّبابيّ (نظير تيّار حِكمة الفتى عمّار الحكيم الخارج مِنْ رئاسة المجلس الأعلى الإسلامي ليترأسه الشَّيخ د. هُمام حمودي، حمودي مِثل العبادي في زمان ومكان ولادَته؛ عام 1952م بغداد)، البشائِر الذي يقوده صهر المالكي ياسر عبد صخيل، فضلاً عن تيار الوَسط التابع للطَّبيب النَّفسيّ النّائب موفق الربيعي والحزب المَدني الذي يترأسه رجل الأعمال حمد الموسوي. وأنَّ أغلب الجّهات التي تحالفَ معها المالكي ليست محل مقبوليَّة مِن العبادي وأغلب قيادات الدعوة التي أبلغت مُفوَّضيَّة الانتخابات بأن النّظام الدّاخلي للحزب لا يجيز اتخاذ القرار إلّا بطريقة جَماعيَّة، والتحالف الذي اختاره المالكي خيار فردي لا يُمثل الحزب وأن قيادة الحزب أرسلت كتاباً إلى مُفوَّضيَّة الانتخابات تؤكد فيه خروج حزب الدَّعوَة مِن ائتلافِ دَولَة القانون الذي أدرجه المالكي ضمن قائمة تحالفات المُفوضية؛ كتدبير يضمن للحزب الدُّخول في تحالف آخر يتزعمه حيدر العبادي. أيضاً في قوائِم أُخرى مِنها التكتل الانتخابي الذي ضمَّ الطَّبيب إياد علّاوي وسليم الجبوري وصالح المُطلك، فإن الرقم 1 في القائمة لم يتم حسمه حتى الآن، لكن تم الاتفاق على شروط التحالف وأساسياته، والأقرب علّاوي رقم 1 في مسقط رأسه بغداد والجبوري رقم 1 في مسقط رأسه ديالى، وتتوزع باقي الأرقام حسب حجم الكيانات المُنضوية. كاظِمة توسَّطها حرف الظّاء المُعجَم بلَفظِ فمِ، أنشَأَ وأنشَدَ لَها الشُّعراء أمثال امرؤ القيس والبُعيث والبُحتري والفرَزدق وجَرير وذي الرّمَّة ومهيار الدَّيلَميّ والبوصيري وبَديع الزَّمان الهمذاني وغيرهم.
 
 
ياحَبذا البرق مِن أكنافِ كاظِمَةٍ * يسعى على قصرات المرخ والعشر
 
إِذْ هُنَّ أَقساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى * أَو كَقَطَا كاظِمةَ النّاهِلِ.
 
 
 
في عام مولِد الرَّئيس حيدر العبادي 1952م، تسنَّمَت ملِكة بريطانيا الحالِيَّة العَرش، لتحتفل بينما الأمير رضا الثاني بهلوي يُسجّل برنامج بانوراما قناة العربيَّة السَّعوديَّة مِنْ منفاه الأميركي الخميس الماضي، ويقول «كان مِن المُمكن أن تكون إيران يابان الشَّرق الأوسط، لكنها مع الأسف أصبحت كوريا الشَّماليَّة».
 
المُحلّل السّياسيّ «د. إحسان الشّمّري» قيل “رئيس مركز التفكير السّتراتيجيّ” وقيل “مُستشار رَئيس الحكومة العِراقيَّة د. حيدر العبادي”، وقيل قال: أنَّ العبادي طلَبَ عدَّة شروط مقابل الحِوار بين المركز والإقليم وبخلافه سيضطر إلى اللُّجوء لخيارات عدَّة مِنها التفاوض مع بافال طلباني وفرض سلطة القانون بالقوَّة وهو الخيار الذي لا يتمنّى العبادي حدوثه. فِي تسريبات إعلاميَّة مُقرَّبة مِن الشّمّري، أكّدَ ان كثير مِن حِزب برزاني والمُقرَّبين مِنه طالبوا بلقاءات سرّيَّة للحِوار حال فشل برزاني الحصول على تفاهم مع المركز.
 
وبحسب الشّمّري فإنَّ قرار العبادي كان صارماً “لا حِوار إلّا بعد المُوافقة على ما يلي”:
 
1. العودَة لاتفاق عام 2003م.
2. تسليم المنافذ والحدود.
3. تسليم المطارات.
4. تسيلم الواردات مِن الدَّوائر الحكوميَّة.
5. إقالَة مسعود برزاني.
6. العودَة لإطلاق تسمية شَماليّ العِراق بدل ستان كُرد.
7. ارتباط البيشمركة بالحكومة المركزيَّة.
8. تسليم المطلوبين للمحكمة الاتحاديَّة.
9. التعهّد بعدم إيواء أيّ إرهابيّ أو مطلوب للحكومة المركزيَّة.
10. إلغاء المادَّة 140 لتصبح مِنَ الماضي.
11. عدم سَفر أيّ مسؤل حكومي كُردي إلّا بموافقة الحكومة العِراقيَّة.
12. عدم استقبال أيّ مسؤول دولي إلّا بعد مروره بالعاصِمة بغداد ومُوافقة الحكومة العِراقيَّة.
13. إلغاء الاستفتاء.
 
وبحسب الشّمّري فإنَّ العبادي قد خاطَبَ السّلطات المحلّيَّة في شَماليّ العِراق مُطالباً إيّاهم بتنفيذ المطالب بصورة عاجلة تجَنّباً للعواقب الوخيمة التي ستلحق بالمُجتمَع الكُردي في حال إصرار تلك السّلطات وتزمّتها برأيها.
 
صدّام تسبَّبَ بإيجاد إقليم شَماليّ العِراق وبتسميتِه ستان كُرد، ورَحَلَ صدّام المهزوز أمام رئيس أميركا قبل رحيله في الرّابط أدناه، والرَّئيس د. حيدر العبادي رفضَ قرار الرَّئيس الأميركيّ ترمب، تعبيرَاً عن موقف العِراق في اعتبار القُدس عاصِمة الكِيان الصّهيوني، فكيفَ إذا الأمر العِراق ذاته؟:
 

 

محرر الموقع : 2018 - 01 - 12