مفخخات وإنتخابات
    

ثامر الحجامي

    مع بداية الإستقرار؛ الذي شهده العراق وخاصة العاصمة بغداد، والأفراح التي عمت البلاد إبتهاجا بالنصر على داعش والزمر الإرهابية، وإنجلاء السحب السوداء من سماء العراق، وقرب حلول مؤتمر المانحين في دولة الكويت، لأعمار المناطق المحررة من براثن العصابات الإرهابية، وتوجه العراقيين في مشروعهم الجديد لبناء وطنهم، جاء الإرهاب الأعمى المعادي للحياة وخلاياه النائمة محاولا سلب هذه الفرحة.

    هناك في الكاظمية وفي ساحة الطيران، كان العراقيون على موعد مع التفجيرات الإنتحارية، التي أودت بحياة المدنيين العزل، وراح ضحيتها الأبرياء الذين لاهم لهم سوى الحصول على قوت يومهم، والعودة الى أطفالهم وعوائلهم بما يسد رمقهم، ويعينهم على تجاوز الظروف الصعبة التي تمر على العراقيين، بسبب العجز المالي الكبير والبطالة المتفشية التي فرضها الفساد والمالي والإداري، والأموال التي صرفت في محاربة الإرهاب طوال السنين الماضية.

  رسائل للموت بعثها الإرهاب، في غمرة أفراح العراقيين وشعورهم بالأمان، بعد سنين عجاف من الصراع مع قوى الشر، بدأ العراقيون بوضع أقدامهم على أعتاب مرحلة جديدة، منتقلين فيها من الإنتصار على الإرهاب الداعشي، نحو بناء دولة جديدة، ومرحلة جديدة في العملية السياسية عبر التحضير للإنتخابات القادمة، التي يشعر الجميع إنها تختلف عن سابقاتها، وأنها ستؤسس لعراق جديد يختلف عن السنين الماضية.

   في غمرة التحضيرات والإنفعالات واللغط الإعلامي المصاحب لهذا العملية، التي إنشغل فيها أغلب المراقبين والمتابعين، جاءت العمليات الإرهابية مستغلة حالة الإسترخاء في صفوف القوات الأمنية، رغم التحذيرات المتكررة بضرورة اليقظة والحذر، وعدم الغفلة عن العدو الذي ما زال يحتفظ ببؤر الموت، يحاول من خلالها أن يكشر عن أنيابه، ويروع الأبرياء ويزعزع إستقرار هذا البلد.

  حوادث إرهابية؛ تستدعي من القوات الأمنية أن لا تقف مكتوفة الأيدي، وتتعامل معها بمنطق رد الفعل، وإنما يجب الشروع بعمل منظم لمراجعة الخطط الأمنية، وتفعيل الجهد الإستخباري وضرب الإرهاب في بؤره، والقضاء عليه حفاظا على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، والحرص على عدم ضياع مكتسبات النصر، التي قدم العراقيون من أجلها دماء زكية وأموالا طائلةـ ويجب أن تتحلى قواتنا الأمنية بالمسؤولية العالية، والحرص على عدم عودة هذه الزمر الضالة لممارسة عملها التخريبي، وبالتالي عودة الأوضاع الأمنية الى المربع الأول.

   إن أمام العراق مستحقات كبيرة في المرحلة القادمة، يجب أن يتعاون الجميع على تهيئة الظروف المناسبة للعراقيين، ليمضوا في بناء مستقبلهم بعيدا عن المنغصات التي تعيق عملهم، ويجب على القوات الأمنية أن تكون على مستوى الحدث، ولا تعيد فشل الحقبة الماضية.

 

محرر الموقع : 2018 - 01 - 16