سوق العقارات الأميركي يرسل جرس إنذار للأسواق العالمية‎
    

رغم قوة الاقتصاد الأمريكي والتي تظهر عبر بيانات الناتج الإجمالي المحلي، فإن النمو الحقيقي لأسعار للمنازل محاصر في دورة هبوطية.
ويشير تحليل نشرته وكالة بلومبرج، إلى أنه حتى وإن كان ذلك ليس سيئاً بشكل كافٍ، فإنه من المرجح أن يزيد الوضع سوءاً اعتماداً على نفس الاتجاه والعوامل التي أطلقت صافرة الإنذار بشأن انهيار أسعار المنازل في عام 2006.
وتعتبر أسعار المنازل مرتبطة بالدورات الاقتصادية بشكل كبير، وكما اُكتشف من الركود الاقتصادي الأخير فإن تحركاتها يمكن أن تكون لها عواقب مادية على الاقتصاد بصفة عامة.
ومع ذلك وفقاً لمحضر الفيدرالي الأمريكي الصادر في 1 أغسطس الماضي، فإن صنّاع السياسة النقدية بدأوا في إدراك إمكانية وجود ضعف كبير في قطاع الإسكان واعتبارها تمثل "مخاطر هبوطية".
وكشفت دراسة لمعهد أبحاث الدورة الاقتصادية في نيويورك أن النمو الحقيقي لأسعار للمنازل دخل بالفعل إلى دورة هبوطية من المحتمل أن تزداد حدة.
وأظهرت بيانات في الأسبوع الماضي تراجع تصاريح وعمليات بدء بناء المنازل الجديدة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى هبوط مبيعات المنازل القائمة.
ويعد تراجع القدرة المالية على اقتناء المنازل جزءاً من أسباب الآفاق السلبية للأسعار، حيث تدل بشكل عام على قدرة الأسر متوسطة الدخل على شراء منزل بمتوسط السعر المتاح.
ومؤخراً فإن مؤشر القدرة على تحمل تكاليف أسعار المنازل تراجع إلى أدنى مستوى في 10 سنوات، بفعل زيادة معدل الرهن العقاري.
لكن الأمر لا يقتصر فقط على تكاليف الاقتراض المرتفعة، حيث أن القدرة على تحمل التكاليف تقلصت أيضاً بسبب الارتفاع المطرد في نسبة متوسط أسعار المنازل القائمة إلى متوسط دخل العاملين بدوام كامل عبر الرواتب.
ووصل هذا المعدل مؤخراً عند أعلى مستوى في 10 سنوات مع متوسط تكلفة شراء المنزل تعادل 6 سنوات تقريباً من إيرادات العامل، قبل أن تراجعها قليلاً عن هذا المستوى.
وهناك طلب على المنازل لكن الأسعار تزداد بعداً عن المنال، ما تسبب في انخفاض عدد المنازل المباعة، ويساعد ذلك في تفسير لماذا تراجعت اتجاهات الشراء مؤخراُ عند أسوأ مستوى منذ نهاية 2008.
ويعد الاتجاه الهبوطي في نمو أسعار المنازل حدثاُ غير مرحب به بالنسبة لبناة المنازل، حيث إن النمو في إجمالي المنازل المباعة تراجع فعلاً وعاد إلى المنطقة السالبة.
وما يزيد الأمر سوءاً هو أن نمو تكاليف المباني السكنية تسارع إلى واحد من أعلى مستوياته المسجلة على الإطلاق.
وساهم في زيادة تكاليف البناء ارتفاع التعريفات على الواردات الأمريكية من الصلب، ونقص الأراضي المتوفرة ببعض المدن والتأخيرات في تصاريح تأمينات المنازل.
كما أن التشديد الخاص في العمالة بسوق البناء يضغط على التكاليف، حيث إن معدل البطالة قريب من أدنى مستوى في نصف قرن الأمر الذي يضغط على تكاليف بناء المنازل من خلال زيادة نمو الأجور في القطاع والذي تجاوز متوسط إجمالي نمو الأجر في الساعة منذ منتصف 2017.
ويعد هذا القطاع إحدى الصناعات القليلة التي ينطبق عليها منحنى "فيلبس" حيث إن تراجع معدل البطالة يتم ترجمته لزيادة سريعة في الأجور.
وعليه فإن ربحية بناة المنازل تعاني بين الأمرين، يراجع نمو أسعار المنازل وارتفاع تكاليف بنائها، لذلك فإنه ليس من المفاجئ أن أسهم شركات بناء المنازل فقدت أكثر من ربع قيمتها منذ شهر يناير الماضي، كما أن ما يقرب من نصف هذا الانخفاض حدث في الشهر الماضي.
ومع إصرار الفيدرالي الأمريكي على الاستمرار في زيادة معدل الفائدة تبقى قدرة المستهلكين على تحمل أسعار المنازل على نطاق واسع أمر صعب، ويصبح من الصعب أن تحظى أسعارها بقدر من الجاذبية.
وما لا يبعث الاطمئنان أن المستوى الحقيقي لأسعار المنازل يبدو وأنه قد بلغ ذروته للمرة الأولى منذ انهيار سوق الإسكان.
وعلى نحو منفصل، فإن مع ارتفاع معدلات الفائدة والتباطؤ في الاقتصاد الكلي فإن أسعار الأسهم عرضة لحدوث عملية تصحيح، مثل الانخفاض الذي حدث في فبراير بنحو 10%، وكذلك التراجع الذي حدث في مطلع الشهر الجاري.
وفي هذا السياق فإن الاتجاه الهابط لأسعار المنازل يرفع من مخاطر حدوث انكماش عام في أسعار الأصول يمكن أن يؤدي إلى تأثير سلبي على الثروة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية

محرر الموقع : 2018 - 10 - 23