العراقيون ثاني أكبر جالية لاجئة في لبنان بعد السوريين: 3 آلاف عائلة تعاني سوء التغذية والبطالة !
    

يصعد اللاجىء العراقي من مدينة كركوك خالد عبدالقادر السُلـَّم متثاقلا وهو يبتسم محاولاً إخفاء معاناته من ألم الحصاة الذي يحتمله منذ اكثر من عقدين بعيداً عن الوطن الذي أصيب به خلال حرب الثمان سنوات مع إيران. 
هرب خالد مع عائلته من العراق الى الأردن عام 1991 بعد حرب الخليج بفترة وجيزة ومن هناك الى سوريا. وفي العام الماضي هربوا مرة أخرى من حلب الى لبنان. ثلاثة من أبنائه الخمسة يدرسون في الجامعة، وتكافح زوجته، زينب خماس، من أجل تغطية نفقات العيش حيث تعمل في منازل متعددة في بيروت، ومؤخراً لم تستطع العثور على عمل حتى في مجال غسل الصحون! 
وتقول "يصعب عليّ طلب شيء من الآخرين، أنا أعمل وأنظف وأساعد في بعض الأعمال ثم أعود سعيدة – العمل ليس عيباً – لكن في الوقت الحاضر لا تتوفر فرص عمل". 
ويصعب على هذه العائلة توفير المال لتغطية نفقات الدراسة لأبنائها. أثاث منزلهم مكون من سجادة صغيرة عليها بعض الوسائد ومنشفة واحدة معلقة على الباب، الإيجار والخدمات والفواتير الطبية ورسوم الدراسة الجامعية تشكّل تحدياً لهم، وتتلقى العائلة بعض المعونة من كنسية في منطقة الفنار إضافة الى الطعام وبعض المساعدة المالية من منظمة كاريتاس الدولية غير الحكومية. 
لقد أنفقوا كل مدخراتهم على تعليم أبنائهم، يتناولون وجبة واحدة في اليوم معاً في وقت واحد، يحاولون الأقتصاد في كل شيء وغالبا ما يطبخون وجبة رخيصة مثل "المجدّرة"، اما الدجاج واللحوم فإنها نادرة جداً. تقول الأم "نحن نحاول البقاء ونبتسم ونقول الله كريم". 
وبعد أكثر من أحد عشر عاما على سقوط بغداد، يُعــد اللاجئون العراقيون ثاني أكبر مجتمع نازح الى لبنان مسجّلاً لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بعد السوريين، وهذا لا يشمل الفلسطينيين المسجلين تحت وصاية وكالة أخرى للأمم المتحدة هي أونوروا. 
الصراع الأهلي في الوطن يجعل من غير المحتمل عودة أي شخص الى بلاده، والأسوأ من ذلك، أن إنعدام الأمن الغذائي بين اللاجئين العراقيين في لبنان يُظهر معدلات مخيفة من سوء التغذية، حيث أوضحت دراسة أجرتها حلا غطاس، من قسم علوم التغذية في الجامعة الأميركية ببيروت ونشرت في مجلة التغذية البريطانية، بأن اكثر من 40% من أطفال اللاجئين العراقيين تحت سن الخامسة يعانون من فقر الدم ونقص الحديد ومن الممكن ان تكون لذلك عواقب صحية وخيمة فيما بعد. 
وكشفت الدراسة التي أُجريت على 800 من العوائل المسجلة، معدلات "عالية جدا" من إنعدام الأمن والتنوع الغذائي بين هذه العوائل خاصة التي لديها أطفال. وتذكر الدراسة ان الدخل المنخفض وانعدام فرص العمل تفاقم التحديات التي يواجهها اللاجئون العراقيون. ويقول الباحثون "إن انعدام الأمن الغذائي وتنوع الغذاء وارتفاع معدل انتشار فقر الدم كلها تدعو الى برامج لمواجهة الوضع الغذائي والصحي للمقيمين ذوي الحقوق المحدودة". 
وتقول كارول السيد رئيسة وحدة تطوير المجتمع في مفوضية اللاجئين إن هناك 6380 لاجئاً عراقياً في لبنان لغاية نهاية نيسان بينهم الف تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 25 عاما و10% تحت سن الخامسة بمعدلات عالية من فقر الدم، وتضيف السيد أن العوائل العراقية – اكثر من 3 الآف عائلة – كانت مستقرة نسبياً على مدى السنوات القليلة الماضية، وانهم منتشرون في لبنان لكنهم يتركزون في الضواحي الشمالية والجنوبية لبيروت، وان الكثير منهم لم يجدوا فرص عمل، لذا فإنهم عاطلون كليا أو جزئيا حيث يواجهون تنافسا من اليــد العاملة اللبنانية الماهرة، وتوفر مفوضية اللاجئين مساعدات مالية للاجئين العراقيين الأكثر فقراً بالإضافة الى كوبونات الطعام . 
وتقول السيد إن البالغين يعانون من سوء التغذية لأسباب كثيرة بما فيها الروابط الأسرية المحدودة إذ أن البعض هربوا الى لبنان لوحدهم ، وبما أن الكثير منهم يعمل لساعات طوال فلا يتسنى لهم تناول طعام متوازن أو مطبوخ في المنزل وانما غالبا ما يتخطون وجبات الطعام أو اللجوء الى خيارات غير مغذية! 
بالإضافة الى ذلك، عليهم ان يتعاملوا مع ارتفاع بدلات الإيجار وتكاليف الرعاية الصحية الباهظة حيث يذهب جزء كبير من دخلهم الى تلك النفقات، وتضيف قائلة "بسبب كل تلك النفقات التي تواجهها العوائل، فان عليها اعطاء اسبقيات لبعض هذه النفقات". 
ومع ذلك، فان النتائج الأولية للدراسة تحتم على مفوضية اللاجئين توفير الحبوب المدعمة بالحديد للأطفال العراقيين دون سن الخامسة.. منظمات أخرى غير حكومية تعمل مع المفوضية تقوم بتنفيذ برامج توعية بخصوص أهمية الوجبات الأكثر تنوعاً. 
وتوضح السيد إن التدفق الكبير للاجئين السوريين الى لبنان قد أثر كثيرا على اللاجئين العراقيين ما جعل خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية مثقلة بأعباء فوق طاقتها ما أدى الى انخفاض كلي في تمويل اللاجئين من غير السوريين. 
لكن التحدي الآن هو توفير حلول اكثر ديمومة على المدى البعيد للعراقيين، ومع استمرار انعدام الاستقرار في العراق بعد اكثر من أحد عشر عاما على الاجتياح الأميركي، فمن غير المحتمل ان يعود اللاجئون قريبا. وتقول السيد "نتيجة لذلك فإن اللاجئين العراقيين بحاجة الى المزيد من الحلول الدائمة". 

المدى


محرر الموقع : 2014 - 05 - 18