محمد باقر الحكيم قتل نفسه!
    
مرتضى ال مكي
بلا أدنى شك من يريد تحقيق مكسب دنيوي، يستفاد منه لتحريك أعماله وسياسته، سيتصنع التضحية، لكنه سرعان ما يتهرب منها، عندما يصدم بواحدة من أركانها، فتراه رافعاً راية الاستسلام، ظاهراً على حقيقة أخفاها.
كثير من عمل بهكذا منطلق، وأوهموا عوام الناس بمجابهتهم للطغيان، لكنهم وقعوا في فخ التضحية، وهربوا عندما تطلب الامر منهم تضحية ما.
آخرين ومنهم السيد محمد باقر الحكيم (رضوان الله عليه) قدموا الغالي والنفيس في سبيل تحقيق الهدف الأسمى، وجميعهم نجحوا أيما نجاح في إحقاق الحق، ورسم الخطوط العريضة للنهج الصالح، لكن، بعد سيل من التضحيات الجسام ودماء زاكية ملئت طرق التحرير.
كثير من العوامل جعلت من شهيد المحراب يقتل نفسه! أهمها حراكه الذي أحرج الكثير من رفاق الدرب، ناهيك عن الرجالات التي مهدت للحياة السياسية والجهادية التي عاشها السيد المُؤَبَن، فقد ترعرع على يد اسماء كبيرة صقلت شخصيته، وجعلتها مستعدة لتحمل المشروع.
كان السيد محمد باقر الحكيم مؤمناً بأن مشروعه بحاجة لتضحيات جسام ليستمر، إسوةً بالمشاريع الرسالية الكبرى الخالدة، فلم يهن ولم ينكل عندما ذبحوا أهلة على مقاصل الحرية، بل كان يعلم علم اليقين ان القافلة لابد ان تزج بالدماء لتنتج.
برأي الالباب ان شهيد المحراب انتصر عدة انتصارات، أولها الشهادة حيث تقول العلوية حرمه: (عندما كان يذهب الى الحج يتمسك بأستار الكعبة، يبكي ويطلب الشهادة ويرسمها لنفسه، فيقول ربي ارزقني الشهادة لأكون قطعة قطعة في سبيلك)، الانتصار الثاني هو القضاء على البعث وهذا يحسب لسياسته التي جعلت غرمائه في زاوية ضيقة، فجميعهم يحسدون حراكه في التأهيل للإطاحة بالبعث، الانتصار الثالث استمرارية مشروعه في قوة التأثير، فلا ننكر ان مشروع السيد الحكيم يمثل اليوم قطب الرحى، سواء على الصعيدين المحلي والدولي، وفي العلاقات السياسية والاجتماعية وغيرها.
الحراك المستمر لإنقاذ الوطن كما اسلفنا، والقرب اللامتناهي من المرجعيات بمختلف مسمياتها، والالتصاق الجماهيري القوي، والحراك الجهادي المستمر، كلها عوامل ووسائل جعلت من الحكيم يقتل نفسه! في جو مملوء بالتنافس السلبي، فلو اراد الحياة والرفاه السياسي لتجرد من تلكم العوامل ورأيناه اليوم متربعاً على كرسي الرئاسة بلا منافس.
خلاصة القول: محمد باقر الحكيم قتل نفسه، لكنه اعطى بقية عمره لمشروعه، وهذا حال العظماء يغذي مشروعه بدمائه، لتتولد خلفه رجال ما بدلوا تبديلا.
سلام.
محرر الموقع : 2018 - 03 - 13