أغتيال الامل
    

أحمد حيدر الحسيناوي

 

تكمن عظمة حياة الانسان بالهدف الذي يسعى الى تحقيقة خلال حياته، وحجم التضحيات التي يقدمها،والصعوبات التي يتخطاها، دون ان تثنيه عن هدفة، او تحبط من عزيمته وارادته، ومن هنا جاءت عظمةالسيد محمد باقر الحكيم، لسمو الغايات التي افنى سنين عمره، لتحقيقها وتطبيقها على ارض الواقع، باخلاصوشجاعة منقطعتا النظير.

 

وقفت اسرة آل الحكيم  كالسد المنيع ضد طوفان البعث الطائفي، الذي خُطط له ان يجتاح الاخضر واليابس،ويجرد شيعة العراق من هويتهم الدينية والثقافية، ويهتك مقدساتهم، ويخرب مراكزهم العلمية، ويزرع بذرةالتقسيم والشقاق في حوزتهم العريقة، ويصفي قادتهم ورموزهم، ويجعلهم آلآت بشرية تقتات الفتات، ويقدمهمهدايا للموت في حروبه الرعناء، ثم بعد كل ذلك عليهم ان يسبحوا بحب صدام وبطولاتة.

 

عاد السيد محمد باقر الحكيم الى العراق، بعد ربع قرن من التاريخ الحافل بالجهاد والمواقف المشرفة، فهوقائد مقاومة الكفاح وصوت المسحوقين داخل العراق، في المحافل الدولية وجمعيات حقوق الانسان ومنظماتالامم المتحدة. وسرعان ما استشهد السيد محمد باقر الحكيم بعد اربعة اشهر من عودته، وقد اغتيل الشهيدالحكيم لمواقفه القوية، التي تضرب مصالح القوى المتنفذه داخل العراق منها:-

 

  • اصراره منذ ان وطأت اقدامه تراب الوطن، على وحدة الشعب العراقي، وتمكين الشعب فقط من اتخاذقرارته المصيرية، وتشكيل حكومة عراقية ذات سيادة كاملة، تلبي رغبة هذا الشعب الحقيقية، عنطريق اقامة انتخابات حرة ونزية. وهذا مثل صدمة كبيرة لكثير من الدول، التي ظنت ان مقدراتالعراق وخيراته اصبح تحت وصاية هذه الدول!. 

 

  • دعواته المستمر في كل خطاباته للتمسك بالمرجعية العليا، وحفظ مقامها العالي عند جميع العراقيين،لكونها قلب العراق النابض الذي يتسع لجميع، والبوصلة التي تشير الى الاهداف الكبيرة والحقوقالجوهرية لهذا الشعب، دون الدخول في وحل التفاصيل الثانوية، والمهاترات الجانبية العقيمة. هذهالدعوات كانت تزعج الكثير ممن ينصب العداء لمرجعية النجف، وتضرب مصالح الكثير ممن كانوايتلهفون لزعامة البيت الشيعي.

 

  • حث الشعب العراقي للمطالبة بحقوقه المسلوبة، بالاضافة الى حجم الافكار المغيبة عمداً عن هذا الشعب، التي كان يبثها السيد الحكيم في الجماهير المتحمسة ، التي اخذت تنتهل من تلك الافكار النيرة، مثلحرية التعبير عن الرأي، والمطالبة باقامة انتخابات نزيه، وحق المشاركة الفعالة لجميع في العمليةالسياسية، وعدم السكوت عن الظلم والتهميش، والتأكيد على وحدة العراق. وغيرها من الافكاروالمطالب التي ترعب اصحاب الغايات السوداء، والمصالح الضيقه، والاجندة الخارجية.

 

  • لا يفوتنا ايضاً ان نذكر دور ازلام البعث في اغتيال سيدنا الشهيد، لدرايتهم الكاملة بالدورالجوهري الذيقام به الشهيد الحكيم، في فضح جرائمهم الطائفية والعرقية دولياً، وكشف زيف ونفاق نظامهم واعلامهم.بالاضافة لدورة الجهادي الذي قض مضاجعهم لما يقرب من ربع قرن. والذي ولد لديهم حقد دفين اتجاهشهيدنا الحكيم.

 

ايقنت جميع القوى الطامعة في السيطرة على مقدرات العراق، والتحكم بثرواته. سواء كانت تلك القوىخارجية او داخلية، ان وجود الشهيد الحكيم، يمثل خطراً حقيقيا في تحطيم احلامهم، وفضح مخططاتهمالخبيثة امام الشعب العراقي . فاشتركوا جميعهم في اغتيال امل الجماهير المظلومة، او على الاقل كانواجميعهم راضين، او غير معترضين عن هذه الجريمة النكراء.

 

ما علموا ان الافكار النيرة، عندما تتبلور في ادمغة العظماء، ثم تتدفق الى حيز الوجود، لن يستيطعوا تدميرهااو قتلها، حتى لو استخدموا جميع ترسانتهم العسكرية، واضخم وسائل اعلامهم المحترفة، بل على النقيض منذلك تماماً، ان دماء اولئك العظماء، ستروي تلك المبادى والقيم العليا، لتخضر وتزدهر في نفوس الاحراروالشرفاء مابقي فيهم عرق ينبض.

 

 

محرر الموقع : 2018 - 03 - 14