قانون الإنتخابات وتعديله.. في غرفة التشريح!
    

علي فضل الله

يقول غاندي: (لم أكن أحب بتعلم لعبة الشطرنج، لسبب بسيط، وهو إني لا أريد أقتل جيشي، ليحيا الملك)، حكمة بليغة تبين مدى الإيثار، لهذا القائد العظيم، وكأنه يريد أن يقول: أنا أضحي ويحيى الشعب، فهنالك فرق كبير، بين السياسي الذي يفكر بالوصول للسلطة، من أجل الفوز بمغانمها، والسياسي الذي غايته، أن يصل لدفة الحكم، من أجل إدارة الدولة، والوصول بها لبر الأمان، فالأول غايته تحقيق مصالح شخصية، وقد تكون في أحسن الحالات مصالح حزبية فئوية، أما الثاني فمراده أنبل من ذلك، وهو تحقيق المصلحة العامة.

المشهد السياسي العراقي، إشتدت ظلمة ليله وأدلهمت، بعد إجراء الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، التي كان من نتاجها، إبعاد كثيرمن رؤساء الكتل السياسية، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد، فأولى السهام التي أطلقت، من قبل الساسة الخاسرين، هو وجود عمليات تزوير في الإنتخابات، وهي متوقعة في أحسن الإنظمة، والمتوقع لا يحتاج إلى تهويل، بل نحتاج لحكمة وهدوء، من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية رغم قلتها، طوال المراحل السابقة، وعدم الإساءة للدولة العراقية، لأن ذلك له أثار سلبية، على المستويين الداخلي والخارجي، ولكن المؤسف إن هنالك حملة إعلامية كبيرة، يقف ورائها الإعلام الأصفر، الذي لم يكن همه نزاهة الإنتخابات، بقدر ما كان يريد الحط من قيمة العملية السياسية العراقية.

لذلك شهدنا حراك برلماني ملفت للنظر، لو إن البرلمان كان بهذا المستوى، منذ بدء الدورة التشريعية، لأكل العراق من فوقه ومن تحته، ولكنها (الغاية التي تبرر الوسيلة)، فأعضاء البرلمان الذين خسروا مقاعدهم، رغم عطلة البرلمان لإنتهاء فصله التشريعي، تسابقوا على عقد جلسة إستثنائية، ليس من أجل مناقشة أزمة الكهرباء أو المياه، أو لغرض حل معضلات كثيرة، تواجه الدولة العراقية، بل من أجل تشريع تعديل لقانون الإنتخابات، على أن يكون بأثر رجعي، متناسين القاعدة العامة( لا أثر لرجعية القوانين) والإستثناء الذي يرد على هذه القاعدة، إن حصل غايته تحقيق مصلحة عامة، وليس مصالح شخصية، كما حصل في تعديل قانون الإنتخابات الأخير.

أقر البرلمان العراقي في جلسته الإستثنائية التعديل الثالث لقانون إنتخابات مجلس النواب رقم45 لسنة 2013، وهنا وردت مخالفات كثيرة، أريد أن أسلط الضوء عليها:

1_ أقر هذا التعديل من خلال جلسة إستثنائية مفتوحة، أي أستمرت عدة جلسات لعدة أيام، والمحكمة الإتحادية وضحت يجب أن لا تكون جلسة واحدة.

2_ إن الدستور العراقي بين، إن عملية إجراء الإنتخابات، من إختصاص المفوضية المستقلة للإنتخابات، والمتضرر من عمل المفوضية، يتقدم بشكوى للجنة القضائية، المتواجدة ضمن المفوضية، والمتضررمن قرارات تلك اللجنة، بخصوص نتائج الإنتخابات، له حق الطعن بقراراتها، لدى المحكمة الإتحادية، يتبين لنا إن المفوضية هي من تصادق أوليا" أو تلغي النتائج، ثم المصادقة النهائية من قبل المحكمة الإتحادية، ولذا فإلغاء النتائج ليس من إختصاص البرلمان، لأن إختصاصاته مبينة م61 .

3_ قيام البرلمان بإلغاء النتائج، ضمن هذا التعديل، يعد مخالفا" للمادة الدستورية 47 التي نص على وجوب الفصل بين السلطات، ومخالف لنص المادة 13 ثانيا" التي تنص على عدم صحة أي تشريع يتعارض ومواد الدستور العراقي.

4- جاء هذا التعديل مخالف لنص م73 ثالثا"، من الدستور العراقي، التي أشترطت مصادقة رئيس الجمهورية، للقوانين التي يسنها مجلس النواب، وخلال 15 يوم. فالمصادقة والنشر الغرض منها، هو إعلام موظفي الدولة بالتشريع لتطبيقه، والنشر غرضه إعلام المخاطبين بهذا التشريع، وكان من البداية هذا التشريع معيب بعيب الغاية.   

محرر الموقع : 2018 - 06 - 09