صور جديدة من مجزرة سبايكر
    
                              

  عادل الموسوي :

بني عمنا لا تنشدوا الشعر بعدما 
                  دفنتم في صحراء الغمير القوافيا
    مطلع لابيات رددها الهادي العباسي وهو يتخطى رقاب العلويين مجزرين تتراقص اشﻻئهم تحت قدميه في تلك العاصمة المشؤومة في زمن غابر مضى .
   وبمثل تلك الابيات تقربت ايادي من بني عمنا الى الله - بزعمها - بمجزرة نحتاج الى وقت طويل جدا قد يستوعب فسحة الاجل لنصوغ بعض كلمات تتناسب مع فاجعتها الاليمة لتصوير ما جرى .
  سبايكر ، وما ادراك ما سبايكر ثم ما ادراك ما سبايكر ، ..مجزرة هي خلاصة التاريخ بين اتباع مذهب اهل البيت ع واتباع مدرسة الخلفاء ..
  في القراءة الرابعة لتلك الفاجعة لن ابكي تلك الاضاحي ، فلا فائدة للدموع ان لم تكن دما ، سأحاول ان انظر بزاوية اخرى لم تستهلكها الاقﻻم والافﻻم واللوحات .. سأحاول عرض صور جديدة لمجزرة سبايكر .

الاولى : الحاجة الى العمل : 
" ان النفس ان احرزت قوتها اطمئنت " 
  وانى لها ان تطمئن وهي لا تجد فرصة للعمل ، مخرجات التعليم العالي ومدخلات سوق العمل ، وزارة التخطيط ووزارة العمل ، انواع البطالة ومعدلاتها في العراق ، الواقع والطموح وعناوين اخرى جاهزة للندوات والمؤتمرات .. لست مختصا .. لكني لا احتاج المصادر فالامر ليس تاريخيا بل هو واقع معاش ، من المسؤول عن توفير فرص العمل ؟  من المسؤول عن احتكار الفرص ؟ 
   في تلك الفترة - قبل احتلال الموصل وصدور فتوى الدفاع  - لا اعتقد ان هناك من تطوع - عقيدة - للذود عن العراق وحمى العراق ومقدساته .
  وفي تلك الظروف الامنية غير الآمنة من ذا الذي يرغب بالتطوع الى الجيش او اي من القوات المسلحة ؟! واي والدة ترسل ابنها الى محافظة من محافظات بني عمنا ؟!
   لا شيء غير الحاجة وهل هناك غير الحاجة ، الحاجة التي قد لا تستطيع معها ان تشتري حتى " حاجة بألف او حاجة بربع "
لقد حرمت تلك الارواح - الطامحة الى فرصة عمل لتلبية الحاجة - حتى من تنفس الحاجة المبذولة بالمجان .

الطموحات : 
  في العراق ل " شعب الله المختار" طموحاتهم .
  وطموحاتنا نحن - شعب الله المحتار - في العراق متواضعة محورها لا يتعدى الزواج وتكوين الاسرة ، فإن زادت قليلا فالاستقلال ببيت صغير وربما سيارة صفراء صغيرة .
تلك الطموحات لتلك المواليد - التسعينية الصغيرة - ... ذبحت على نهر دجلة ، وبعضها طمرت حية في تلك الارض المشؤومة .

الارائك المريحة : 
الارائك المريحة واجهزة تكييف الهواء والارجل المتدلية فوق الاخرى متحركة كبندول الساعات القديمة ترسم خيالا واسعا للتمنطق بطرا وتنتقد بكلمات احر من تلك الرصاصات التي مزقت تلك الاوصال النحيلة .. لماذا فعلوا كذا ؟ لماذا لم يفعلوا كذا ؟ لو كنت مكانهم لفعلت وفعلت ، ويسوق اساطيرا من البطولة الخرقاء الرعناء ، هه ..لو كان مكانهم .. !! مكانكم ايها المتقابلون على ارائك الدنيا مكانكم ، لاتلعقوا دماء الشهداء تدخرون محاجم بل قرابا من دماءهم ليوم حسابكم ، لا تنكأوا  جراحاتهم ارجوكم فهي لا تزال ولم تزل طرية شاخبة ، التفتوا الى تسريحات رؤوسكم وكي قمصانكم وتلميع احذيتكم ومواعيد صويحباتكم .. كفاكم .

خفقات القلوب : 
يا ترى وفي تلك اللحظة التي ادركتم بها مصيركم كيف كانت خفقات قلوبكم الصغيرة .. لقد كانت قلوبكم  طرية ناعمة رقيقة الشغاف .. عجبا بقاؤها على قيد الحياة الى حين موتكم .. انفاسكم هل كانت سريعة ؟ ما كان دعاؤكم وتوسلاتكم للنجاة ؟ هل اذهلكم عنها هول ما قبل المطلع ؟ ام حالت دونها انفاسكم اللاهثة ، وتلكأتها السنتكم البيضاء المتخشبة وشفاهكم الزرقاء اليابسة ؟ كيف كنتم تنظرون الى الموت ؟ كيف كنتم تتقدمون اليه مطئطئين له الرؤوس مكتوفين له الايدي ؟ الى اي خطوة من الخطوات الى الموت كنتم تأملون النجاة والحياة ؟ ما كان وقع الرصاصات في رؤوسكم ؟ كيف احسستم بها ؟ هل آلمتكم ؟ والسقوط على منصة النحر ؟ ورفسة الجزار ، هل آلمتكم ؟ سقوطكم في الماء مكتوفين ؟ شهيقكم زفيركم ؟ هل ادرك ان يبتل بالماء ريقكم  ؟ هل رأيتم اصطباغ النهر بدمائكم ؟ في تلك اللحظة .. تلك اللحظة هل تقلبت صور امامكم ؟ الامهات ، الاباء ، الاحباء .. ؟ ما اخر صورة لكم من الدنيا ؟ ما اول صورة لكم في الاخرة ؟ هل كان الموت شاقا ام ما قبل الموت ؟ في تلك اللحظات هل احست امهاتكم بخفقة قلب او احساس غريب كئيب ؟ هل نعب امام دورهن صباح ذلك اليوم غراب ؟ بعد كم من الوقت علمن بفراقكم لهذه الدنيا ؟

الجزارون :
قيل انهم الموتورين بسقوط هبل العظيم ، ابناء وعشائر الﻻت والعزى وبقايا حزب الشيطان .
وقيل التكفيريون السلفيون الارهابيون " داعش " وقيل .. لكن الجامع المانع لهم انهم اتباع مدرسة الخلفاء من بني عمنا .. 
يا ترى ما اول فكرة جالت برؤوسكم عند رؤيتكم لاولئك العابرين للسبيل ؟ هل هم مقاتلون ؟مسلحون ؟ يرتدون زيا عسكريا ؟ جيش ، شرطة ، طﻻب ..؟ سنة .. شيعة ؟ من صاحب فكرة الغدر والقتل ؟ ام وشجت عليها اصولكم  وتآزرت عليها فروعكم ؟ وانت اليها الجزار هل سمعت توسلات الضحايا ؟ هل شككت ببرائتهم ؟ الم يضعفك ارتجاف حدقات عيونهم ؟ صوت انفاسهم ؟ ارتباك اصواتهم ؟ لي رقابهم ؟ ارتجاف اوصالهم ؟ هل بدا لك ان تتراجع ولو للحظة ؟ ما شعورك وانت تلقم الرصاصة ؟ ما شعورك وانت تلمس الزناد ؟ كم من اجزاء اللحظات قضيت بين اللمسة والضغطة ؟ الم تتلكأ .. الم تتردد ؟ ما شعورك وانت تضغط الزناد ؟ هل كان أذنك عند صوت الاطلاقة ام عينك عند مكان الاصابة ام كانت على الضحية التالية ؟ كم قتلت وهل ارهقك القتل ؟ هل ندمت ولو للحظة وشعرت انه قد فات الفوت ولافائدة من التوقف ام كنت منتشيا بالقتل ؟ هل اصابك من دمائهم شيء وهل غسلت يديك واثوابك ؟ هل توضأت وصليت عصر ذلك اليوم ام كان الجزر بعد الصﻻة ؟ هل هومت عيناك بالنوم تلك الليلة ؟ هل ترائت لك اشباح الضحايا ؟ هل جلست من نومك متمطيا ؟ هل بدأت يوما عاديا ؟ اراك محترفا لا مكترثا ، هل كانت لك سابقة بالقتل ؟ اسرى الانتفاضة الشعبانية مثلا ؟ غيرها ؟ هل تعتقد بالاخرة ؟ هل تعتقد بشرف العائلة ؟ لماذا تضع اللثام على وجهك ؟ ممن انت مستح او ممÙ!
 † انت خائف ؟

منظمة العفو الدولية والمنظمة العربية لحقوق الانسان : 
مصادر // ادانت منظمة العفو الدولية والمنظمة العربية لحقوق الانسان اصدار احكام بالاعدام على منفذي جريمة سبايكر ... 
وكانت المنظمة العربية مستاءة جدا لسوء معاملة المحكومين من سوقهم كالاغنام وضربهم واسماعهم كلمات طائفية .. " ايباخ "

المحكومون :
كيف بك وانت تعلم بأن اسمك ورد في قائمة المطلوبين ؟ كم من الأشهر بقيت هائما خائفا تترقب ؟ ما شعورك بلحظة القاء القبض ، دخول السجن ، التحقيق ، صدور الحكم ، مواجهة عوائل الضحايا يوم التنفيذ ؟ هل شاهدت امهات الضحايا ؟ هل سمعت اصواتهن ودعواتهن ؟ ما شعورك عند ارتقائك منصة الاعدام ، وعند لف حبل الشنق حول عنقك ؟ هل ترك لك المنفذون مجالا للنطق بالشهادة ؟ هل تحتاج الى النطق بها ؟ هل امهلت ضحاياك النطق بها ؟ هل وجدت فرقاً بين ما عاملت به وما عوملت به ؟ ما هو شعورك بعينيك والحبل يضيق الخناق ؟ ما اخر صورة لك من الدنيا وما اول صورة لك من الاخرة ؟ هل علمت امك بفعلتك وهل علمت باعدامك ؟

لدي صورة اخيرة عن "الشعب المختار " 
لا ادري ان كنت سأعرضها في وقت لاحق ام لا .

الى روح شهداء العراق المباركة الفاتحة .

 


محرر الموقع : 2018 - 06 - 22