المثقف ودوره في الأزمات
    

لقد دقت الساعه لأن يأخذ المثقف دوره التاريخي بصناعة التاريخ . دور أختارته له طبيعة مهمته التي أختارها لنفسه منذ أعلن عن صفته الثقافيه, ومن نافلت القول أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يخطو للأمام ولو خطوه واحده أذا لم يكن للمثقف دورآ في ذلك, فهو داينمو الحراك الأجتماعي والثقافي, وهو العين الكاشفه لسلبياته والمشخصه لأيجابياته والدليل الناصح لأنجع أهدافه, وهو المدافع عن حرية أنسانه, وهو الحارس لقيمه الأصيله , والناقد لكل القيم والعادات الكابحه لحركة تقدمه, وهو المدافع عن حقوقه, وهو المستشرف لمستقبله,وهو الموجه لقيادات البلد . أن المثقف الذي يحمل على كاهله كل هذه المهام هو من يستحق أن نطلق عليه المثقف المناضل, أما المثقف الذي يأنف من المجتمع ويتعالى عليه , فهو غير جدير بهذا اللقب ولا يستحق هذه الصفه مهما حاول أن يدعيها.

اليوم المثقف عليه من الواجب أكثر من أي وقت مضى, والسبب هو ما تعيشه مجتمعاتنا من حالة تحول دراماتيكي قد تهوي به الى سقوط مروع , وقد يرتقي الى مستويات حضاريه عاليه بفعل جهود أهم فئه أجتماعيه الا وهم المثقفون.

اليوم مجتمعنا يعيش أرهاصات صعبه وخطيره تجعله على مفترق طريق بين أن يهوي , وبين أن يرتقي بين الشعوب, وهنا على المثقف أن يأخذ دوره الوطني بسبب قدرته العاليه على أستشعاره المسبق بوجود الأزمات قبل أن تصل للأنفجار, وهو القادر أكثر من غيره على فهم أبعاد المشكله , والقادر أكثر من غيره بالقيام بالدور التوعوي في الوسط الأجتماعي باعدآ شبح الأزمه التي يمكن أن تعصف بالمجتمع وتسبب له أبلغ الضرر.

السؤال الذي يطرح نفسه عن دور المثقف ,هل هو دورآ قياديآ في زمن الأزمات أم تأخذه حومة الضجيج ويتماهى معها, أم يقف على التل يتشفى بواقع لم يعجبه يومآ فنأى عنه بنفسه.

المثقف له قدره يتفرد بها عن غيره , وهي القدره على عدم الأنجرار والتأثير بالعقل الجمعي للمجتمع الذي يغلي بسبب ما يتعرض له من ظروف صعبه.

أن فارس الساحه الآن ينبغي أن يكون المثقف لأنه هو صاحب الكلمه والرأي, وهو من تشرئب له أعناق المخنوقين بواقع الأزمات الحاده وعليه هو الأستجابه للواجب الوطني والأنساني والديني , أنها فرصه ذهبيه له وشرف أن يأخذ موقع المسؤوليه في هذا العمل الوطني , وهذا يتطلب أن يتمتع بمواصفات الأخلاص والحياد لكي يمكن الركون اليه الى ما يعطيه من أرشادات توعويه تسهم في حل الأزمه وتبيان كيفية الأستعداد لها ومواجهتها وخاصه عندما تكون الأزمه يتعرض فيها الوطن للتهديد فيكون السد المنيع والجدار العالي للوقوف بوجه كل العواصف المدمره التي يمكن أن يتعرض لها البلد سواء داخليآ أو خارجيآ وأن يتحلى بالذكاء والأتزان حتى لا يزيد من حدة الأحتقان المجتمعي الذي يولد أنفجار يصعب السيطره عليه. فهو ينبغي أن يكون الكابح لكل التوترات الطائفيه والحزبيه والمناطقيه. هذا المثقف يتطلب منه أن يتحلى ببعد أخلاقي عالي يمنعه من الأنجرار للمواجهه أذا تعرض مثلآ لأذى من مشاكس أو مخالف فلا يتجرجر الى موجهات تعرض نزاهته للأنحراف فيكون أحد أركان الأزمه.

أن واجبات المثقف جسيمه وهي ضريبه يدفعها خاصه أولئك المثقفين الذين يعيشون في مجتمعات تعيش طور التغير السريع كمجتمعنا العراقي الذي جاء بزمن لم يستعد له فجرفته موجة التغيرات الكبيره والسريعه في غفله من الزمن.

لا شك أن المثقف يحمل رساله ساميه قد لا يتشرف بها غيره, رساله الوعي والنصيحه للحاكم والمحكوم , فمره يأخذ جانب العمل الوقائي بأستشراف الخطر من بعيد , ومره يأخذ دور المعالج أذا أقتضى الأمر, وأن تأخر في أداء الواجب فسوف لن يرحمه التاريخ عندما  ينأي بنفسه ويترك الحبل على الغارب , فهو السد الذي تتكسر على صخرة جداره الأشاعات المرجفه ,كما أنه الجندي الذي يقف بوجه الغوغاء فيطفئ النار الذي يشعلونها بغضبهم الغير منضبط , وقد يكون وحيدآ بالساحه لما يحمله من أراء تعاكس الشارع الصاخب والمنفلت , فالسياسي قد يركز على الحاضر وينشغل به بينما المثقف يغور في الماضي ويستقرأ أحداثه ويعرف أحتمالات المستقبل وهذا ما لا يتمتع به السياسي الا ما ندر .

أن من أهم أختصاصات المثقف هو كشف زيف الواقع وتبيان ما أختلط حابله بنابله , والمتبني لهمومه والمدافع عن مصالحه , لكن وبنفس الوقت لا يمكن أن يكون متملقآ للجمهور أذا لمس أنحرافآ في سلوك كما هو ذات الموقف مع الحكومه المستبده والفاسده على خد سواء لأن المثقف المجامل والجبان يسقط منه أهم شرط الا وهو الشجاعه والأصرار على الحق , هذا هو عين ما قاله علي بن أبي طالب (ع) (لا تستوحشوا طريق الحق لقة سالكيه) .

أياد الزهيري

 

محرر الموقع : 2018 - 07 - 18